السوريون مقبلون على استحقاقات سياسية أقرب إلى المصيرية

يكثف ألكسندر لافرنتييف، مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا جهوده لعقد مؤتمر حوار سوري في قاعدة حميميم الروسية، مستفيدا من تفاهمات أستانة بين الدول الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد وما...
المبعوث الأممي إلى سوريا استيفان دي ميستورا
يكثف ألكسندر لافرنتييف، مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا جهوده لعقد مؤتمر حوار سوري في قاعدة حميميم الروسية، مستفيدا من تفاهمات أستانة بين الدول الضامنة لاتفاقات خفض التصعيد وما تم من هدن في عدة مناطق ساخنة في سوريا، في محاولة روسي لترتيب الأوضاع في سوريا قبل موعد الانتخابات الروسية المقررة في آذار/مارس 2018.
والخطة الروسية تقتضي البناء على ما سينتج عن اجتماعات أستانة المقبلة أواخر الشهر الجاري لاستكمال تنفيذ اتفاقات خفض التصعيد خصوصاً في إدلب وانتشار الجيش التركي مع إعطاء أولوية لملف المعتقلين وتفكيك الألغام تمهيداً لعقد مؤتمر موسع للمعارضة في القاعدة الروسية في حميميم، حيث ستتم دعوة 700 ممثل من مؤسسات النظام في الجيش والأمن والحكومة والبرلمان، و700 من ممثلي مجالس المصالحات المحلية التي أقرت ووقعت اتفاقات خفض التصعيد والهدن مع القوات الروسية في سوريا، بالإضافة إلى ممثلي الإدارات الذاتية الكردية وشخصيات سياسية معارضة في الخارج.
المؤتمر الروسي المقترح كان مقرراً عقده نهاية الشهر الجاري، لكن لأسباب لوجيستية وموعد اجتماعات أستانة، تقرر تأجيله إلى ما بين السابع والعاشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وبحسب مسؤول كردي تسلم رسالة دعوة، فإن المؤتمر يرمي إلى بحث خمس نقاط هي: “الوضع السوري العام، خفض التصعيد في المناطق الساخنة، الدستور السوري، تشكيل لجان تفاوضية لمشاريع المستقبل، التمهيد لمؤتمر شامل”.
وتطلبت الرغبة الروسية في عقد “مؤتمر حميميم” واستعجال البحث عن تسوية بناء على أجندة الرئيس فلاديمير بوتين، الذي من المقرر أن يخوض انتخابات في شهر آذار/مارس المقبل، محادثات بين نظام الأسد ومسؤولين إيرانيين. حيث زار نائب وزير الخارجية في حكومة عماد خميس، فيصل المقداد، طهران والتقى علي أكبر ولايتي، مسؤول العلاقات الدولية في مكتب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، وسط “انزعاج” من مباركة روسيا وإيران الوجود العسكري التركي في إدلب وحلب بعيداً عن رغبة الأسد.
كما كان لافتاً، “لقاء العمل” الذي جمع ألكسندر لافرنتييف، مبعوث الرئيس الروسي مع بشار الأسد في دمشق أمس. الاجتماع الذي عقد على مائدة عمل مستطيلة بحضور مسؤولين عسكريين وأمنيين من الجانبين بينهم رئيس مجلس الأمن الوطني اللواء علي مملوك. حيث قال الأسد إن “ما يحقّقه الجيش العربي السوري وحلفاؤه يهيّئ الأرضية شيئا فشيئاً للمزيد من العمل السياسي، خاصة وأن حكومته كانت وما زالت تتعامل بإيجابية تجاه أي مبادرة سياسية من شأنها حقن دماء الشعب السوري واستعادة الأمن والأمان بما يضمن وحدة وسيادة سوريا والحفاظ على النظام القائم”. وزاد: “مصممون على الاستمرار بالحرب على الإرهاب من جهة، ودعم المسار السياسي من جهة أخرى عبر رفع وتيرة المصالحات الوطنية والحوار بين الجميع عبر مؤتمر حوار وطني في سوريا، وصولاً إلى تعديل الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية”. ولوحظ عدم التطرق إلى الانتخابات الرئاسية التي يتضمنها برنامج قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
على صعيد آخر، قال مراقبون إنه من اللافت في الأيام الأخيرة عودة كبار المسؤولين الأمريكيين للحديث عن مصير بشار الأسد والحل السوري بعد غياب من الإدارة الأمريكية لفترة طويلة. وبحسب معلومات، فإن مراجعة للموقف من الأزمة السورية جرت في الإدارة الأمريكية. حيث قال مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال هيربرت ماكماستر في مقابلة تلفزيونية إنه “عندما تنظر إلى ما هو ضروري لجمع المجتمعات المحلية سوية وإنهاء دورة العنف، من الصعب جدا تصور كيف يمكن للأسد أن يكون جزءا من هذا، خاصة أن يديه ملطختان بالدماء، وكان له دور في تدمير بلاده والتسبب في المعاناة الإنسانية. واستخدم بعض أشنع الأسلحة على وجه الأرض لارتكاب عمليات قتل جماعية ضد شعبه. من الضروري وجود قيادة مناسبة دوليا، وفي سوريا، يمكن لهم تحقيق التوافق والمصالحة الضرورية”.
هذا فيما قال مسؤول غربي إن الإدارة الأمريكية طلبت عقد لقاء مع استيفان دي ميستورا في إشارة إلى اهتمامها بالحل السياسي. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بعد لقائه دي ميستورا في جنيف أمس: “تريد الولايات المتحدة سوريا كاملة وموحدة لا دور لبشار الأسد في حكمها”. وأضاف: “عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته. القضية الوحيدة هي كيفية تحقيق ذلك”. وأضاف تيلرسون أن السبب الوحيد في نجاح قوات الأسد في تحويل دفة الحرب المستمرة منذ أكثر من ست سنوات هو “الدعم الجوي الذي تلقته من روسيا”.
وأشار المسؤول الغربي إلى مشاورات في واشنطن مع حلفائها إزاء كيفية تحويل المواقف السياسية إلى استراتيجية، وأنه كان بين الأمور هو اعتبار قوات سوريا الديمقراطية التي باتت تسيطر على مساحة واسعة من سوريا غنية بالنفط والغاز والمياه وحررت الرقة من سيطرة تنظيم داعش ورقة تفاوضية أساسية، إضافة إلى اعتبار المساهمة في إعادة إعمار سوريا ورقة تفاوضية أخرى. وقال مسؤول أمريكي: “كلفة إعادة الإعمار تبلغ نحو 200 مليار دولار أمريكي، ولن ندفع نحن أو حلفاؤنا دولارا واحدا ما لم تكن هناك تسوية سياسية ذات صدقية”. وطرح أيضاً خيار إعمار المناطق التي تحررها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف لتكون بديلاً من إعمار مناطق النظام إذا لم تحصل تسوية سورية شاملة.
أما دي ميستورا، فإنه يراوح بين موقفي موسكو وواشنطن والسباق بين حلفائهما على تسوية ما بعد هزيمة داعش. ويأمل المبعوث الأممي في ألا تكون خطوات روسيا لعقد “مؤتمر حميميم” واجتماعات أستانة بديلاً من مفاوضات جنيف وتنفيذ القرار 2254. وهناك رهان على نجاح مؤتمر المعارضة الموسع في الرياض الذي حدد العاشر من الشهر المقبل موعداً مبدئياً له لولادة شريك يفاوض وفد النظام. وعقد في واشنطن في اليومين الماضيين مؤتمر للسوريين في أمريكا لبحث آلية تنظيمهم والإفادة منهم سياسيا في الضغط على الموقف الأمريكي.
وسعى دي ميستورا إلى الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لمسيرته السياسية في الأسابيع المقبلة. ووضع 28 الشهر المقبل موعداً لاستئناف مفاوضات السلام بين وفدي المعارضة والنظام، أي بعد مؤتمر “الرياض 2″ واجتماعات أستانة و”مؤتمر حميميم”. وقال مصدر: “هناك مساع لدى روسيا من أنه كي تحصل على دعم الأمم المتحدة لا بد من توفير شروط نجاح مؤتمر المعارضة وألا يكون مثل اجتماعات العصف الفكري في موسكو-1 وموسكو-2” التي عقدت بداية العام 2015.
وقال المبعوث الدولي: “يجب أن يدخل الأطراف في مفاوضات فعلية” عبر التركيز على خطوات في اتجاه صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات في سوريا تحت إشراف المنظمة الدولية، في وقت أشار مسؤول غربي إلى أن نظام الأسد “فقد ذريعة أساسية، وهي محاربة الإرهاب” لأن تنظيم داعش يتلاشى، وهناك تفاهم روسي تركي على التعامل مع جبهة النصرة شمال سوريا. وأضاف: “أيضاً، رهان الأسد على انتخابات محلية وبرلمانية ليس كافياً، إذ إن القرار 2254 يتضمن أيضاً انتخابات رئاسية” بموجب بنود القرار والجدول الذي وضعه دي ميستورا في الجولات التفاوضية الأخرى لبحث “السلال الأربع”: الحكم، الدستور، الانتخابات، محاربة الإرهاب.
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة