ما الذي يمكن أن تحققه جولة ثامنة في جنيف بعد سبع جولات فاشلة؟

ترعى الأمم المتحدة في جنيف الجولة الثامنة من المفاوضات بين المعارضة السورية ونظام الأسد في إطار الجهود الدبلوماسية لإيجاد تسوية سياسية للنزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات. ولم...
المبعوث الأممي إلى سوريا استيفان دي ميستورا
ترعى الأمم المتحدة في جنيف الجولة الثامنة من المفاوضات بين المعارضة السورية ونظام الأسد في إطار الجهود الدبلوماسية لإيجاد تسوية سياسية للنزاع المستمر منذ أكثر من ست سنوات.
ولم تثمر الجولات الماضية أي نتيجة، وكانت دائما تصطدم بالخلاف حول مصير بشار الأسد الذي تطالب المعارضة برحيله ويصر النظام على أن الموضوع غير قابل للنقاش.
وتتزامن الجولة الجديدة مع استيلاء قوات النظام على مواقع جديدة من الأرض التي كان قد طرد منها من قبل فصائل المعارضة، ومع جهد دبلوماسي مستمر تقوده كل من روسيا وإيران، أبرز حلفاء النظام وتركيا الداعمة للمعارضة.
منذ بدء مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة في بداية 2016، يشارك النظام عبر وفد من شخصيات سياسية لا يبرز منها سوى رئيس الوفد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
وتأتي مفاوضات جنيف المرتقبة حاليا في وقت استلمت فيه قوات النظام، بدعم من حلفائها، وخصوصا روسيا، زمام المبادرة على الأرض في مواجهة تنظيم داعش والفصائل المعارضة على حد سواء، وباتت تسيطر على 55 في المئة من مساحة البلاد. كما تزامن هذا التقدم مع تراجع قوة الفصائل المعارضة وتشرذمها.
ولطالما شكل مصير الأسد العقبة الأبرز التي اصطدمت بها سبع جولات سابقة من المفاوضات في جنيف، إذ تتمسك المعارضة برحيله، فيما ترفض دمشق بالمطلق بحث هذا المطلب، وتقترح تشكيل حكومة وحدة موسعة تضم ممثلين عن المعارضة الوطنية وعن السلطة الحالية.
وخلال السنتين الأخيرتين، غضت دول غربية وأوروبية النظر عن مطلب رحيل الأسد، من دون أن تقدم على فتح قنوات تواصل رسمية معه.
وشاركت أطياف واسعة من قوى المعارضة الرئيسة، على رأسها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وبينها فصائل مسلحة مقاتلة، خلال العامين الماضيين في جولات عدة من مفاوضات جنيف. ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2015 تشكلت الهيئة العليا للمفاوضات في العاصمة السعودية الرياض التي جمعت أطيافا واسعة من المعارضة السياسية والعسكرية.
وتمسكت الهيئة خلال جولات جنيف على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية.
ومنذ تشكيلها، اعتبرت الهيئة الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري، ورفضت طيلة الجولات الأخيرة جلوس معارضين آخرين على طاولة المحادثات.
إلا أن الأمم المتحدة لم تكتف بدعوتها وحدها إلى جنيف، بل كانت تتم دعوة وفدين آخرين ممثلين لمنصة موسكو القريبة من روسيا ويرأسها نائب رئيس الوزراء السوري السابق قدري جميل، ومنصة القاهرة التي تضم معارضين مستقلين بارزين.
وطالما كان وفد الهيئة العليا للمفاوضات أكبر الوفود المشاركة لكونه يضم أطرافا عدة من الائتلاف الوطني وفصائل مسلحة وهيئة التنسيق الوطنية (من معارضة الداخل).
وخلال الجولات التفاوضية السابقة، انتقد نظام الأسد وحليفته روسيا المعارضة على اعتبار أنها غير موحدة. واستبعد وفد النظام مرات عدة المفاوضات المباشرة، متهما تارة الفصائل المعارضة بأنها “إرهابية” ومتحججا طورا بالانقسام في صفوف محاوريه، ومشيرا إلى أنها لا تمثل السوريين وأنها مرتهنة للخارج.
وبعد فشل تلك الجولات، ونتيجة ضغوط دولية، عقدت المعارضة السورية اجتماعا موسعا في 22 كانون الثاني/يناير في الرياض، بهدف تشكيل وفد موحد إلى جنيف. وشارك في الاجتماع نحو 140 شخصية يمثلون قوى المعارضة الرئيسية وعلى رأسها الائتلاف الوطني، إضافة إلى منصتي موسكو والقاهرة.
وبعد ثلاثة أيام من المباحثات المكثفة، اتفقت قوة المعارضة على توسيع الهيئة العليا للمفاوضات لتصبح هيئة تفاوضية موحدة وتشارك في مفاوضات جنيف في 28 تشرين الثاني/نوفمبر.
وتتألف الهيئة الجديدة من 36 عضوا، هم ثمانية من الائتلاف، وأربعة من منصة القاهرة، وأربعة من منصة موسكو، وثمانية مستقلين، وسبعة من الفصائل، وخمسة من هيئة التنسيق.
وتم اختيار الدكتور نصر الحريري منسقا عاما للهيئة الجديدة ورئيسا لوفدها المفاوض إلى جنيف، وهو كان ترأس الوفد المفاوض في جولات سابقة. وأعلنت الهيئة الجديدة فور تشكيلها استعدادها لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام، وهو أمر طالما دعت إليه سابقا. كما شددت على “خروج بشار الأسد من الحكم”، الأمر الذي “تحفظت” عليه منصة موسكو.
وتبنى الدبلوماسي المخضرم والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، استيفان دي ميستورا، موقفا متفائلا على امتداد أزمات عالمية مختلفة، لكنه يصطدم منذ قرابة ثلاث سنوات بمأزق النزاع السوري.
في تموز/يوليو 2014، كلف هذا الإيطالي السويدي (70 عاما) الذي يتحدث سبع لغات واعتبره الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون “دبلوماسيا من الصف الأول”، ملف “المهمة المستحيلة”.
وقبله، شغل هذا المنصب الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، ثم وزير الخارجية الجزائري السابق الأخضر الإبراهيمي، واستقالا بعد عجز عن إحراز أي تقدم. وفي مقابلة تلفزيونية عام 2015، قال دي ميستورا “أعاني من مرض التفاؤل المزمن”.
ويعرف عن دي ميستورا اقتراحه لحلول غير تقليدية. في أوج معركة حلب التي علق فيها حوالى 250 ألف مدني في شرق المدينة عام 2016، اقترح التوجه شخصيا إليها لضمان ممر آمن للفصائل المعارضة إذا وافقت على الانسحاب.
ومنذ بداية 2016، نجح دي ميستورا في إحضار ممثلي النظام والمعارضة سبع مرات إلى جنيف. وعلى رغم أن الجولات لم تسفر عن أي نتيجة، لم يفقد الأمل!.
صحيفة الحياة
أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة