في زيارة رسمية لموسكو، التقى أحمد الجربا، رئيس تيار الغد السوري، صباح اليوم الأربعاء، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف، تم التباحث خلالها حول مختلف القضايا المتصلة بالشأن السوري سواء على الصعيد السياسي أو الميداني أو الإنساني، كما ناقش الجانبان التحضيرات الروسية لعقد مؤتمر سوري جامع للنظام والمعارضة في سوتشي نهاية الشهر المقبل تشارك فيه الأمم المتحدة والدول الإقليمية والعربية.
وعقب اللقاء الذي استمر لساعة في مبنى الخارجية الروسية أعقبه غداء عمل بين الجربا وبوغدانوف، أكد الجربا، خلال تصريح لقناة روسيا اليوم أن تيار الغد السوري والمجلس العربي في الجزيرة والفرات والأطراف الحليفة الأخرى “قررت المشاركة في مؤتمر سوتشي بناء على المعطيات التي قدمت لنا، وقد استمعنا إلى وجهة نظر الوزير سيرغي لافروف وهناك أيضا أمر مشجع، وهو أن الأمم المتحدة ستكون موجودة ومشاركة في المؤتمر، بالإضافة إلى المبعوث الأممي استيفان دي ميستورا، وهناك دول مثل تركيا وإيران ودول عربية فاعلة أيضا ستكون حاضرة ومشاركة وهذا يمنح الموضوع جدية أكبر”.
وحول رفض بعض الجهات والشخصيات من المعارضة السورية المشاركة في مؤتمر سوتشي قال الجربا إن “هناك حالة سورية وطنية صادقة وعاطفية تقول إن الذهاب إلى سوتشي خطأ، وهذه الحالة ننظر لها باحترام ونتعامل معها بجدية، ولكن بالمقابل هناك تجاذب دولي في سوريا يؤدي إلى أن تتخذ بعض الأطراف مواقف رافضة. أيضا التجاذب الإقليمي الدائر في المنطقة يؤدي إلى نفس النتيجة، ولكن برأينا أن الوضع السوري بالهشاشة بمكان بحيث لا يحتمل أي تجاذب روسي – أمريكي أو سعودي – إيراني، أو أي تجاذب بين الدول العربية الشقيقة في الخليج.. ورفض بعض المعارضة للمشاركة يعبر عن حالة متشنجة وغير صحية وغير إيجابية. نحن نريد للأمور أن تهدأ لكي يستطيع الناس اتخاذ قرار المشاركة، وباعتقادي فإن المشاركة الدولية والأممية من خلال الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث دي ميستورا بالإضافة إلى المشاركة العربية إلى جانب روسيا وتركيا وإيران تؤدي إلى معطيات نراها حقيقية لإنجاح مؤتمر سوتشي”.
وعن سبب زيارته لموسكو، قال الجربا “نحن نبحث عن حل للمسألة السورية وإنهاء المقتلة السورية المستمرة منذ سبع سنوات”، مؤكدا على أن “روسيا عامل رئيسي في الحرب والسلام والاستقرار، وجئنا لنبحث مع أصدقائنا الروس سبل الحلول الناجعة المقترحة في سوتشي”.
وعن المرحلة الانتقالية وكتابة الدستور السوري قال الجربا إن “كتابة الدستور أمر مهم بالطبع لأنه يبين أفق سوريا القادمة وسوريا الجديدة، ويحدد ماهية نظام الحكم في سوريا، إن كان نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مركزيا أو لامركزيا.. وهذا سيؤدي إلى نتائج حقيقية تستشرف مستقبل سوريا الجديدة”.
وعن رأيه بالفيدرالية، أكد الجربا “نحن نطالب بنظام حكم لامركزي في سوريا، وهذا لا يعني أن يصبح النظام المركزي في مهب الريح، وكما تقول العرب: لايموت الذئب ولا يفنى الغنم.. بمعنى أن يكون للمركز دور رئيسي وفي نفس الوقت يكون للأطراف دور.
وحول مصير الأسد، قال الجربا “الأسد اليوم مسؤول بنسبة كبيرة جدا عما حصل في سوريا، ونحن نحمله مسؤولية كبيرة عما وقع على مدار سبع سنوات”، ولفت إلى أن “المسألة اليوم ليست بيد السوريين وحدهم، بهذا الخصوص، والأطراف الإقليمية والمجتمع الدولي له رأي في هذا الموضوع، ومن جانبنا هناك رفض لوجود بشار الأسد في مستقبل سوريا، وفي المقابل فإن بشار الأسد له جمهور وموالون يصرون على بقائه. هذه الأمور كلها ستناقش، والسوريون اليوم ليسوا أصحاب القرار سواء في جانب النظام أو المعارضة، هناك أطراف أخرى وتدخلات ونفوذ خارجي سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي كبير في سوريا”.
وعن جدوى اتفاقات خفض التصعيد في سوريا ونتائجها والتي شارك تيار الغد السوري في إبرام عدد منها، قال الجربا “هذه الاتفاقات يفترض أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار، وإرساء هدن وعودة الحياة إلى الحالة الطبيعية، ومن غير الطبيعي أن الغوطة الشرقية التي تبعد بضعة كيلومترات عن دمشق تعيش الحصار والجوع والمأساة، وهذه مسألة غير مقبولة من جانبنا”. وأضاف “وقف إطلاق النار يعني أن يعيش الناس في سلام. وقف إطلاق النار يعني أن يتوفر للناس الطعام والشراب.. ونحن أطلعنا الجانب الروسي على هذا الموضوع وتحدثنا معهم بخصوصه، وسنعمل على إجراء خطوات إيجابية خلال الأيام القادمة باتجاه فك الحصار لأن ذلك سيعطي دافعا كبيرا وانطباعا أن روسيا جادة فيما تقول وتعمل عليه لإحلال السلام في سوريا.
وحول جهود التيار في مناقشة الدستور السوري والندوة التي عقدها في شهر آذار/مارس من العام الجاري وشارك فيها سياسيون وحقوقيون وقانونيون من التيار وخارج التيار، قال الجربا “اتفقنا أن تكون هناك لجنة تضم فريقا من المتخصصين لإطلاع الجانب الروسي عن رأينا وملاحظاتنا في هذه المسألة، لأن هذا الأمر له علاقة بجانب فقهي وقانوني، وموضوع الدستور موضوع مهم جدا، ويجب أن يكون من يصوغ الدستور السوري سوريين سواء من الداخل أو الخارج”.
وعن توحيد المعارضة، قال الجربا “المعارضة السورية من الصعوبة بمكان أن تتوحد، لأن هناك إسلاميون وليبراليون.. ومن كل الأطياف، ولكن من حيث الهدف المشترك فإن المعارضة كلها متفقة على وحدة سوريا أرضا وشعبا، وعلى أن يكون النظام في سوريا ديمقراطيا، وأن يكون هناك تداول للسلطة، والمعارضة كلها متحدة في هذا الاتجاه”.
وبالنسبة للقضية الكردية في سوريا، أكد الجربا “إننا والكرد عشنا طوال عمرنا مع بعض، والمجلس الوطني الكردي يشارك في مفاوضات جنيف ضمن هيئة التفاوض، وهناك الـPYD لديهم قوة عسكرية وسياسية في شمال سوريا، وبرأيي أن لا شيء في سوريا اليوم دائم، وسوريا اليوم كلها رمال متحركة وما نراه اليوم قد لا نراه غدا”.
كما أكد الجربا على أن الحقوق الثقافية والاجتماعية للكرد وكل الحقوق الأخرى لا يرفضها أي سوري، بل على العكس فنحن معهم ونؤيد كامل حقوقهم، والسوريون اليوم جميعا باتوا مقتنعين أن هذا الأمر بات طبيعيا ومسلما به، أما عندما نسمع عن أفكار حول الفدرالية قد تؤدي إلى الانفصال فهذا طبعا القسم الأكبر من السوريين يرفضونه”.
27 ديسمبر، 2017 3041 مشاهدات