19 أكتوبر، 2017 742 مشاهدات
توّجت الحرب على الإرهاب التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتحرير مدينتي الموصل والرقة لتنحصر دولة الخلافة المزعومة التي أسسها تنظيم داعش في منطقة ذات طابع صحراوي على جانبي الحدود بين سوريا والعراق، لكن تهديده لا يزال قائما سواء عبر الخلايا النائمة أو الانتحاريين أو حتى حضوره إعلاميا في خطابات كل الدول التي تواجه التنظيم وتعاني منه.
فبعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك العنيفة، سيطرت قوات سوريا الديموقراطية بدعم من طيران التحالف الدولي على مدينة الرقة، معقل التنظيم الذي كان يعد الأبرز في سوريا وأول مركز محافظة خرج عن سلطة نظام بشار الأسد.
ويقول الباحث في المعهد الأمريكي للأمن نيك هاريس لوكالة فرانس برس: “حين كانت الخلافة الإسلامية في أوج قوتها في العام 2014، هددت بحكم سوريا من حلب حتى الحدود العراقية ثم تراجعت الآن إلى منطقة محدودة في دير الزور تحاصرها وتتقدم فيها قوات الأسد وحلفاؤها كما التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وعلى رغم احتفاظه بالسيطرة على بعض الجيوب المحدودة في محافظة حمص وقرب دمشق وفي جنوب البلاد، يتوقع هاريس أن يشكل الجزء المتبقي من محافظة دير الزور مركز ثقل التنظيم في سوريا.
وتشكل محافظة دير الزور الحدودية مع العراق مسرحا لهجومين منفصلين: الأول يقوده الجيش العربي السوري بدعم إيراني وقيادة روسية والثاني تنفذه الفصائل الكردية والعربية المنضوية في إطار قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي.
وتمكن الجيش العربي السوري رغم خسارته الفادحة للمئات من عناصره وعناصر حلفائه بمن فيهم الروس الذي خسروا قائد القوات الروسية في سوريا الشهر الماضي من فك حصار محكم فرضه التنظيم قبل نحو ثلاث سنوات على الأحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور. وفي فترة زمنية لم تتجاوز الأسبوع، تمكن أيضا من طرد داعش من مدينة الميادين التي كانت تعد أحد أبرز معاقله، لتصبح مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر معقل للتنظيم المتطرف في شرق سوريا.
أما من الجهة العراقية، فلم يعد داعش يسيطر إلا على شريط حدودي محدود يضم مدينة القائم المقابلة للبوكمال. ويقول هاريس “لطالما كان داعش مزمعا على أن تكون دير الزور والمنطقة المحيطة بمدينة القائم في العراق آخر معقل لخلافته”. ويضيف “فهذه المنطقة بعيدة عن دمشق وبغداد، ويفصلها عنهما أراض صحراوية صعب اجتيازها. وتشكل بالتالي المكان المثالي لتكون دعامة الخلافة الأخيرة”.
لكن المؤكد أن الحكومة العراقية ونظام بشار الأسد ومن خلفه حليفه الإيراني لن يتوقفا حتى طرد آخر داعشي من هذه المنطقة التي تعد استراتيجية لهما ولحلفائهما لما فيهما من آبار نفط وغاز وأراض زراعية خصبة وخزان بشري كبير وغني بالكفاءات والقدرات والخبرات.
ويريد بشار الأسد وحليفته إيران استعادة هذه المنطقة لمنع الأمريكيين من الحؤول دون تحقيق إيران هدفها بضمان طرق برية لها إلى سوريا ولبنان مرورا بالعراق، بحسب هاريس. وبالتالي، تفضل إيران أن تسيطر قوات الحشد الشعبي على تلك المنطقة بدلا من القوات العراقية التي تحظى بدعم أمريكي.
لكن رغم هذه الهزائم وكل التخطيطات والاتفاقات الدولية ضده، ما زال التنظيم يشكل تهديدا كبيرا سواء في سوريا أو العراق أو حتى الدول الأخرى حول العالم، حيث تبنى خلال السنوات الثلاث الماضية اعتداءات دموية عدة في أوروبا وغيرها.
ويقول هاريس إن “الحقيقة المرة أن داعش سيكون دمويا في عصيانه (المرتقب) وشبكة خلاياه الإرهابية تماما كما هي الحال حين كان مشروع دولة، محذرا من الحضور الالكتروني القوي المستمر للتنظيم المتطرف في ما وصفه بـالخلافة الافتراضية.
وقد نجح التنظيم منذ نشأته في الترويج لنفسه عبر آلة دعائية تصدرت عناوين الصحف ونشرات الأخبار حول العالم. واستفاد من مواقع التواصل الاجتماعي ليعمم مقاطع فيديو توثق عمليات اعدام جماعية وقطع رؤوس، وكذلك لنشر بياناته لا سيما تلك التي تبنى فيها تنفيذ اعتداءات خارجية حصدت عشرات القتلى الأبرياء حيث نجح في استقطاب تأييد كل الغاضبين في العالم وكسب تأييدهم ودعمهم وشاركه النجاح الإعلام المضاد له والذي لم يبن استراتيجية فعالة لمحاصرته بل روج له عن غير قصد.
ومنذ إعلان أبو بكر البغدادي الخلافة من الموصل في العام 2014، يحضر التنظيم للحظة التي سيخسرها، وفق هاريس، ما يفسر انشاءه شبكة الهجمات الخارجية في أوروبا، ولكن هذه الخسائر لا تعني أن نجم التنظيم قد أفل وأن قوته قد انتهت.
يقول الباحث في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، تشارلي وينتر، إن “أهم ما كان يمكن لداعش القيام به أيديولوجيا، أنجزه بالفعل، وهو إعلان الخلافة واستمرارها لسنوات عدة وجذبه الآلاف من كافة أنحاء العالم للانضمام إليه.
ويضيف وينتر “أعتقد أن التأثير الأيديولوجي لذلك سيكون ضخما جدا ولسنوات عدة مقبلة حتى لو خسر التنظيم مناطق سيطرته في سوريا بعد خسارة مناطقه في العراق”.
أقسام
من الانترنت