السلطات المصرية تستجيب لنداء استغاثة وتنقذ لاجئين سوريين قرب الحدود مع السودان

أنقذت السلطات المصرية مجموعة من اللاجئين السوريين حاولوا التسلل إلى البلاد عبر اجتياز الحدود الجنوبية مع السودان، ولكنهم تاهوا وسط الصحراء في ظل ظروف قاسية من الحر الشديد والعطش...
منطقة حلايب وشلاتين القريبة من الحدود السودانية
أنقذت السلطات المصرية مجموعة من اللاجئين السوريين حاولوا التسلل إلى البلاد عبر اجتياز الحدود الجنوبية مع السودان، ولكنهم تاهوا وسط الصحراء في ظل ظروف قاسية من الحر الشديد والعطش بعد أن غدر بهم مهربون وتركوهم يواجهون مصيرا مجهولا.
حيث عاش 21 سوريا، بينهم 5 أطفال و6 سيدات، تجربة قاسية في صحراء مصر الجنوبية بعدما كادوا يموتون عطشا قرب الحدود مع السودان لولا استغاثة أطلقها أحدهم فأنقذتهم جميعا، بحسب تقرير نشرته صحيفة الحياة اللندنية.
المجموعة خاضت الرحلة الخطرة التي باتت خيارا رائجا لدى السوريين الراغبين في الفرار من بلدهم إلى مصر أو إلى أوروبا عبر “مجازفة ثانية بالحياة”، واستقلال “زوارق الموت” في رحلة هجرة غير شرعية إلى سواحل أوروبا.
المحامي المعني بشؤون السوريين في القاهرة يوسف المطعني روى لصحيفة الحياة أنه استيقظ صباح الأربعاء الماضي على رسالة وصلته عبر حسابه الشخصي بموقع فيسبوك تتضمن استغاثة من رجل سوري يبلغه فيها بأنهم تائهون في الصحراء الجنوبية وإحداثيات برامج تحديد الموقع تشير إلى أنهم على بعد 20 كيلومترا جنوب مدينة شلاتين وغرب البحر الأحمر بـ 15 كيلومترا.
وأضاف المحامي: “تواصلت مع المعنين في الجهات الأمنية وأبلغتهم بالمعلومات، وعلى الفور توجهت قوات وبحوزتها وسائل إعاشة وإنقاذ ومواد غذائية للبحث عنهم، ووجدتهم بعد ساعتين من الإبلاغ، وكانوا 21 شخصا بينهم 5 أطفال و6 سيدات”. وأوضح أن تلك المجموعة ما زالت قيد التحقيق لدى الجهات المعنية، وتم نقلها من مقر أمني في شلاتين للتحقيق في النيابة العامة في الغردقة في البحر الأحمر، لافتا إلى أنهم ظلوا يوما كاملا تائهين في الصحراء حيث تركهم مهربون وأجبروهم على الخروج من السيارة للفرار بعد أن استشعروا اقتراب قوات أمنية منهم.
وتستثني مصر اللاجئين السوريين والسودانيين من تحفظها على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951 على بنود التعليم والصحة والتأمينات الاجتماعية والتموين، حيث يُسمح للسوريين بالتعليم والعلاج في مدارس ومستشفيات الدولة كالمصريين. وتتنوع إقامات السوريين في مصر ما بين إقامة دراسية أو للاستثمار، وهما الأفضل، إذ تسمح لحاملها بالسفر والعودة إلى مصر من دون معوقات، وبين إقامة سياحية أو لجوء تنتهي بمجرد مغادرة البلاد.
وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن عدد السوريين في مصر وصل العام الماضي إلى نحو 300 ألف بعدما كان وصل منتصف عام 2013 إلى حدود 600 ألف. وحدّ من توافد السوريين على مصر قرار صدر في تموز (يوليو) عام 2013 يقضي بحصول السوريين على تأشيرة دخول مسبقة تتطلب موافقة أمنية.
والتفافا على هذا القرار، بات السوريون الفارون من الحرب يقصدون السودان كونه يسمح بدخولهم من دون أي إجراءات أو تأشيرات، ومن هناك تتلقفهم عصابات تهريب البشر التي تتولى إيصالهم إلى أسوان جنوب مصر.
وروى شاب سوري لصحيفة الحياة تفاصيل تلك الرحلة الخطرة، وقال: “في مطار الخرطوم، التقينا المهرب وكنا 6 انضم إلينا 8 آخرون، في شقة انتقلنا إليها في مدينة بورسودان، وفوجئنا بأن الـ 14 شخصا، وبينهم نساء وأطفال، يُكدسهم المهربون في سيارة دفع رباعي واحدة تسير أمامها أخرى يستقلها سائق وواحد من المهربين، في رحلة استمرت نحو 4 ساعات قطعنا فيها حوالى 400 كيلومتر، قبل أن نستريح في الصحراء استعدادا لعبور الحدود مع مصر. نمنا في العراء وكنا نسمع أصوات الحيوانات البرية في رعب لم نعشه من قبل.. بعد ساعات عبرنا الحدود وتسلمنا مهرب آخر كدسنا في سيارة واحدة واستقل ورفاقه سيارة أخرى حتى وصلنا إلى صحراء أسوان، وهناك تركونا، وعبر القطار وصلت إلى القاهرة”.
وأشار اللاجئ السوري إلى أن تكلفة تهريب الرجل تصل إلى 500 دولار والسيدة 300 دولار والأطفال مجانا. وأوضح أن هدفه ليس الإقامة في مصر، لكنه أتاها كمحطة للسفر إلى أوروبا. وقال: “لما وصلت إلى القاهرة، أبلغت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للتسجيل وأجريت مقابلة مع سفارة أوروبية في القاهرة لطلب التوطين، وأنتظر الرد، وفي حال لم تتم الموافقة على طلبي، سأخوض رحلة الهجرة غير الشرعية عبر البحر”.
وقال المطعني إن عشرات الأسر السورية تصل الى مصر يوميا عبر الحدود مع السودان الذي يعتبر المحطة الأولى في رحلة الفرار إلى أوروبا، ودائما تكون مصر المحطة الثانية خصوصا أن لغالبية دول الاتحاد الأوروبي مقرات ديبلوماسية في القاهرة، ما يسهل على السوريين تقديم طلبات إعادة التوطين وتقتضي لقاءات مع مسؤولين في سفارات تلك الدول التي لا تحتفظ بتمثيل ديبلوماسي مع السودان.
وأشار إلى أن أجهزة الأمن أوقفت الخميس الماضي 17 سوريا في المنطقة نفسها جنوب شلاتين تكرر معهم موقف المجموعة التي تم إنقاذها. وقال: “يصلني يوميا نحو 20 استشارة قانونية مرتبطة بهذا الملف”، وأضاف: “هناك حالات ماتت في تلك الرحلة الخطرة، وإحدى السيدات وضعت جنينها في الصحراء، وما زالت حتى الآن تخضع للعلاج في مستشفى في أسوان”. وقال: “المهربون قساة القلب، ولهم أدلة في الصحراء، حين يبلغونهم باقتراب الأمن من موقعهم، يجبرون السوريين على النزول من سياراتهم وإلا قتلوهم، ثم يفرون سريعا”.
وتابع أن النيابة العامة غالبا ما تصدر قرارا بإطلاق السوريين الذين يتم توقيفهم وتحيلهم على الجهة المعنية، وهي وزارة الداخلية التي تتولى فحص ملفاتهم وتقبل تقنين إقامة بعضهم، ومن ترى أنه يمثل خطرا أمنيا يُترك له اختيار الدولة التي يود السفر إليها، وتُبلغ سفارة تلك الدولة عبر الطرق الديبلوماسية برغبة السوري في الترحيل إليها، لكن طلبات الترحيل تُرفض في معظمها، وفي تلك الحالة يتم تخييره ما بين العودة إلى سوريا أو إلى السودان.
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة