25 أكتوبر، 2017 183 مشاهدات
بمساعدة مكاتب إيرانية خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني، يتوجه آلاف الرجال الشيعة الأفغان العاطلين من العمل والذين لا يجدون آفاقا في بلادهم إلى سوريا للقتال كمرتزقة إلى جانب ما تبقى من قوات بشار الأسد إثر مقتل عشرات الآلاف منها على يد ثوار سوريا.
يقول أحد هؤلاء المرتزقة الأفغان لوكالة فرانس برس: “بالنسبة إلي الأمر مسألة مال فقط فأنا لم ألتق أحدا توجّه الى هناك لدوافع دينية”، وذلك عند عودته الى كابول بعد أن خاطر بحياته في نزاع يجهل رهاناته.
وقال شمس، وهو اسم مستعار اتخذه الرجل الذي ينتمي إلى الهزارة الشيعة وولد في كابول للوكالة إنه توجه مرتين للقتال إلى سوريا عام 2016.
وبعد أن كان التجنيد يشمل اللاجئين الأفغان في إيران والبالغ عددهم 2.5 مليون شخص غالبيتهم في وضع غير قانوني ويعيشون ظروفا قاسية، بسبب شح المساعدات التي تقدمها لهم الحكومة الإيرانية الغارقة سلفا بالديون وتعاني عقوبات دولية منذ سنوات، بات يجتذب أفغانا من كل الأعمار من العاطلين من العمل والذين يذهبون للقتال في بلد آخر على رغم أن بلادهم تعاني من الحروب منذ أربعين عاما.
يقصد المجندون الإيرانيون هذه المجموعة الفقيرة والتي غالبا ما تتعرض للتمييز بحثا عن عناصر لتعزيز صفوف “لواء فاطميون” وقوامها بين 10 و20 ألف أفغاني للقتال إلى جانب النظام.
وأضاف “شمس” البالغ من العمر 25 سنة “توجهت إلى إيران عام 2016 على أمل العثور على عمل لكنني وبعد شهر من دون أمل قررت التوجه الى سوريا”.
وتابع “يشجعونك قائلين: ستدافع عن أماكن مقدسة وستكون مقاتلا من أجل الحرية وإذا عدت حيا ستحق لك الإقامة لمدة عشر سنوات في إيران كما سندفع لك 1.5 مليون تومان (400 إلى 450 دولارا) في مركز التجنيد كل شهر وعندما توقّع فأنت تقبض ضعف هذا المبلغ”.
نعي مقاتلين أفغان قتلوا في سوريا إثر تجنيدهم كمرتزقة في لواء فاطميون
يتقاضى المكلفون عمليات التجنيد عمولة قدرها مئة دولار قبل أن يرسلوا العناصر الجدد إلى دليجان (جنوب طهران) حيث يتابعون شهرا من التدريب العسكري مع مواطنين تتراوح أعمارهم بين 14 و60 سنة.
في المرة الأولى، تعلم “شمس” كيف يستخدم سلاحا رشاشا (بندقية كلاشينكوف) من طراز “إيه كي 47” وفي المرة الثانية تلقى تعليمات بسيطة حول المدفعية ودائما تحت إشراف عناصر من الحرس الثوري الذين يتولون أيضا نقل المجندين جوا إلى سوريا.
أمضى مهمته الأولى بالقرب من دمشق بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2016، وكانت تقوم على حراسة ثكنة. وجرت الأمور على ما يرام ما حمل الشاب على العودة في أيلول/سبتمبر التالي.
إلا أن الأجواء اختلفت. فقد أرسل بالقرب من حلب إلى الجبهة أمام تنظيم داعش وجبهة النصرة من دون أن تكون لديه أي فكرة حول خلفيات المعركة.
ومضى يقول “في حلب تعرضنا لكمين: من أصل مئة شخص نجا منا 15 شخصا. عند الوفاة يعاد الجثمان إلى إيران”، وليس إلى أفغانستان حيث تتم المراسم في المساجد من دون جثمان أو تشييع. لكن الأسر تحصل على تعويض الوفاة.
من جهتها، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية إن “لواء فاطميون” تضم نحو 15 ألف أفغاني أما نظيرتها الباكستانية “لواء زينبيون” فتضم ألفا منهم فقط.
وقال “خليل”، وهو أيضا اسم مستعار، إنه “كان هناك باكستانيون وعراقيون وكنا مختلطين مع العرب الذين لا نفهم لغتهم”. وكان من بين الأوائل الذين توجهوا إلى سوريا في 2014 عندما كان لا يزال في الـ17 من العمر.
ويرى “أحمد شجاع” المحلّل السابق لدى هيومن رايتس ووتش في كابول إنه “لا توجد أرقام يمكن الاستناد إليها لأن فيلق القدس (القوات الخاصة للحرس الثوري الإيراني) يتكتم حول الموضوع”.
ويقوم “علي الفونة” الباحث المساعد في “مجلس أتلانتك” للأبحاث في واشنطن بإحصاء مراسم التشييع في إيران ويقدر أنه “حتى 16 تشرين الأول/أكتوبر، بلغ عدد الأفغان الذي قضوا في سوريا 764 شخصا منذ أيلول/سبتمبر 2013”.
ولأن المسألة حساسة من جانبي الحدود؛ يتردد المشاركون وذووهم في الكلام. حيث تهمس خالة آمنة وهي أم لستة أطفال أن ابنها وحتى بلوغه الـ 18 قاتل مرتين في سوريا “لكن أسرتي لا تسمح لي بالتكلم معكم”.
ويوضح “شمس” أن الشبان الأفغان يتواصلون خصوصا عبر فيسبوك وتلغرام للتوجه إلى سوريا وبعد وصولهم إليها. ويقرّ رمضان بشاردوست النائب الهزارة في كابول أن “عددهم سر عسكري”، فهم “يتعرضون للاستغلال من قبل الحكومة الإيرانية.. أما بالنسبة إلى الحكومة الأفغانية فإن مآسي ومعاناة الشعب لا يطرحان مشكلة”.
وأضاف بشاردوست “المسألة أثيرت مرات عدة في البرلمان، كما استدعت وزارة الخارجية السفير الإيراني في مطلع تشرين الأول/أكتوبر الجاري” إثر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش ندد بتجنيد مراهقين.
وأكد شجاع أن “المال وإمكان الحصول على إقامة لهم ولأسرهم هما المحفزان الرئيسيان” لتجنيد مئات الأفغان الشيعة في سوريا.
لكن “شمس” وعلى غرار “خليل” الذي توسلت إليه أمه، فضّل العودة إلى أفغانستان ويأمل بشراء دكان بما جناه خلال تجنيده في سوريا. وقال “لن أنصح أحدا بالتوجه إلى هناك إذا كان لديه عمل هنا”.
أقسام
من الانترنت








