دخلت فصائل المعارضة العاملة في الغوطة الشرقية في محادثات مع روسيا في إطار سعيها إلى تجنيب المنطقة مسلسل المجازر اليومية التي يتعرض لها الأهالي على مدى سنوات، وهو ما فسره البعض أيضا بسعي موسكو إلى تعزيز دورها في مستقبل سوريا.
وكشف الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن، وائل علوان، لوكالة رويترز، أن الفيلق يفضل التفاوض مع “من يمتلك الأمر أي روسيا وليس النظام”، مشيرا إلى أن فصائل الثوار في الغوطة الشرقية “تضطر إلى الاجتماع بالروس” حاليا.
كما لفت الناطق باسم هيئة أركان جيش الإسلام، حمزة بيرقدار، إلى أن فصائل المعارضة توثّق للروس أضرار صواريخ الطيران على المناطق السكنية، لكنه أكد أن “الرد يكون بالسكوت أو تبرير بحجج لا أساس لها”. وقال إن “الجهات الرسمية تنفي القصف، لكننا نسأل: هذا الطيران في سماء الغوطة لمن يتبع؟”.
ولم تجب وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان على طلبات للتعقيب على هذه التقارير، فيما تؤكد موسكو إن مركز المصالحة في قاعدتها الجوية في سوريا يجري بصفة روتينية محادثات سلام مع الفصائل المسلحة في مختلف أنحاء البلاد.
وبعد تقدم النظام بدعم من الطيران الروسي ومليشيات المرتزقة الإيرانية، أمسكت موسكو بالمبادرة الديبلوماسية في سوريا وسعت إلى فتح عملية سياسية خارج نطاق محادثات جنيف للسلام التي أجريت برعاية الأمم المتحدة ولم تحقق أي نتائج بغية الدفع بالحل السياسي الدولي قدما نحو الأمام ورفد مسار جنيف بجهود تعززه. وفي الوقت نفسه، أوقفت دول أخرى من بينها الولايات المتحدة دعمها تدريجيا لبعض فصائل المعارضة.
ومع إعادة رسم خريطة الأزمة في سوريا، تسعى روسيا إلى تحويل المكاسب العسكرية إلى تسوية تحقق الاستقرار في البلاد وتضمن لها مصالحها الخاصة في المنطقة. وقال بيرقدار إن “التواصل محصور بالروس، لأن بشار الأسد وحكومته ألعوبة بيدهم، ولا قرار لديهما إلا بأوامر من موسكو”.
وأوضح يوري بارمين الخبير لدى المجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث تربطه صلة وثيقة بوزارة الخارجية الروسية، أن موسكو تقيم من خلال المحادثات الرسمية والسرية علاقات مع الجماعات المحلية لأهداف من بينها اكتساب النفوذ على الأرض. وأضاف: “ثمة هدف واحد هو ضمهم إلى الهدنة. وكل هذا يهدف إلى إشراك الجماعات المعارضة في العمليات التي تقودها روسيا”.
وأكد مدير المكتب السياسي الداخلي في جيش الإسلام، ياسر دلوان، التواصل هاتفيا وعبر لقاءات مع الروس، من خلال مسؤول روسي في دمشق. ويلتقي مسؤولون في جيش الإسلام بالقوات الروسية في أرض زراعية مهجورة تفصل بين أراض محررة تسيطر عليها المعارضة والأراضي التي يسيطر عليها النظام على أطراف مخيم الوافدين القريب. وقال دلوان: “نتحدث عن تحويل الاتفاق الذي وقعناه لخفض التصعيد إلى أمر عملي لمصلحة الشعب السوري”.
وأفاد فيلق الرحمن وجيش الإسلام بأن روسيا هي التي سعت إلى إجراء المحادثات، وأوضحا أن المسؤولين الروس يحمّلون مسؤولية خرق الهدنة أحيانا للقوات المدعومة من إيران أو يستخدمون المتشددين ذريعة لشن هجمات على الغوطة.
وأكد علوان أن “روسيا لم تكن صادقة في دعمها للمسار السياسي. لكن مع تخاذل المجتمع الدولي، وواقع الموقف الأمريكي وعجز الأوروبيين، اضطرت الفصائل إلى أن تتفاوض مع العدو”.
وعندما وقعت المعارضة اتفاق خفض التصعيد مع روسيا الصيف الماضي كان السكان والعاملون في مجال الإغاثة يأملون بأن تتدفق المواد الغذائية على المنطقة التي يسكنها حوالي 400 ألف نسمة، لكن الاتفاق لم يخفف معاناتهم.
وعلى رغم فترات الهدوء في الضربات الجوية فقد ازداد الحصار الذي تتعرض له الغوطة، وكما تدور معارك ضارية على بعض الأحياء على الخطوط الأمامية تدور معارك ضارية. وتضاءلت المواد الغذائية والوقود والدواء، خصوصا بعد إغلاق أنفاق التهريب.
في المقابل، ذكر مسؤول في الجيش العربي السوري “إن الجيش لا يرد إلا على المتشددين في الضواحي الذين يقصفون أحياء العاصمة”، مشيرا إلى أن “العمل الروسي يجري بالتنسيق الكامل مع الحكومة السورية”، فيما أشار بارمين إلى إن “دمشق لا تلعب في الكثير من الأحيان دورا في المحادثات وتجد نفسها أمام أمر واقع”.
ميدانيا، تواصلت المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة لاستعادة السيطرة على إدارة المركبات العسكرية في حرستا حيث قتل المئات من عناصر النظام على مدى أسبوعين دون أي نتائج تذكر، فيما تصاعد القصف الجوي اليوم وأمس على مدن الغوطة وبلداتها، ما أدى إلى مقتل العشرات في حمورية ودوما وحرستا وسقبا.
10 يناير، 2018 1414 مشاهدات
أقسام
من الانترنت