البرازيل تدرس استعادة العلاقات مع نظام الأسد بحثا عن فرص للمشاركة في إعادة الإعمار

أعلنت البرازيل اعتزامها إعادة فتح سفارتها في دمشق واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع نظام الأسد على أمل أن تحظى بعض الشركات البرازيلية الكبرى بفرص المشاركة في إعادة إعمار البلاد...
جناح البرازيل في معرض دمشق الدولي في دورته التاسعة والخمسين 2017
أعلنت البرازيل اعتزامها إعادة فتح سفارتها في دمشق واستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع نظام الأسد على أمل أن تحظى بعض الشركات البرازيلية الكبرى بفرص المشاركة في إعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب.
حيث قال وزير الخارجية البرازيلي، ألويسيو نونيس فيريرا، خلال مقابلة مع صحيفة برازيليا المحلية إن “رغبتنا هي إعادة تنشيط السفارة بشكل كامل، وإرسال سفير مقيم إلى دمشق”، مضيفا أن الرئيس ميغيل تامر أصدر تعليماته بإجراء دراسة جدوى عن الأمر. وقال أيضا أن ردود الفعل الأولية من مسئولي المخابرات ووزارة الدفاع إيجابية، وسيتخذ قرار بخصوص هذا الموضوع خلال الأيام القليلة القادمة.
وكانت البرازيل قد استدعت جميع موظفيها الدبلوماسيين من دمشق في عام 2012، لكنها أبقت على مبنى السفارة مفتوحا يمارس فيه موظفون محليون معظم القضايا القنصلية، في حين عينت قائما بالأعمال ملحقا بسفارتها في بيروت لإقامة اتصالات مع المسؤولين السوريين. وقد أيدت الدولة الأمريكية الجنوبية في بعض الأحيان قرارات دولية بإدانة بشار الأسد ونظامه، لكنها امتنعت عن تقديم أي دعم للمعارضة خلال الثورة السورية.
وقال نونيس فيريرا في معرض تقييمه للسبب الذي يدعو البرازيل إلى توسيع وجودها الدبلوماسي في سوريا إن البلاد “نقطة ساخنة للسياسة العالمية” وموطن لمجتمع جالية برازيلية تقدر بـ 1500 شخص. وقال الوزير أيضا إن زيادة التمثيل ستكون جيدة للأعمال والاستثمار. وأضاف أنه عندما تنتهي الحرب، يمكن للشركات البرازيلية المشاركة في برامج وصفقات إعادة الإعمار المرتقبة.
وتعتبر البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية وهي أيضا موطن لمجتمع كبير من أصل سوري ولبناني. ورئيسها الحالي ميغيل إلياس تامر، من أصل لبناني ماروني من ناحية أبويه المنحدرين من بلدة بتعبورا في الشمالي اللبناني.
خلال السنوات الأخيرة، سعت البرازيل لزيادة التجارة مع الشرق الأوسط، إلا أن جهودها الرامية إلى إبرام صفقات بشأن النقل والبنية التحتية مع الحكومة الإيرانية واجهت عقبات خطيرة، أبرزها عقوبات الخزانة الأمريكية.
من جهته، قال القائم بأعمال السفير السوري في البرازيل، محمد خفيف، خلال مقابلة صحفية إن البرازيل دولة صديقة وشركاتها موضع ترحيب في سوريا. وأشار خفيف إلى أن “الجيش العربي السوري استعاد معظم الأراضي من أيدي المعارضة بما فيها العاصمة الصناعية حلب التي أصبحت مشغولة جدا بحيث تبدو وكأنها خلية نحل”. وأضاف “إن هناك فرصا هائلة للشركات الخاصة والعامة الأجنبية وكذلك للمشاريع المشتركة”.
وبدعم من حكومة تامر، حضرت شركات برازيلية معرضين تجاريين تم تنظيمهما مؤخرا في دمشق. وكان من بين الشركات المشاركة في معرض دمشق الدولي في آب/أغسطس الماضي، شركة عملاقة لإنتاج مستحضرات التجميل.
حيث قال أليساندرو شيمنتاو، المدير الدولي للشركة، “كنت مترددا في الذهاب إلى دمشق لكنني رأيت إمكانيات كبيرة واعدة”. وأضاف أن الشركات السورية طلبت منه أن يرسل وثائق لعقد شراكة مقترح، وأن ينظر في إمكانية فتح مصنع لمنتجات العناية بالشعر في سوريا. لكن شيمنتاو، الذي تصدر منتجات شركته إلى العراق والجزائر استدرك أن “الأمر يحتاج بعض الصبر قبل الشروع بأعمال في الدول التي تتعافى من صراع داخلي، ولكن عندما تهدأ الأمور، تحصل على مكافآت مذهلة، والسكان المحليون يعاملونك كما لو كنت إله”.
ونقلت وسائل إعلامية سورية تابعة للنظام عن شركة برازيلية أخرى هي شركة “إيه إم إس” لصناعة الأدوية، إعلانها أنها تناقش إقامة مصنع مع شركاء محليين. ورفضت الشركة البرازيلية في بيان أرسلته لصحيفة “بلومبرغ” كشف أي تفاصيل عن خططها لكنها اعترفت بأنها شاركت في معرض إعادة إعمار سوريا الذي تم تنظيمه في أيلول/سبتمبر الماضي كجزء من استراتيجيتها للتوسع دوليا.
هذا فيما لم تستجب شركة “سيسيل”، وهي إحدى أكبر الشركات العالمية لتصنيع النحاس الأصفر والمنتجات النحاسية، والتي قيل إنها تناقش خططا لتنفيذ بعض الصفقات مع السلطات السورية في دمشق، لطلبات صحيفة بلومبرغ المتكررة للتعليق على الموضوع.
كما تم تأكيد اجتماع عدد من رجال الأعمال البرازيليين مع وزراء سوريين في مجالات الاقتصاد والتجارة والكهرباء والتموين وغيرها، لكن التحديات الكبيرة التي تنتظر الشركات البرازيلية المهتمة بالسوق السورية هي العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تجعل المصارف الغربية مترددة في التعامل مع نظام الأسد، ولعل هذا ما دفع محمد خفيف “القائم بالأعمال السوري” إلى مقابلة محافظ المصرف المركزي البرازيلي إيلان غولدفاجن مطلع الشهر الجاري.
وقال خفيف يومها “ناقشنا سبل الحصول على موافقة المؤسسات المالية البرازيلية لتغطية الشركات البرازيلية التي يمكنها المشاركة في عملية إعادة الإعمار” دون تحديد ما سمعه من غولدفاجن.
فيما قال تشيمنتاو، ممثل مجموعة مستحضرات التجميل البرازيلية، إن جميع المعاملات البنكية سوف تتم عبر المصارف في لبنان، إذا ما رفضت المصارف البرازيلية التعامل مع نظيرتها السورية.
وتواجه البرازيل منافسة شديدة من الدول التي لديها علاقات سياسية وتجارية وثيقة مع نظام الأسد، مثل إيران وروسيا والصين. وقال ميشيل ألابي المدير العام للغرفة التجارية العربية البرازيلية الذي كان موجودا في سوريا مرتين هذا العام: “بالطبع هناك بعض الدول الأخرى التي تتمتع بميزة، ولكن هناك أيضا مجال للشركات البرازيلية”. وقال إن تعيين سفير مقيم لدى دمشق أمر حيوي لتحسين فرص نجاح البرازيل بالظفر ببعض العقود.
يضاف إلى ذلك أن العنف لم ينته بعد في سوريا وماتزال هناك العديد من النقاط الساخنة، وما تزال سيطرة النظام غير محسومة بعد على بعض المحافظات الهامة والغنية مثل دير الزور، كما أن محافظة إدلب تبدو بعيدة المنال بسبب كونها خارجة بالكامل عن السيطرة، وتعتبر ملاذا للفصائل الإسلامية التي ينتمي معظمها بشكل أو بآخر إلى تنظيم القاعدة.
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة