كيف تخرج المعارضة السورية من مأزقها

مرت الثورة السورية بالعديد من المحطات وصلت بها إلى ما وصلت إليه اليوم، وكانت الثورة قد حظيت بتأييد أكثر من مائة دولة وكلت إحدى عشر منها بإدارة ملف مساعدة...
منذر آقبيق المتحدث باسم تيار الغد السوري
مرت الثورة السورية بالعديد من المحطات وصلت بها إلى ما وصلت إليه اليوم، وكانت الثورة قد حظيت بتأييد أكثر من مائة دولة وكلت إحدى عشر منها بإدارة ملف مساعدة السوريين على تحقيق الانتقال السياسي، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية، الأردن، مصر، قطر، وتركيا. وبدا للسوريين أن وقوف هذه الدول بحجمها وتأثيرها الهائلين معهم كان كافيا لتحقيق الانتصار وأن الأمر مسألة وقت فقط.
ولكن سرعان ما حصل تطوران هامان تسببا في زعزعة التحالف ضد نظام الأسد، الأول هو بروز خلافات وتنافسية بين الدول الإقليمية التي تدعم الثورة أدى بها إلى خلق وكلاء من المعارضات السورية السياسية والمسلحة يتنافسون فيما بينهم، وأصبح التقاتل والخلافات الداخلية بينهم سمة ثابتة يتصفون بها. والثاني هو دخول تنظيمات متطرفة إرهابية مسلحة على الخط مثل تنظيمي “القاعدة” و”داعش” وتواجدت بقوة على الأرض وحاولت أن تخطف الثورة لصالح مشروعها الأيديولوجي المعادي لمبادئ الثورة نفسها وهي الحرية والكرامة والديمقراطية، مما سبب الهلع للدول الغربية من أن تكون تلك التنظيمات هي البديل عن الأسد وبدأت معها بالتراجع خطوات إلى الوراء.
ورغم أن العديد من سياسيي الغرب اعترفوا لاحقا بأنهم أخطؤوا في اعتقادهم أن الأسد سوف يسقط خلال فترة قصيرة، إلا أن الاستراتيجية الغربية في ما يتعلق بمساعدة المعارضة السورية على الأقل منذ حزيران/يونيو عام ٢٠١٢ عندما أبرم الاتفاق الأمريكي الروسي المسمى “بيان جنيف”، كانت أهدافها مقتصرة على إحداث الضغط الكافي على نظام الأسد كي يتنازل على طاولة المفاوضات ضمن حل سياسي وليس عسكريا.
ولكن رغم ذلك كله، استمرت قوى الثورة في تحقيق إنجازات على الأرض وسياسيا، فقد شارك الائتلاف الوطني المعارض في مؤتمري مونترو وجنيف أوائل العام ٢٠١٤، وحشد تأييدا عالميا كبيرا لقضية السوريين، وبعد إعلان المبعوث الأممي آنذاك “الأخضر الإبراهيمي” أن سبب فشل المفاوضات هو من جانب النظام، تصاعدت المساعدات القتالية للمعارضة المسلحة، مثل صواريخ التاو وغيرها، والدعم السياسي الذي توّج بلقاء في البيت الأبيض بين رئيس الائتلاف آنذاك “أحمد الجربا” والرئيس باراك أوباما، وبدا مرة أخرى أن النظام في طريقه إلى السقوط.
وعندها أتى التطور الرئيسي الثالث، وهو التدخل العسكري الروسي المباشر في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٥، وقلب الأوضاع الميدانية رأسا على عقب، بدأ المحللون الاستراتيجيون يقولون إن روسيا كانت دائما متقدمة بخطوات عن الغرب المتردد في ذلك الصراع.
والآن بعد سنة ونصف من التدخل الروسي، رضخت دول أصدقاء سوريا وسلمت بإدارة روسية شبه كاملة لملف الصراع بين المعارضة والنظام، واكتفت بمد المعارضة ببعض الاستشارات في المفاوضات، ودعم فرق الدفاع المدني الإنقاذية، إضافة الى إدارة الحرب على داعش في المنطقة الشرقية لسوريا.
ووجدت المعارضة السورية نفسها يتيمة بعد تلك التطورات، وأصبحت بحاجة إلى تغيير كامل في سياساتها واستراتيجيتها. لم يعد، مثلا، من المعقول أن تستمر المعارضة في إصدار بيانات الشكوى من تصرفات النظام وداعميه وتذيلها بعبارة “نطالب بلجم ومحاسبة وكذا وكذا”، نطالب مَنْ؟ فالولايات المتحدة لم تعد شرطي العالم منذ نهاية عهد الرئيس جورج بوش الابن، وبقية الحلفاء يقولون للمعارضة: إذا أردتم حلا، اذهبوا إلى موسكو.
وجزء رئيسي من مأزق المعارضة هو من صنع أياديها، فقد أصرت أطراف منها، وتحمل صفة رسمية، على ممارسة السياسات الشعبوية والمزايدات، والمحاصصة في كل شيء، والتردد في المواقف من المنظمات الإرهابية، والخلل التنظيمي في مؤسساتها، والسماح بتأثير هائل لبعض الدول على قراراتها، وإقصاء أطراف هامة من العمل المشترك بهدف الاستحواذ أو بتعليمات من دول معينة، وغير ذلك من الأخطاء والمشاكل التي أصرّ البعض على ممارستها رغم تنبيهاتنا المتكررة.
والآن توجد ضرورة قصوى وملحة لتصحيح تلك الأخطاء التي تسببت في حالة انعدام وزن للمعارضة، وقد تكون هذه الفرصة الأخيرة لبناء قوة تأثير ذاتية للمعارضة السورية، بحيث يكون دعم الحلفاء موجها لزيادة تلك القوة، وليس لبنائها من الصفر.
وحتى تستطيع المعارضة إحداث التأثير المطلوب عليها أن تتبع سياسات محددة تمكنها من ذلك. وسوف نستعرض تلك السياسات على النحو التالي:
١- وفد تفاوض متماسك: تجنح موسكو حاليا، وباتفاق مسبق مع واشنطن، نحو تخفيف العمليات القتالية بين المعارضة المسلحة والنظام ماعدا التنظيمات الإرهابية، وهذا التخفيف في التصعيد، إضافة إلى فقدان الفرصة لإحداث التغيير السياسي عن طريق الضغط العسكري، يؤدي إلى انتقال الصراع من ساحته العسكرية إلى تلك السياسية والتفاوضية. المعارضة السورية وافقت على الحلول الدولية المتمثلة في بياني جنيف وفيينا وقرار مجلس الأمن الدولي ٢٢٥٤، وبالتالي فإن عليها الآن دخول معترك المفاوضات السياسية بقوة وحنكة، وهذا يتطلب شروطا أساسية معروفة في علوم التفاوض السياسي، أولها أن يكون الوفد المفاوض على أعلى درجات التماسك، فمن غير المعقول أن تدخل المعارضة مفاوضات من أجل حل قضية بالغة في التعقيد بعدة وفود، أو بوفد واحد ولكن كل عضو من أعضائه يغني على ليلاه. هذه وصفة للفشل المؤكد، والفشل هنا غير مسموح به، لأن ملايين السوريين المكلومين والمعذبين ضمن هذا الصراع يتطلعون إلى أن تكون تضحياتهم ذات معنى، وينتج عنها انتقال حقيقي نحو الحريات والديمقراطية.
حتى يتم هذا التوحد يجب على أطياف المعارضة المختلفة أن تتفق فيما بينها على ميثاق شرف، وخطة للتفاوض، ووفد واحد تابع لهيئة تملك هرمية مؤسساتية يحترمها الجميع. المبدأ الأساسي الذي يتم الاتفاق عليه هو الانتقال السياسي الحقيقي نحو حكم جديد غير طائفي وذو مصداقية ويشمل الجميع، كما نصّ عليه قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وبحسب بيان جنيف، وغيرها من المبادئ الخاصة بالتغيير الديمقراطي المنصوص عليها في تلك القرارات.
مبدأ آخر لعلوم المفاوضات هو أنها يجب أن تبدأ بأعلى سقف ممكن، ويجب أن لا يعلم الخصم ما هو السقف المحدد مسبقا للنزول إليه خلال التفاوض، لذلك فإن اتفاق أطياف المعارضة فيما بينها حول استراتيجية التفاوض وتصوراتها لمخرجاته يجب أن يكون غير معلن.
٢- الحفاظ على المكتسبات: الذهاب إلى الحل السياسي لا يعني تصفير مكتسبات الثورة، يوجد حاليا بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وسمحت اتفاقيات وقف إطلاق النار الأخيرة في الجنوب الغربي “درعا والقنيطرة” والغوطة الشرقية لدمشق، والريف الشمالي لحمص، للمعارضة المسلحة بالاحتفاظ بسلاحها الثقيل منه والخفيف، ولم تنص الاتفاقيات على تهجير، وكذلك لن تدخل قوات مسلحة للنظام أو حلفائه إلى تلك المناطق. وستدار هذه المناطق من قبل هيئات ومجالس محلية منتخبة، وتفتح المعابر لمرور البضائع والأشخاص بموجب تلك الاتفاقيات.. هذا الوضع يعتبر مصدر قوة للمفاوضين المعارضين، وتتعزز هذه الرافعة بمقدار قدرة تلك المناطق على تحقيق خدمات معقولة للمواطنين، والتوقف عن التقاتل الداخلي بين فصائل المعارضة. تقوم الإدارات المدنية والفصائل في حال تحقيقها لهذه الشروط بدعم الموقف التفاوضي للوفد المعارض في جنيف.
مكتسبات أخرى للثورة السورية لا تقل أهمية، وهي القرارات الدولية ذات الصلة. كل من بياني جنيف وفيينا وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، إذا ما قيّض لها أن تتحقق بكامل بنودها، فإنها تحقق أغلب إن لم يكن كامل أهداف الثورة، إذاً المرجعات الدولية للمفاوضات هي في صالح المعارضة وعلى المعارضة أن تستخدمها كمصدر قوة لها في المفاوضات. ومن المعلوم أن التسوية النهائية هي ما تتفق عليه الأطراف بغض النظر عن المرجعيات، لذلك على المعارضة أن تكون حذرة للغاية تجاه أي تنازل عن أي من بنود تلك المرجعيات.
مصدر قوة آخر للمعارضة، هو أن أي تسوية لا يمكن لها أن تتم إلا بموافقتها، وبالتالي عليها أن تكون واثقة وصلبة في التفاوض رغم ما يظهر من ظروف ميدانية ودولية ليست في مصلحتها.
٣- إزالة سلبيات التدخلات الخارجية: إن الدول التي تساعد المعارضة السورية لديها سياسات مختلفة، وأحيانا تتصادم فيما بينها كما أسلفنا. يجب إخراج تأثيرات المحاور الإقليمية من المعادلة بالكامل. وإلا فإن تلك التأثيرات سوف تسبب خللا في تماسك الوفد المفاوض وتوحيد استراتيجياته. رأينا مثالا على ذلك عندما حاولت دولة إقليمية تخريب اتفاقيات وقف إطلاق النار في بعض المناطق لأنها تمت برعاية دولة أخرى هي على خلاف معها. ليس من المطلوب أن يكون وفد المعارضة السورية إلى المفاوضات على عداء مع هذه الدولة أو تلك، بل بالعكس، يجب أن تبنى علاقات ممتازة مع جميع الدول التي تساعده، والعلاقات تبنى كالعادة بناء على مشاعر الإخوّة والصداقة مع دول الإقليم، إضافة إلى المصالح المشتركة، ولكن يجب أن يكون جميع أعضاء الوفد المفاوض لديهم القدرة على وضع خطوط حمراء للتدخل عندما يكون لصالح سياسات وخلافات خارج الشأن السوري، ومتعارض مع مصالح سوريا وطنا وشعبا.
٤- موضوع بشار الأسد: تتوالى تصريحات دول أصدقاء سوريا حول عدم وجود شرط مسبق للمفاوضات يتعلق بمغادرة الأسد للسلطة، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن عملية سياسية تفاوضية وثم دستورية، وأخيرا انتخابية. وبدا هذا الموضوع سببا في خلافات المعارضة فيما بينها حول ما الذي يجب عليها أن تكتبه في إعلانها المشترك. هل يغادر قبل المرحلة الانتقالية، أم في منتصفها، أم في آخرها.. إلخ. إن أطياف المعارضة السورية في الوقت الراهن هي معارضة ثورية، بنيت مؤسساتها على شرعية ثورية لدى بدء الثورة الشعبية في سوريا في آذار/مارس عام ٢٠١١. من الطبيعي أن جميعها يريد أن يغادر الأسد السلطة ضمن إطار تغيير سياسي شامل ينهي حقبة الاستبداد والفساد البعثية والأسدية التي بدأت عام ١٩٦٣ بالكامل. بقي أن يكون هناك اتفاق واستراتيجية حول كيفية تحويل المبادئ المنصوص عليها في القرارات الدولية حول الانتقال السياسي إلى مثل ذلك التغيير المنشود. وكذلك، ماهي أوراق القوة والضغط التي يمكن استخدامها وممارستها من أجل تحقيق ذلك، وضمن أي آليات.
بحسب خطة بيان جنيف الذي وافقت عليه المعارضة، فإن مرحلة انتقالية تديرها هيئة حاكمة يجب التوصل إليها عن طريق المفاوضات بين المعارضة والنظام. هذا يعني أن النظام سوف يكون جزءا من ترتيبات الانتقال السياسي، وهذا يعني أيضا أن التغيير الشامل في الحكم يجب أن يكون ضمن آليات معينة يتم التفاوض بشأنها والاتفاق عليها. وليس دقيقا بالكامل أن نظام الأسد لن يكون خاضعا لأي ضغط من أي نوع للتعاون مع هذا المبدأ. في الحقيقة، إن الأسد لا يملك قراره بنسبه كبيرة، والعمل مع روسيا وبقية المجتمع الدولي في هذا الشأن له أهمية فائقة لخلق الرافعة اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة. هذا لا يعني أن المفاوضات سوف تكون سهلة أو بسيطة، بل بالعكس، سوف تكون غاية في التعقيد والصعوبة، وسوف تُمارس على المعارضة ضغوطات هائلة من عدة جهات، وهنا تبرز الحاجة إلى الحنكة والشجاعة والقدرة على المناورة لدى الوفد المفاوض، مع وجود احتمال للحاجة إلى إبداء المرونة في الترتيبات المرحلية عندما لا تتعارض مع الهدف النهائي.
ليس على المعارضة الآن أن تعلن أي شيء يتعلق بموضوع الأسد، فقط تقول إنها سوف تفاوض بحسب المرجعيات الدولية ومن أجل تحقيق طموحات السوريين. ولكن فيما بينها تتفق حول استراتيجيتها لتحقيق التغيير الحقيقي للسلطة، ويبقى ذلك سريا وبدون إعلان.
٥- إخراج الإرهابيين من المعادلة: بعض أطياف المعارضة السورية تأخرت كثيرا حتى تولدت لديها القناعة بأن تنظيما إرهابيا مثل جبهة النصرة هو ليس مكسبا للثورة، بل بالعكس، هي ثقب أسود يبتلع مكتسباتها، مهما غير من أسمائه المتعددة وتكتيكاته. على المعارضة السورية أن تبني استراتيجياتها على مبدأ أساسي وهو أن التخلص من المنظمات الإرهابية مثل داعش والنصرة في سوريا هو هدف لا يقل أهمية أبدا عن هدف الانتقال الديمقراطي. هذه الاستراتيجية تتوافق مع سياسات المجتمع الدولي، وتصلح لأن تكون منصة انطلاق نحو تحقيق مصالح مشتركة مع مختلف الدول المؤثرة، سواء روسيا أو الغرب وكذلك المجموعة العربية. بدون تلك المنصة، فإن المعارضة تغامر يفقدان قدرتها على تحقيق الرافعة الدولية المطلوبة لتحقيق ما تصبو إليه. يجب ليس فقط الانفصال عن جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) سياسيا وعسكريا، وإنما أيضا النضال من أجل إخراجها هي وداعش من سوريا المستقبل بالكامل، ويجب وضع خطط واستراتيجيات لذلك الهدف. ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للنضال من أجل إخراج المليشيات الطائفية التابعة لإيران من سوريا، فهي وداعش والنصرة سواء، مثلهم مثل بعض، ولكن يجب أن لا يكون البدء بالعمل على تحرير سوريا من النصرة وداعش مشروطا بتحقيق الهدف الآخر بشكل متزامن.
٦- توسيع التمثيل: هناك الآن حديث حول مؤتمر موسع للمعارضة السورية في المملكة العربية السعودية يعقد خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر القادم، من المحتمل أن يسمى مؤتمر “الرياض ٢”، هذا يمكن أن يشكل فرصة سانحة للمعارضة كي تؤسس هيئة أو مجلسا جديدا يمكن أن يسمى “مجلس المعارضة السورية الموحد” مثلا، يحل محل كافة التشكيلات السياسية السابقة، ويناط به إدارة العمليات التفاوضية وتمثيل المعارضة السورية. وهي فرصة أيضا كي توسع المعارضة من تمثيلها ضمن تلك الهيئة أو المجلس بأكبر قدر ممكن من تيارات وأطياف المعارضة، بما فيها الديمقراطيين والأحزاب الكردية والتركمانية والسريانية والسيدات والعلويين وغيرهم ممن كان لهم تمثيل منقوص خلال المرحلة الماضية. ويجب عدم قبول ضغوط من هذه الدولة أو تلك لاستبعاد أي طرف سوري معارض لنظام الأسد ويمارس النضال من أجل التغيير الديمقراطي وضد الإرهاب.
ومن الطبيعي أن تواجه مثل هذه العملية تحديات كثيرة، لذلك يتوجب التحضير الجيد لها حتى يكتب لها النجاح. إن من شأن تحقيق أوسع تمثيل ممكن للمعارضة السورية، وتوحدها ضمن هيئة أو مجلس واحد أن يكون مصدر قوة لها ضمن المفاوضات، ويمنحها شرعية إضافية وقدرة أكبر على التأثير بحكم تمثيلها لشرائح واسعة جدا من الشعب السوري.
منذر آقبيق – المتحدث الرسمي باسم تيار الغد السوري
أقسام
الأخبار المميزةمقالات

أخبار متعلقة