15 أكتوبر، 2017 8041 مشاهدات
هل بدأت روسيا فعلاً بإنشاء الجيش البديل لقوات النظام في سوريا وميليشيات إيران؟
أجد في هذا التساؤل طرحاً منطقياً بعد شروع روسيا بتشكيل ما يسمى “الفيلق الخامس”، خاصةً مع الاستقلالية الكاملة التي يتمتع بها المنتمون لهذا الفيلق عن كامل القيادة العسكرية للنظام من الناحية المالية والإدارية، وتبعيتهم المباشرة للقيادة الروسية حتى في مسألة التجنيد والتنظيم، وهو ما يدفع للتفكير في هدف الروس من إنشاء هذا الفيلق رغم كل السيطرة التي تتمتع بها موسكو على قوات النظام بفيالقها الثلاثة الحالية.
أجد في هذا التساؤل طرحاً منطقياً بعد شروع روسيا بتشكيل ما يسمى “الفيلق الخامس”، خاصةً مع الاستقلالية الكاملة التي يتمتع بها المنتمون لهذا الفيلق عن كامل القيادة العسكرية للنظام من الناحية المالية والإدارية، وتبعيتهم المباشرة للقيادة الروسية حتى في مسألة التجنيد والتنظيم، وهو ما يدفع للتفكير في هدف الروس من إنشاء هذا الفيلق رغم كل السيطرة التي تتمتع بها موسكو على قوات النظام بفيالقها الثلاثة الحالية.
عملياً النظر إلى الخطوة الروسية بتفاصيلها وتوقيتها يشير إلى أن موسكو بدأت تستغل حالة الهدوء النسبي في سوريا لتحقيق عدة اهداف مجتمعة، أولها الانفراد في النفوذ على الأرض السورية من خلال تحويل هذا الفيلق إلى نواة جيش جديد يدين بالولاء الكامل لها بعيداً عن الولاءات لإيران وبشار الأسد كما هو الوضع في الجيش الحالي، إلى جانب رغبة الروس بأن يكون الجيش الجديد أكثر صلابة وتنظيم وتهيئة من الجيش الحالي الذي تحول فعليا إلى ما يشبه المليشيات أكثر من كونه جيش نظامي، ما يحد من قدرته على ترسيخ وحماية المصالح الروسية خلال الفترة القادمة.
من جانب آخر، يبدو أن حالة موسكو بدأت تدرك أهمية التخلص من الحاجة للميلشيات الإيرانية التي تقاسم الروس نفوذهم في سوريا، فتشكيل مثل هذا الفيلق وبالمواصفات والقدرة المالية المطروحة يمكن موسكو من سحب ورقة الوجود البري في سوريا من يد الإيرانيين، وبالتالي الانفراد بالنفوذ على الأرض السورية.
النقطة الأهم التي لابد من الإشارة لها بأن روسيا قد تمكنت فعلياً من ترسيخ قواعدها العسكرية في سوريا، وجعل الوجود الروسي أمراً واقعاً محلياً ودولياً، وبالتالي يمكن القول بأن موسكو انتقلت للمرحلة الثانية من تدخلها في سوريا وهي التمهيد لواقع يفتح المجال أمام حلٍ سياسيٍ يرسخ كافة المصالح الروسية على الأرض السورية ويعترف بسيادتها عليها، وأولى خطوات هذه المرحلة تبدأ بإنشاء جيش بديل عن العصابات الحالية يشارك فيه عناصر من كافة المناطق السورية بما فيها المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام كريف حلب مثلا، لجعله مقبول من جهة السوريين لتتبعه خطوات متلاحقة كتشكيل الحكومة الانتقالية، والانتخابات.. الخ.
الأكثر أهمية بالنسبة لفيلق روسيا الخامس في سوريا لا يرتبط فقط بالأهداف بقدر ارتباطه بالنتائج والارتدادات الآنية، فتوجه روسيا نحو هذه الخطوة يبدو أن سيزيد من الصراع الروسي الإيراني على النفوذ وينقله إلى العلن أكثر من أي فترة مضت، خاصة وأن الفترة السابقة شهدت مقتل الكثير من القادة الروس العاملين في سوريا ومن بينهم الجنرال أسابوف القائد الفعلي “للفيلق الخامس” والمكلف بإنشائه، وهي العمليات التي قالت روسيا أنها تمت وفق ما وصفته عمليات خيانة، ناهيك عن حالات الحرب الحقيقية المندلعة بين ضباط ومسؤولي النظام التابعين لروسيا من جهة والتابعين لإيران من جهة أخرى.
قد يرى البعض أن التفريق بين روسيا وايران في الملف السوري أمر غير منطقي، ولكن لو نظرنا بواقعية أكبر فإن مصالح روسيا تختلف تماماً عن مصالح إيران، فالأولى تريد إنشاء قواعد وتحويل سوريا إلى منطقة نفوذ تماماً كما هو الحال في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وبالتالي لا تميل لاستمرار القتل والتدمير في سوريا بعد امتلاكها لهذه القواعد وتوسيع دائرة نفوذها على الأرض، في حين أن مصالح إيران تتمثل بحرب التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي المرتبط بدعم طوائف محددة ضد أخرى، وبالتالي تقضي المصلحة الإيرانية تواصل القتل والدمار تماماً كما في العراق واليمن، وهنا تكمن نقطة الطلاق بين الحليفين.
باختصار ما أريد قوله، إن القضية السورية اليوم تعيش منعطفاً كبيراً بدأ مع فرض حالة وقف التصعيد بين المعارضة والنظام، ويمكنني القول بأن العنوان الأبرز لهذه المرحلة هو دخول معسكر النظام بصراع نفوذ كبير قطبيه روسيا وإيران ما يعني أن الفترة المقبلة لن تكون خالية من صدامات سياسية وربما عسكرية بين الجانبين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
إلى جانب ذلك، إن صحة النظرة السابقة، فإن الفيلق الخامس سيمثل الخطوة الأولى لدمج فصائل المعاضة فيه وتشكيل جيش موحد ينهي حال الحرب العسكرية ويحصرها بالجانب السياسي الذي ستتصارع فيه القوى السياسية على المناصب والحكم في الفترة الانتقالية وطبعاً تحت السقف الروسي المتوافق مع التفاهمات الدولية.
تبقى النقطتين الهامتين الأخيرتين، الأولى مستقبل بشار الأسد الذي يبدو أنه قد بات مرتبط بمدى قدرة إيران على فرض استمرار حضورها ودورها في الملف السوري، وهو ما يمكن اعتباره أمراً مستبعداً كونه يتعارض مع الخطة الروسية المفترضة، أما النقطة الثانية فمتعلقة بتوقيت الانتهاء من عملية التمهيد لطرح هذا السيناريو، والتي على ما اعتقد ترتبط بانتهاء الحرب على تنظيم الدولة “داعش” والتنظيمات المتشددة الأخرى كـ”النصرة”، إلى جانب ارتباطها بموعد الانتخابات الأمريكية القادمة على اعتبار أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يميل لاستغلال حل القضية السورية في ملف الانتخابات.
حسام يوسف – تيار الغد السوري
أقسام
مقالات