2 أغسطس، 2017 1502 مشاهدات
منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011 لم تتدخل مصر في الشأن الداخلي السوري، وذلك في إطار العقيدة الراسخة لدى الدولة المصرية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إضافة لرفض القاهرة دعم أي طرف من أطراف الصراع السوري عقب التحول من مرحلة الاحتجاجات السلمية إلى مرحلة المواجهة المسلحة مع نهاية عام 2011.
وأكدت الدولة المصرية في عدة مناسبات رفضها لعمليات القتل ونزوح الملايين الناجم عن الصراع المسلح في سوريا، موضحة أن نزيف الدم السوري وغياب الأفق السياسي لم يعد أمر مقبولا استمراره، داعية لوقف فوري وشامل لكل الأعمال العدائية في جميع أنحاء سوريا، ما يمكن أن يمهد لحل سياسي يحقن دماء ووحدة الشعب السوري وسلامة دمشق الإقليمية ومؤسسات دولتها، ويحقق طموحات السوريين، ويمنع استمرار الفوضى التي لم تؤد إلا لتفشي الإرهاب.
التعليقات الصادرة من القاهرة عن الأزمة السورية وضرورة وقف شامل وفوري للعنف في البلاد، تبلور في شكل تحرك قادته مصر بالمشاركة مع روسيا والمعارضة السورية المعتدلة ممثلة في تيار الغد السوري الذي يرأسه السيد أحمد الجربا، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نجاح القاهرة وموسكو بمشاركة المعارضة السورية المعتدلة في توقيع اتفاق التهدئة في غوطة دمشق الشرقية، وما تبعه من إدخال المساعدات الإنسانية إلى أبناء الشعب السوري في مناطق الغوطة الشرقية المحاصرة منذ ما يقرب من خمس سنوات.
ولم يشمل اتفاق الغوطة الشرقية جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة وفيلق الرحمن، وذلك لرفض الدولة المصرية التعامل مع أي كيانات إرهابية أو متطرفة مدعومة من أطراف إقليمية للعبث بأمن واستقرار سوريا وعرقلة أي حل سياسي في البلاد، وهو ما جعل القاهرة وسيطا نزيها في أي عملية تفاوضية لإقرار تهدئة أو وقف لإطلاق النار في سوريا.
التحرك المصري مع الجانب الروسي لإقرار التهدئة في غوطة دمشق الشرقية دفع عددا من المراقبين لطرح عدد من التساؤلات، ومن أبرزها هل تعلن القاهرة عن وساطة جديدة لإقرار التهدئة في مناطق سورية جديدة؟ وهل تلتزم حكومة دمشق بالاتفاق؟ ومن هو الضامن للاتفاق؟. أسئلة عديدة طرحها عدد من المتابعين للشأن السوري في محاولة لفهم طبيعة التحركات التي تقودها الدولة المصرية مع روسيا الاتحادية. اللافت للنظر في الاتفاقات والتفاهمات الأخيرة التي جرت في القاهرة، والتي تمخض عنها توقيع اتفاق تهدئة بالغوطة الشرقية استبعاد الائتلاف السوري المعارض الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان والمخابرات التركية، وهو التحرك الذي سيؤدى لإنجاح أي مفاوضات مستقبلية لإقرار وقف إطلاق نار أو هدنة في سوريا.
ويتوقف نجاح الهدنة على التزام الجيش العربي السوري بعدم خرق الاتفاق أو استهداف الفصائل التي وقعت على أي اتفاقات يمكن أن تتم، إضافة لوجود ضامن قوي وحاسم لضمان إقرار الهدنة بعيدا عن تركيا التي تورطت في سوريا ودعمت جماعات إرهابية ومتطرفة لخدمة مشروعها وأجندتها التي تسعى خلالها لتقسيم سوريا والقضاء على المكون الكردي الذي يسيطر على الشمال السوري.
ولعل المتابع للرؤية المصرية تجاه حل أي أزمة إقليمية تتمثل في عدة نقاط أساسية تتمسك بها القاهرة، ويأتي على رأسها ضمان وحدة الأراضي وعدم السعي إلى تقسيمها، إضافة لمطالبتها وقف إطلاق نار شامل بكافة الأسلحة، ومحاولة تهيئة المناخ للأطراف المتصارعة لدفعها نحو السياسي واستبعاد أي حل عسكري للأزمة، إضافة لدعم وإغاثة المدنيين عبر إدخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والطبية، والتأكيد على رفض مشاركة أي فصيل إرهابي متطرف يسعى لتفتيت الأوطان وتقسيمها.
التحرك الذى تقوده القاهرة مع موسكو بمشاركة فصائل معتدلة دفع عدد من الفصائل التي تدعمها تركيا بالمال والسلاح، لمحاولة إفشال أي محاولات لإقرار السلام ووقف إطلاق النار في الأراضي السورية، وهو ما يثير علامات استفهام حول طبيعة الدور التركي في سوريا، وسبب تمسك تلك الفصائل التي يفترض أنها سورية بتركيا التي تسعى لإسقاط مؤسسات الدولة السورية، إضافة للتخوف التركي من أي دور مصري في المنطقة يعزز السلام والاستقرار في سوريا.
يذكر أن الدولة المصرية نجحت بمشاركة روسيا، في إبرام اتفاق لخفض التصعيد العسكري بين المعارضة المسلحة والجيش العربي السوري في الغوطة الشرقية بريف دمشق، والذي تم توقيعه في القاهرة من قبل ممثلين عن الحكومتين المصرية والروسية، ورئيس تيار الغد السوري السيد أحمد الجربا ممثلا عن الفصائل المسلحة المعتدلة، جاء بعد مشاورات استمرت لثلاثة أيام في القاهرة، وهو ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية 22 تموز/يوليو الماضي أن مسئولين من الوزارة وقعوا اتفاقا مع فصائل معارضة سورية معتدلة، خلال مباحثات سلام في القاهرة حول آلية عمل منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية.
وفى هذا الإطار، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لها، إنه نتيجة للمحادثات التي جرت في القاهرة بين مسئولي وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة، تحت رعاية الجانب المصري، تم توقيع اتفاقات جدية حول آلية عمل منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية.
تيار الغد السوري أعلن من جانبه أن رئيسه السيد أحمد الجربا أنجز وساطة مهمة من أجل تحقيق وقف إطلاق نار كامل في منطقة الغوطة الشرقية بين النظام والمعارضة، بالتنسيق مع الحكومة المصرية ووزارة الدفاع الروسية، وذلك في إطار المساعي من أجل حقن دماء السوريين وتحسين الأوضاع الإنسانية في البلاد.
صحيفة انفراد المصرية
أقسام
من الانترنت