كشفت مجموعة شيربا الحقوقية إن مجموعة “لافارج هولسيم” السويسرية – الفرنسية للأسمنت دفعت بين العامين 2011 و2015 حوالي 13 مليون يورو (15.2 مليون دولار) لجماعات مسلحة منها تنظيم داعش من أجل مواصلة نشاطها الاقتصادي في سوريا رغم الحظر الفرنسي والدولي على التعامل مع التنظيم.
وقال محامون يعملون لصالح مجموعة “شيربا” الحقوقية إن قسما كبيرا من الأموال ذهب بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى خزائن تنظيم داعش، وإن المدفوعات استمرت لما بعد إغلاق مصنع “لافارج” في الجلابية بريف حلب الشرقي (شرقي نهر الفرات) في أيلول/سبتمبر 2014.
وأشار المحامون إلى رقم حدده مدعون يفحصون أنشطة “لافارج” خلال الحرب السورية منذ العام 2011 وجرى استقاؤه من تقرير داخلي وضعته شركة “بيكر آند ماكينزي” الأمريكية للمحاماة لصالح “لافارج”.
وكان المحامون يتحدثون خلال مؤتمر صحفي عقدوه بشأن التحقيق الأولي الذي يجريه المدعون الفرنسيون في عمليات “لافارج” والذي بدأ في حزيران/يونيو للاشتباه في “تمويل كيان إرهابي” واعتقلت السلطات الإماراتية بموجبه أحد ملاك الشركة ومسؤوليها في سوريا “فراس طلاس”.
ومجموعة “شيربا” جمعية حقوقية مقرها في باريس، تأسست عام 2001 من قبل ويليام بوردون، وهو محام فرنسي متخصص في حماية والدفاع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان والأضرار البيئية التي ترتكبها المؤسسات الاقتصادية أو التدفقات المالية غير المشروعة.
وقالت المحامية في ماري دوس “الرقم الدقيق الوارد في التحقيق هو 12946000 يورو دفعته لافارج بين العامين 2011 و2015 لمنظمات إرهابية منها داعش”.
وتحولت شركة “لافارج” إلى “لافارج هولسيم” في العام 2015 بعد استحواذ “هولسيم” السويسرية عليها، ليشكلا أكبر شركة في العالم لصناعة الأسمنت.
واستقال الرئيس التنفيذي السابق لـ”لافارج هولسيم” إريك أولسن بعدما اعترفت الشركة بدفع أموال إلى مجموعات مسلحة بهدف استمرار عمليات أحد مصانعها في سوريا. وقال محاميه إن أولسن سيطعن على وضعه قيد التحقيق.
ورفعت مجموعة “شيربا” وجماعات أخرى لحقوق الإنسان في فرنسا وكذلك وزارة المال الفرنسية دعوى ضد “لافارج” بسبب أنشطتها غير القانونية في سوريا.
وتريد “شيربا” وضع الشركة قيد تحقيق جنائي رسمي، شأنها في ذلك شأن أولسن، وتتهمها كذلك بعدم التعاون مع السلطات ومحاولة إخفاء عناصر مهمة عن التحقيق. فيما رفضت ناطقة باسم الشركة هذه التهم، لكنها لم تعلق على مبلغ الـ 13 مليون يورو.
وقالت “لافارج هولسيم تتعاون بشكل كامل مع سلطات العدالة. المجموعة قدمت آلاف الوثائق للقضاة أو جرت مصادرتها خلال البحث”. وأضافت “نرفض بشدة الزعم بأن الشركة تحاول بأي طريقة كانت تقييد حق موظفيها الحاليين أو السابقين في الدفاع عن أنفسهم.. أو تقييد قدرتهم على التعاون مع تحقيق قضائي”.
ويعني الوضع قيد تحقيق رسمي في فرنسا أن المدعين يعتقدون أن لديهم “أدلة جادة أو متسقة” من شأنها أن تقود إلى ملاحقة قضائية. وهو خطوة صوب محاكمة محتملة بيد أن التحقيق لا يزال بالإمكان إسقاطه.
وكان مدعي باريس قد وضع يوم الجمعة الماضي كلا من سلف أولسن وبرونو لافون ونائبه السابق للعمليات قيد تحقيق رسمي في أنشطة “لافارج” في سوريا، بحسب ما ذكره محامو الرجلين.
وأظهر تحقيق داخلي مستقل أن دفع أموال عبر وسطاء، بهدف الإبقاء على عمليات مصنع الجلابية في شمال سوريا، لا يتماشى مع سياسات الشركة.
وفي مقابلة مع صحيفة “لافيغارو” الفرنسية، أكد رئيس “لافارج هولسيم” بيت هيس أن الشركة وقعت في أخطاء غير مقبولة في سوريا، وأنها تتعاون مع المحققين الفرنسيين.