مشاهد صادمة وروايات مفجعة بعد أيام من دحر تنظيم داعش وطرده من الرقة

فيما كان الصخب وأصوات القذائف تصم الأجواء فيما كان يخوض من تبقى من عناصر تنظيم داعش آخر معاركهم في المستشفى الوطني في مدينة الرقة، إلا أن المشهد تبدل كليا...
الأبنية والشوارع في قلب مدينة الرقة إثر طرد تنظيم داعش منها
فيما كان الصخب وأصوات القذائف تصم الأجواء فيما كان يخوض من تبقى من عناصر تنظيم داعش آخر معاركهم في المستشفى الوطني في مدينة الرقة، إلا أن المشهد تبدل كليا إثر إعلان الرقة محررة بالكلية من سيطرة التنظيم ليخيم الصمت على الأجواء المشبعة بروائح الجثث المتحللة التي لا تزال متناثرة في الأرجاء.
ورصدت مراسلة وكالة الأنباء الفرنسية في المدينة على جانبي الشارع المؤدي إلى مدخل المستشفى الوطني جثتين ممددتين إلى جانب دراجة نارية مقلوبة على الأرض، ولا يزال حزام ناسف يزنر إحداها.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية يوم الثلاثاء الفائت سيطرتها الكاملة على مدينة الرقة بعد طرد آخر عناصر التنظيم من المستشفى الوطني والملعب البلدي ودوار النعيم إثر اتفاق بخروج من تبقى من عناصر التنظيم بصفقة إلى أماكن خارج المحافظة يرجح أنها إلى البادية السورية أو إلى دير الزور.
وإلى جانب الجثتين المتحللتين، تمكن رؤية نسخ من القرآن بقربها صناديق أدوية وشاش، إضافة إلى دفتر صغير دُونت عليه تواريخ وأرقام هواتف للمكاتب الشرعية التابعة لتنظيم داعش، وكتب على إحدى صفحاته: “رقم واتس آب زوجتي أم الإسلام المغربية”.
وبحسب قوات سوريا الديمقراطية، فقد قتل 22 عنصرا إرهابيا خلال الهجوم الأخير للسيطرة على هذا المرفق الطبي الذي يشكل مسرحا لعمليات تمشيط بحثا عن ألغام أو عناصر متوارية.
وأثناء عمليات التمشيط المستمرة في وسط المدينة، يوم الأربعاء الفائت، سمعت مراسلة فرانس برس دوي انفجارين من المرجح أنهما ناتجان من ألغام زرعها التنظيم.
وإلى الشمال من المستشفى، تعمل جرافتان على إزالة الركام من الملعب البلدي الذي اعتاد سكان الرقة أن يطلقوا عليه تسمية “الملعب الأسود” كون تنظيم داعش كان قد جعل منه أحد سجونه ومعتقلاته التي يزج فيها مخالفيه وعناصره “الخونة”.
وفي الرواق الدائري خلف مقاعد الملعب، شاهدت المراسلة زنازين أنشأها التنظيم المتطرف وكان يسجن فيها المدنيين ممن خالفوا تعاليمه المتشددة، على غرار العنصر في قوات سوريا الديمقراطية “أحمد الحسن”.
وقد عاد ذلك العنصر اليافع إلى الملعب الخالي أمس من عناصر داعش لرؤية الزنزانة التي سجن فيها في عام 2015 لسبعة أيام إلى جانب 35 رجلا آخرين. وكان عناصر التنظيم قد اعتقلوا الحسن حين حاول منع أحدهم من اعتقال زوجته بحجة أنها أظهرت وجهها للحظات في الشارع.
وقف الحسن في الرواق المظلم، ينظر أمامه بسكوت تام، ثم تمتم قائلا: “هذا مكان الذل، هنا كانوا يذلون المدنيين”. وكُتب على جدار زنزانة أخرى باللون الأسود “فرجك يا الله… ساعدنا يا الله”.
وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية على الرقة بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك الضارية التي رافقتها غارات كثيفة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن. وقد بدا الدمار مسيطرا على المدينة، وفي الأحياء الواقعة على أطرافها، والتي تمت السيطرة عليها في بداية الهجوم، انتشرت الأضرار في كل حدب وصوب، من منازل مدمرة وأخرى انهار سقفها أو خلعت أبوابها أو تضررت بشكل كلي أو جزئي.
إلا أن المشهد بدا صادما في وسط المدينة حيث جرت معارك عنيفة جدا للسيطرة على أبنية استراتيجية. وقد تحولت أحياء بأكملها أنقاضا، ولم يعد من الممكن التفريق بين منزل ومتجر فكل شيء بات مجرد جبال من الركام، حجارة وأنابيب وأسلاك.
يتجول العنصر في قوات سوريا الديمقراطية “إسماعيل خليل” والبالغ من العمر 35 عاما في شارع يؤدي إلى “دوار النعيم” الذي استبدل السكان باسمه “دوار الجحيم” لكثرة الإعدامات وعمليات الصلب التي شهدها خلال حكم تنظيم داعش.
ينظر إسماعيل حوله، يهز رأسه أسفا ويقول: “يتحدثون عن إعادة إعمار الرقة. أي إعمار هذا؟”. ويضيف: “إنها في حاجة إلى عشرين سنة لإعمارها من جديد، لقد دمرت بالكامل”.
من جهة أخرى، قالت كلارا إحدى القياديات في العملية العسكرية بينما كانت في دوار النعيم في الرقة لمراسلة فرانس برس: “كامرأة من الرقة من دون شك لا أستطيع أن أميز بين فرحتي الشخصية وفرحة الكل بالتحرير الكامل”. وأردفت: “أتذكر طفولتي وشبابي أمام عيني الآن في غاية السعادة بوصولنا إلى هذه الأيام الحرة”. وتابعت: “لم أصل إلى منزلي بعد مشينا في هذه المنطقة كثيرا”.
وقالت جميلة حمي المتطوعة في الهلال الأحمر الكردي والبالغة من العمر 45 عاما: “أتذكر كل الجرحى والشهداء الذين رأيتهم قبل ثلاثة أشهر في الرقة”. وزادت: “كم أود أن يكون الأطفال الذين شُجّت رؤوسهم والشباب الذين فقدوا أياديهم معنا اليوم. نعم، الرقة تحررت لكن المرحلة المقبلة أصعب من تلك التي مرت”، في إشارة إلى عملية إعادة الإعمار.
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة