نعم تيار الغد سوف يذهب إلى سوتشي من أجل الحوار الوطني الذي يؤمل أن يفضي إلى اتفاق بين مكونات الشعب السوري السياسية والمدنية والأهلية على محددات دستورية تؤدي إلى تحقيق السلام وإنتاج الشخصية الوطنية السورية التي تؤمن بوطن موحد لجميع أبنائه. ولا أعتقد أننا يجب أن نعتذر لأحد أو نبرر وكأننا نرتكب خطأ ما، ولكن لا بأس من ذكر أسباب القرار:
١- ذهبنا أول مرة إلى جنيف عندما كنّا في قيادة الائتلاف أوائل عام ٢٠١٤، وتعرضنا آنذاك لحملات تخوينية قاسية من أعضاء في الائتلاف وغيرهم، ولكن كان القرار مبنيا على قراءة صحيحة للمعادلات الدولية وبيان جنيف نفسه الذي يؤدي تطبيقه إلى الانتقال الديمقراطي في سوريا. وبعد ذلك مرت سنة أو سنتين وكل من كان يرفض ويخوّن أصبح يحجّ إلى جنيف بكل حماس ويتمسك به. ولكن مرت حوالي أربع سنوات منذ ذلك التاريخ وجنيف تحول إلى مسلسل من الاستعراضات التي لا تؤدي إلى شيء مفيد. الاستعصاء موجود ومع التمسك بمسار جنيف يجب خلق مسار يمكنه من تحريك المياه الراكدة وتحقيق اختراق سياسي من أجل تحقيق تقدم.
٢- كل من يعارض ويرفض ويخوّن لا يعيش في الخيام، ولديه تدفئة في الشتاء وتكييف في الصيف، أطفاله يذهبون إلى المدارس، وإذا جاعوا يأكلون وإذا مرضوا لديهم الدواء. ولكن هناك الملايين من السوريين الذين يحتاجون إلى كل ذلك، ويجب العمل على تحسين أوضاعهم عن طريق الهيئة العليا للحوار الوطني والتي من المفترض أن تنبثق عن المؤتمر.
٣- الحرب تقريبا انتهت، والجيش الحر ذهب إلى أستانة وجلس مع النظام وإيران ووقع على وقف إطلاق النار. وهذا يعني أن الحل العسكري أصبح خارج التداول، ولم تنجح المعارضة في إزاحة النظام بالقوة، وكذلك لم ينجح النظام في القضاء على المعارضة ولن يستطيع استعادة المناطق التي فقدها، وهو ملزم بموجب اتفاقيات وقف التصعيد بتجميد الجبهات. توجد خروقات ونقص في الإمدادات الإنسانية، ولكن العنف انخفض بنسبة كبيرة وتدخل المساعدات من حين لآخر، وهذا أنقذ أرواحا كثيرة، ويجب العمل على استكمال تلك المسارات.
٣- يجب العمل على إنقاذ المعتقلين، والبداية في الحصول على إحصائيات ومعلومات وقوائم عنهم، وهذا يجب أن يكون عن طريق مسار تفاوضي مع النظام.
٤- الهدف الرئيسي من أي عمل عام وطني هو خدمة الشعب وتحسين أوضاعه، وليس عقد المؤتمرات واللقاء مع المسؤولين الأجانب واللقاءات الإعلامية فقط. لقد عملنا في المعارضة لسنوات ولكن للأسف لم نستطع إنقاذ طفل واحد من الموت أو التشرد أو عدم حصوله على التعليم. وأول عمل في هذا الإطار، والذي نفخر به، هو وساطتنا من أجل إبرام اتفاقات وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية والريف الشمالي لحمص، ونجزم أن أرواحا كثيرة قد أنقذت بسبب تلك الاتفاقات، وكانت مشرفة، ليس فيها تهجير أوباصات خضر ولا تسليم سلاح ولا دخول أمني للنظام إلى المناطق. وعندما نخدم الناس نعلم أننا نسير في الطريق الصحيح.
٥- كلما انسحبت المعارضة من مؤتمر للسلام أو رفضت حضور آخر، فإن الأسد ونظامه يفرحون بذلك، ببساطة لأنهم يتفادون الاستحقاق السياسي الذي اشترطته عليهم روسيا عندما تدخلت عسكريا لإنقاذهم من السقوط، ويجب عدم إعطاء الأسد هذه الفرصة للهروب من استحقاق التغيير السياسي، وهو يقول دستور ٢٠١٢ مع تعديلات، ولكن روسيا تقول دستور جديد بالكامل، وهو يقول انتخابات برلمانية، وروسيا تقول ورئاسية أيضا.
٦- كافة أطياف المعارضة وافقت على بيان جنيف والذي ينص في أحد بنوده على (حل سياسي تفاوضي حصريا)، كما ينص على مفاوضات بين النظام والمعارضة، وتوافق حول مسار الانتقال السياسي والهيئة الانتقالية الحاكمة. إذًا المعارضة موافقة أصلا على الحوار مع النظام والتشارك معه، فلماذا الآن تقول إن مثل ذلك الحوار تفريط وخيانة و… إلخ.
٧- الغرب إما عاجز عن فعل شيء، أو، وهذا الأرجح، لا يرغب بفعل شيء. اتفقت أمريكا وروسيا على خطوط عريضة؛ وقف الحرب بين المعارضة والنظام، استمرار الحرب على الإرهاب، وحدة الأراضي السورية، وحل سياسي تفاوضي حسب بيان جنيف. وتركت ساحة واسعة لروسيا للتحرك ضمن تلك المحددات، ولم تعترض أمريكا على التدخل العسكري الروسي، وكذلك على مسار أستانة، ولن تعترض على مسار سوتشي للحوار الوطني. ولا يبدو أن واشنطن مستعجلة للوصول إلى حلول، ولكن الأمر نفسه لا ينطبق على السوريين المعذبين في الأرض.
٧- مناطق النفوذ، وتقسيم الأمر الواقع موجود على الأرض حاليا، وكلما مر المزيد من الوقت يصبح الوطن مهددا بالتقسيم الدائم، وواجب الوطنيين السوريين أن لا ينتظروا أو يؤخروا أي عمل من شأنه تفادي هذا التقسيم.
٨- هناك ملايين السوريين ليسوا مع النظام ولا مع المعارضة، وهؤلاء يجب أيضا الجلوس معهم وسماع رأيهم في إطار الحوار الوطني.
الحوار الوطني هو رسالة سلام بعد سبع سنوات من الحرب ووسيلة لتحقيق التغيير السياسي المنشود و تحسين أوضاع الشعب الإنسانية. وهذا ما ننشده ونتطلع إليه ونعمل من أجله، ولا يوجد بديل آخر حاليا يسمح بتحقيق أي تقدم، المطالبات والمناشدات والإدانات لم ولن تؤدي إلى شيء، ولن نسمح بتشرد الشعب لخمسين سنة من أجل عناد لا يستند إلى أدوات فعالة.
منذر آقبيق – الناطق الرسمي باسم تيار الغد السوري
6 نوفمبر، 2017 2127 مشاهدات