تحول تنظيم داعش من مشروع “خلافة” إلى مجموعة عصابات متفرقة وخائرة القوى في سوريا، التي من المتوقع أن تسير قريبا على خطى العراق مع قرب انتهاء الحرب ضد التنظيم على أراضيها بالقضاء عليه.
حيث أعلنت الحكومة العراقية من بغداد يوم السبت الفائت “نهاية الحرب” على تنظيم داعش بعد عام شهد معارك عنيفة انتهت بخسارة التنظيم مدينة الموصل، معقله الأساسي في العراق، وكامل الحدود السورية العراقية التي شكلت سابقا صلة الوصل بين “أراضي الخلافة” في البلدين.
ولم يعد التنظيم يسيطر على أي مدينة في سوريا، لكنه يحتفظ بقرى وبلدات وجيوب ينتشر فيها عشرات من العناصر، من دون أن يكون لهم أي مقار شرعية أو دواوين اعتادوا أن يديروا “الخلافة” المزعومة منها. وعلى رغم ذلك، سارعت روسيا الأسبوع الماضي إلى الإعلان بأن سوريا “تحررت بالكامل” من التنظيم المتطرف.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس بأن “التنظيم بات مجرد مجموعات متفرقة داخل الأراضي السورية”. متوقعا أن تتسارع العمليات العسكرية في الفترة المقبلة “في محاولة من كل طرف لتحقيق نصر قريب بالقضاء على التنظيم”، مرجحا أن “يواصل التنظيم عمله عبر خلايا نائمة”.
وعلى رغم أن هؤلاء لن يكونوا قادرين على اعادة اجتياح مناطق معينة، لكن باستطاعتهم احداث أضرار من خلال هجمات مضادة وتفجيرات متفرقة على نمط حروب المليشيات.
ولا يزال التنظيم المتطرف نشطا في منطقة صغيرة على الضفة الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث يتحصن مئات العناصر ضد هجمات المقاتلين الكرد وحلفائهم.
وشنّ مقاتلو داعش قبل أيام سلسلة هجمات على مواقع لقوات النظام الموجودة على الضفة الغربية للنهر، أسفرت عن مقتل عشرات العناصر من الجيش السوري وحلفائه الإيرانيين واللبنانيين.
وعلى وقع هجمات عدة، سواء تلك التي قادتها قوات الأسد بدعم روسي أو قوات سوريا الديموقراطية بدعم أمريكي، خسر التنظيم مناطق سيطرته في شمال وشرق ووسط سوريا، وشكل طرد المقاتلين الكرد للتنظيم من مدينة الرقة، التي كانت تعد معقله الأساسي في سوريا، أبرز خسائره.
ولا يزال التنظيم يسيطر على أجزاء من مخيم اليرموك وحيي التضامن والحجر الأسود في جنوب دمشق، وعلى عدد من القرى في ريفي حمص الشرقي وحماة الشرقي، الواقعين في دائرة العمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوري بدعم جوي روسي.
وعلى وقع هجومين منفصلين ضده في شرق سوريا، لم يعد التنظيم يسيطر إلا على نحو 18 قرية وبلدة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، حيث يتصدى لهجوم مستمر تشنه قوات سوريا الديموقراطية. كما يسيطر على منطقة صغيرة في ريف الحسكة الجنوبي تقع في دائرة العمليات العسكرية للمقاتلين الكرد.
كما يوجد فصيل “خالد بن الوليد” المؤيد للتنظيم المتطرف في محافظة درعا، ويخوض باستمرار معارك ضد الفصائل المعارضة حصرا دون أي مواجهات مع قوات الأسد.
على وقع كل تلك الهجمات، يرجح محللون فرار الكثيرين من عناصر داعش واختباءهم في مناطق صحراوية نائية أو اختلاطهم بالنازحين وعودتهم الى الحياة المدنية.
ويقول الباحث في الشؤون السورية أيمن التميمي لوكالة فرانس برس “تحول داعش إلى حركة تمرد منذ مدة”، على رغم أنه “حاول أن يحافظ على مشروع الدولة في المناطق التي يسيطر عليها” خصوصا في جنوب دمشق وجنوب البلاد.
ويضيف “أنا متأكد أنه لا تزال هناك تراتبية قيادية لكن الهيكلية العامة باتت أقل تماسكا من قبل”، موضحا “ليست هناك مقار بالمعنى العام للكلمة، ليست هناك سلطة مركزية على غرار ما كانت الرقة تشكله لداعش في سوريا”.
وبين عامي 2016 و2017، فرض داعش شكلا من أشكال الدولة عبر المحاكم الشرعية والشرطة الإسلامية المعروفة بـ”الحسبة” والدواوين الإدارية والسجون.
وأثار التنظيم المتطرف الرعب عبر قيود مشددة فرضها على السكان كالامتناع عن التدخين أو اقتناء الصحون اللاقطة وفرضه أزياء معينة، معاقبا كل من يخالف أوامره بالجلد وقطع الأيدي وصولا إلى القتل.
ويقول التميمي “صحيح أن عناصر داعش موزعون في أنحاء البلاد، لكن هذا لا يعني أنه ما من تواصل بينهم”، موضحا “حين كان التنظيم يسيطر على أراض متصلة ببعضها من العراق إلى سوريا، اعتمد نظاما رسميا لبعث الوثائق والرسائل بين الإدارات والمناطق”.
وعلى رغم خسائره المتتالية، ما زال بإمكان التنظيم وفق التميمي “تهريب الرسائل والوثائق بين مختلف المناطق” مرجحا أن يكون يتبع “نظاما مشفرا على الإنترنت للتواصل”.
وانعكست هزائم التنظيم أيضا تراجعا في إصدارات آلته الدعائية، وباتت غالبية الأخبار التي ينشرها متعلقة بالمعارك المستمرة والهجمات المتقطعة في محافظة دير الزور. ويلف الغموض مصير زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الذي تم بث آخر تسجيل له في 29 أيلول/سبتمبر، دعا فيه عناصر التنظيم إلى القتال.
ويقول التميمي “من الصعب أن نقول أين البغدادي في هذه المرحلة، ولكن كان هناك قلق في بعض دوائر التنظيم لناحية غيابه عن لعب دور قيادي… لكنني أعتقد أنه ما زال مهما للتنظيم على رغم خسائره العسكرية”.
13 ديسمبر، 2017 818 مشاهدات
أقسام
من الانترنت