26 أكتوبر، 2017 89 مشاهدات
بدأت أسوأ أعمال العنف في الحرب السورية الدائرة منذ أكثر ست سنوات تتضاءل مع استعادة قوات بشار الأسد والمليشيات الموالية بقيادة روسية، مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة، كما تم طرد تنظيم داعش الإرهابي من معاقله الكبرى وأحكم الحصار على من تبقى من فلوله في جيوب محدودة في دير الزور وحماة ودمشق ودرعا.
لكن بينما تعرضت منازل ملايين المدنيين السوريين للدمار، وقتل مئات الآلاف طوال السنوات الست الماضية، تبحث الشركات داخل وخارج سوريا الآن عن الملامح الدولارية، فجميع الجسور والطرق والمباني ومحطات الطاقة التي تعرضت للدمار ستكون فرصة محتملة لعقود إنشاء حكومية مغرية، وسرعان ما سيبدأ النظام في طرحها.
وفي آب/أغسطس الماضي، شاركت شركات من أكثر من 20 دولة في معرض دمشق الدولي. وهو المعرض الأول من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، وقد تم الإعلان خلاله عن فتح أبواب البلاد مجددا أمام الشركات للقيام بالأعمال. لكن في الواقع، ليست الشركات كافة، فالدعوة ليست موجهة إلى تلك الشركات المنتمية إلى دول حاربت ضد نظام الأسد أو دعمت معارضيه.
ومن المرجح بشكل كبير أن تكون عقود إعادة الإعمار من نصيب الشركات المرتبطة بروسيا وإيران اللتين دعمتا نظام الأسد، وإن كانت الصين والبرازيل تطمحان أيضا إلى الفوز بشريحة من تلك الكعكة. وبالطبع، فإن معظم الشركات الغربية ليست مدعوة، وعلى أي حال، فهي لم تكن في وارد الذهاب، فأثناء اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أشارت دول غربية معارضة للنظام أنها لن تشارك في إعادة إعمار سوريا إلى أن تجري “عملية سياسية” من دون الأسد، وكرر مستشار الأمن القومي الأمريكي “هربرت ريموند ماكماستر” ذلك الموقف في فاعلية أخرى في واشنطن خلال الشهر الجاري، قائلا: “علينا أن نضمن أنه لن يذهب أي دولار على الإطلاق من أجل إعمار أي شيء يخضع لسيطرة ذلك النظام الوحشي”.
وفي بداية نيسان/أبريل عام 2016، بعد فترة ليست طويلة من انخراطها في الحرب السورية، وقّعت روسيا بالفعل عقودا بقيمة مليار دولار في مجالات البنية التحتية وغيرها. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تعهدت دمشق بمنح موسكو الأولوية في إرساء العقود، حسبما أفاد موقع قناة “روسيا اليوم”. وقد بدأت بالفعل شركتا طاقة تابعتان للكرملين القيام بأعمال في قطاعات الطاقة والغاز والتعدين في المناطق التي تم طرد تنظيم داعش منها. وتدرس موسكو ودمشق أيضا إنشاء بنك مشترك جديد لتسهيل مثل تلك الصفقات.
غير أن نظام الأسد التفت إلى داعم آخر له، ففي بداية العام الجاري، وقعت شركات إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني صفقات لإعادة إعمار شبكات الهاتف والمناجم، ووقّعت شركات إيرانية الشهر الماضي مجموعة من الاتفاقيات المبدئية لبناء محطات طاقة جديدة في مجموعة من المدن السورية، من بينها حلب وحمص. وقال مسؤولون إيرانيون في قطاع الطاقة أيضا إن بلادهم ستشيد مصفاة نفط في سوريا.
وهناك دول أخرى ترغب في المشاركة، ففي 19 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أكد وزير الخارجية البرازيلي “ألويسيو نونز” أن البرازيل تعتزم استعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل مع سوريا وفتح سفارتها، التي أغلقتها في عام 2012، من أجل منح الشركات البرازيلية فرصة للمشاركة في إعادة الإعمار هناك. بل إن بعض الشركات الغربية الصغيرة حضرت المعرض الدولي الشهر الماضي، أملا في اقتناص أي فرصة، فيما قدّرت مجموعات المساعدة بأن جهود إعادة الإعمار ستقدر بنحو 300 مليار دولار على الأقل.
ورغم ذلك، لن يستفيد السوريون كافة من جهود إعادة الإعمار تلك، فالنخب التي عارضت نظام الأسد فرّت من جحيم الحرب، تاركة أنصار الأسد الذين تأهبوا جيدا لبدء أعمال وإنشاء شركات جديدة، للحصول على أكبر عدد ممكن من العقود إلى جانب الشركات الدولية. وعلاوة على ذلك، لن تستفيد أجزاء البلد التي مزّقتها الحرب من هبات دمشق، إذ يرغب النظام في معاقبة تلك المناطق التي تمردت من خلال منع أموال إعادة الإعمار عنها، مثلما أشارت لينا الخطيب، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى “تشاتام هاوس”. ونوّهت الخطيب إلى أن “نظام الأسد ليس مهتما بإعادة الإعمار في كافة أنحاء سوريا، وإنما المناطق الموالية له فحسب”.
أقسام
من الانترنت