تواصلت معارك الكر والفر بين فصائل المعارضة وقوات النظام بريف إدلب الجنوبي ما أسفر عن مقتل العشرات من الطرفين بينهم ضباط كبار في قوات النظام، مع تواصل القصف المدفعي والجوي على المدن والقرى الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقالت مصادر رسمية تابعة للنظام إن قواته منيت بخسائر بشرية فادحة تمثلت بمقتل العشرات خلال المعارك الدائرة حاليا في ريف إدلب الجنوبي، خصوصا بعد الحملة التي شنتها فصائل المعارضة على محورين وبغرفتين مستقلتين، حيث قتل قائد قوات الاقتحام في إدلب العقيد ماهر قحطان إبراهيم، تبعه قائد عمليات النظام في ريف حماة العقيد الركن وسام جحجاح خلال اشتباك في قرية معان، والعقيدين عز الدين ياغي الملقب بـ”أسد الفيلق الخامس”، ومحمود معتوق اللذين قتلا في معارك مطار أبو الضهور العسكري وجميعهم ضباط علويون من منطقة الساحل السوري.
وكانت فصائل المعارضة من الجيش السوري الحر قد أطلقت يوم الخميس الماضي معركة كبيرة تحت اسم “رد الطغيان”، ثم التحقت بها فصائل أخرى وأطلقت معركة موازية تحت اسم “إن الله على نصرهم لقدير” لتدار المعركة عبر غرفتين للقيادة، واستطاعت الفصائل السيطرة على عشرات القرى وقتلت وأسرت العشرات من عناصر النظام وخصوصا من قوات النمر، ثم تراجعت لاحقا ليكر النظام وتتجدد المواجهات التي أسفرت مجددا عن هزائم كبيرة لقوات النظام ومقتل المزيد من قواته.
ووثقت وكالات إعلامية تابعة للمعارضة وفصائل الثوار مقاطع مصورة مقتل وأسر العشرات من قوات النظام خلال معارك ريف إدلب الجنوبي ومطار أبو الضهور سواء على يد مقاتلي الجيش السوري الحر أو مقاتلي الفصائل الإسلامية.
وتدير فصائل المعارضة عملياتها في إدلب عبر غرفتين: الغرفة الأولى “رد الطغيان” تضم جيش النصر وجيش النخبة وجيش إدلب الحر وفيلق الشام والجيش الثاني التابع للجيش الوطني المشكل حديثا والتابع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.
أما الغرفة الثانية “إن الله على نصرهم لقدير” فتضم حركة أحرار الشام الإسلامية وكتائب نور الدين زنكي وجيش العزة وجيش الأحرار والحزب الإسلامي التركستاني.
وسجّلت الساعات الأخيرة دخول تنظيم داعش على خط المعارك، حيث أظهر تسجيل مصور بثته وكالة “أعماق” أربعة أسرى لقوات النظام في محيط مطار أبو الظهور من الناحية الشرقية،. وقال أحد الأسرى “جئنا إلى ريف حماة وإدلب لقتال جبهة النصرة “هيئة تحرير الشام” وتفاجأنا بهروبها ووجود الدولة الإسلامية مكانها”. كما أعلن تنظيم داعش، في وقت سابق، مقتل ثلاثة من عناصر قوات النظام وأسر خمسة آخرين في مواجهات قرب مطار أبو الظهور العسكري.
وتزامنت المعارك مع قصف مكثف على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، ووثق المرصد السوري استشهاد 7 أشخاص على الأقل بينهم 3 أطفال و3 سيدات، جراء مجزرة نفذتها طائرات حربية بقصفها مناطق في بلدة خان السبل، حيث جرى انتشال الشهداء من تحت الأنقاض، وعدد الشهداء مرشح للارتفاع لوجود أكثر من 10 جرحى، بعضهم في حالات خطرة، بالإضافة لوجود معلومات عن شهداء آخرين.
كما قتل 3 مدنيين على الأقل في قصف على مدينة معرة النعمان وخان شيخون وأم جلال وجرجناز، كما أصيب عدد من المدنيين بجروح، فيما قصفت المعارضة بعشرات الصواريخ بلدة أبو دالي التي تسيطر عليها مليشيا الدفاع الوطني “الشبيحة”.
وعلى صعيد متصل، واصلت قوات النظام مدعمة بحلفائها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية في هجومها بريف حلب الجنوبي، بالتزامن مع توسيع رقعة سيطرتها وقضم مزيد من المناطق على حساب هيئة تحرير الشام والفصائل في المنطقة، حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان تحقيق قوات النظام تقدم جديد بالمنطقة تمثل بالسيطرة على خمس قرى جديدة عقب اشتباكات جرت بين الطرفين ترافقت مع تمهيد صاروخي مكثف، ليرتفع إلى 18 على الأقل عدد القرى التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها خلال الـ 24 ساعة الفائتة.
وبدأت قوات النظام “متعددة الجنسيات” منذ 25 كانون الأول/ديسمبر الماضي، هجوماً يهدف إلى السيطرة على الريف الجنوبي الشرقي لإدلب، وتأمين طريق استراتيجي شرق مطار أبو الظهور يربط مدينتي حلب ودمشق، ووثقت الأمم المتحدة في تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نزوح حوالي مئة ألف شخص منذ بدء المعارك باتجاه الحدود التركية.
وتشكل محافظة إدلب مع الريف الشمالي لمحافظة حماة والريف الغربي لمحافظة حلب، إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع، التي تم التتفاق عليها بموجب مباحثات أستانة بين روسيا وتركيا وإيران. وأبدت تركيا انزعاجها من هجوم قوات النظام، واستدعت سفيري روسيا وإيران لدى أنقرة للتعبير عن ذلك، فيما دعا وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو طهران وموسكو إلى الضغط على النظام، وتحمل مسؤولياتهما إزاء الالتزام بإقرار مناطق خفض التصعيد لإنجاح العملية السياسية في سوريا.