28 أكتوبر، 2017 1743 مشاهدات
أوضحت وثائق رسمية صادرة القنصلية الروسية في دمشق أن 131 مدنيا روسيا على الأقل قتلوا في سوريا خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، فيما قال أقارب وأصدقاء القتلى ومسؤولون محليون إن هذا العدد يشمل متعاقدين عسكريين تعاقدوا بشكل شخصي ومباشر مع حكومة الأسد ويقاتلون إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه ضد تنظيم داعش.
ولم تشر الوثيقة، التي نشرتها وكالة رويترز، وهي شهادة وفاة صادرة عن القنصلية الروسية في دمشق بتاريخ الرابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إلى ما كان يفعله المتوفى في سوريا.
لكن مقابلات أجراها مراسل الوكالة مع عائلات وأصدقاء بعض القتلى الروس ومع مسؤولين في بلداتهم التي ينحدرون منها أظهرت أن من بين القتلى متعاقدين عسكريين روسا لاقوا حتفهم أثناء قتالهم إلى جانب قوات الأسد كمرتزقة.
وتنفي الحكومة الروسية وجود متعاقدين روس في سوريا كما تنكر الخسائر التي يتعرضون لها، حيث تؤكد موسكو أن تدخلها العسكري في سوريا هو مهمة سلام ناجحة وحرب على الإرهاب وحرص على وحدة الأراضي السورية وأمن الشعوب السورية مع الحد الأدنى من الخسائر.
ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على أسئلة تفصيلية طرحتها وكالة رويترز، كما لم يصدر أي رد من القنصلية الروسية في دمشق على طلبات للتعليق.
ولكن الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قال في بيان له يوم أمس الجمعة: “ليست لدينا معلومات عن المواطنين الروس الذين يزورون سوريا. لذا فإنني أعتبر أن هذا السؤال قد تم تناوله”.
كما أرسلت وكالة رويترز تساؤلات إلى مجموعة من المتعاقدين العسكريين الروس العاملين في سوريا عبر ضابط مخابرات سوري على معرفة بقياداتهم لكنها لم تتلق أي إجابة.
العدد الرسمي للقتلى العسكريين الروس في سوريا هذه السنة هو 16. وقد يؤثر أي رقم أعلى بكثير من ذلك على حملة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لخوض الانتخابات الرئاسية قبل خمسة أشهر على انطلاقها والتي من المتوقع أن يخوض غمارها دون أي منافسة تذكر.
وبحسب إحصاء وكالة رويترز فإن عدد المتعاقدين الروس الذين قتلوا في سوريا هذا العام يصل إلى 26، وذلك استنادا إلى مقابلات مع أقارب وأصدقاء القتلى والمسؤولين المحليين. ولم تنشر السلطات الروسية علانية أي معلومات هذا العام عن الخسائر في صفوف المدنيين الروس الذين ربما شاركوا في القتال.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن القنصلية الروسية في سوريا تقوم بواجباتها على أتم وجه في ما يتعلق بتسجيل وفيات المدنيين الروس. وأضافت أن البيانات الشخصية التي يتم الحصول عليها في عملية تسجيل الوفيات لا يمكن الكشف عنها علنا بموجب القانون.
وفي آب/أغسطس الماضي قال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، ردا على تقرير سابق لرويترز إن المعلومات عن المتعاقدين العسكريين الروس في سوريا مجرد “خرافة” وأن رويترز تحاول تشويه حملة موسكو لإعادة الأمن والأمان إلى سوريا.
وقال ديبلوماسي روسي يعمل في قنصلية في مكان آخر في العالم والذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه لأنه غير مخول له التحدث إلى وسائل الإعلام إن عدد الوفيات المسجل خلال تسعة أشهر وهو 131 عدد مرتفع في شكل غير معتاد بالنظر إلى العدد المقدر للمغتربين الروس في سوريا.
وعلى رغم عدم وجود بيانات رسمية لعدد الجالية الروسية، فإن البيانات المستقاة من الانتخابات العامة الروسية تشير إلى أن نحو 5000 ناخب روسي مسجل في الدولة في 2012 و2016.
وقال الديبلوماسي “الأمر يبدو كما لو أن الجالية تموت”. وأضاف أن القنصليات الروسية عادة لا تسجل الأعداد المرتفعة للوفيات إلا في الأماكن السياحية مثل تايلاند أو تركيا.
كما أكد مسؤول في القنصلية الروسية في دمشق، والذي لم يكشف عن اسمه، إن القنصليات الروسية لا تسجل وفيات العسكريين.
والوثيقة القنصلية التي اطلعت رويترز عليها هي “شهادة وفاة” صدرت لتسجيل وفاة سيرغي بودوبني البالغ من العمر 36 سنة. وكانت واحدة من ثلاث شهادات وفاة اطلعت عليها الوكالة. وتدرج شهادة وفاة بودوبني، التي تحمل ختم القنصلية، سبب الوفاة على أنه “تفحم الجثة” بمعنى أنه مات محترقا.
كما تشير الوثيقة إلى أنه لاقى حتفه في 28 أيلول/سبتمبر الماضي في بلدة التياس في محافظة حمص، والتي شهدت قتالا عنيفا بين عناصر تنظيم داعش والمليشيات الموالية لبشار الأسد. ولقي متعاقدون روس عدة حتفهم في المنطقة في وقت سابق هذا العام، وفق ما أبلغ أصدقاؤهم وأقاربهم.
وأعيدت جثة بودوبني إلى روسيا وتم دفنها في مسقط رأسه جنوب روسيا بعد الوفاة بثلاثة أسابيع. وكان يعمل في سوريا متعاقدا عسكريا، خاصا كما أفاد أحد أقاربه وأحد أصدقائه.
وتحمل شهادة وفاة بودوبني في الجانب الأيمن العلوي رقما مسلسلا هو 131، حيث تقضي لوائح وزارة العدل بترقيم كل شهادات الوفيات بدءا من الصفر في بداية العام وصعودا برقم واحد عن كل حالة وفاة جديدة يتم تسجيلها، كما أكد الديبلوماسي الروسي هذا النهج.
واطلعت وكالة رويترز على شهادتي وفاة أخريين صدرتا في الثالث من شباط/فبراير الماضي. ويشير العددان تسعة و13 إلى صدور خمس شهادات وفاة على الأقل في ذلك اليوم. ويقول أشخاص على علم بالأمر إنهما لمتعاقدين عسكريين.
ويقول الديبلوماسي الروسي إنه يتعين تسجيل وفاة أي مواطن روسي في القنصلية من أجل إعادة الجثة إلى روسيا عبر القنوات المدنية. وأضاف أن صدور أي شهادة وفاة من القنصلية يساهم أيضا في إعادة متعلقات الشخص المتوفى.
وقال مسؤول روسي سابق تعامل مع ست حالات على الأقل لمواطنين روس قتلوا في سوريا وأقارب أربعة متشددين روس قتلوا أيضا في سوريا إن جثث الروس الذين يقاتلون في صفوف المعارضة المسلحة لا تعود إلى الوطن.
ويؤكد مسؤولون روس إن بضعة آلاف من المواطنين الروس المتعاطفين مع فصائل المعارضة السورية سافروا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتطرفين منذ اندلاع الثورة السورية في 2011.
أقسام
من الانترنت