تهتف حشود المتظاهرين في جامعة طهران “اتركوا غزة.. اتركوا لبنان.. حياتي فدا إيران”.. كما يطالب آخرون “اتركوا سوريا.. وفكروا بنا”!.. رغم وضوح هذه الشعارات التي أطلقها الشارع الإيراني مؤخرا ودلالاتها على التدخلات الإيرانية في دول المنطقة، وما تسفر عنه من إنفاق هائل يثقل كاهل المواطن الإيراني، إلا أن حكومة خامنئي في طهران لا تكشف عن مقدار ما تنفقه من دعم لجماعات “المقاومة” الأجنبية والعملاء مثل بشار الأسد. لكن تقارير المصادر المفتوحة تشير إلى أن تلك الممارسات تكلف أكثر من 16 مليار دولار سنويا.
ويقول ديفيد أديسنيك، مدير البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن التزام إيران الخارجي الباهظ والأكثر كلفة يذهب لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، والذي قد يكلف 15 مليار دولار سنويا أو أكثر، حيث قدر الخبير في الشؤون السورية، ستيفن هيدمان، في عام 2015 أن إيران تنفق 15-20 مليار دولار سنويا على دعم صمود الأسد في مواجهة الثورة الشعبية التي تريد الإطاحة به، فيما يعتقد ضابط عسكري كبير، تحدث لـ تشاتام هاوس، أن 15 بليون دولار هو أفضل تقدير.
بعض عناصر هذا الدعم، مثل خطوط الائتمان المعلنة والمتاح الوصول إلى بياناتها، تشير إلى أن إيران قامت بتمديد خط ائتمان بقيمة مليار دولار إلى سوريا في عام 2017، يضاف إلى مبلغ 5.6 مليار دولار قدمته سابقا. ولكن التكلفة الأكبر، والتي أيضا من الأصعب تقديرها، هي تكلفة نشر قوات مؤلفة من عشرات الآلاف من المرتزقة والقوات شبه النظامية لحماية الأسد، بما في ذلك الآلاف من الحرس الثوري وقرابة عشرين ألف من رجال المليشيات الشيعية من جميع أنحاء المنطقة. وهذا لا يشمل بطبيعة الحال تكلفة النفط ومشتقاته المتدفقة إلى سوريا وتكاليف التسليح واللوجستيات المرافقة لهذه القوات.
يضاف إلى ذلك، تمويل إيران لقوات الأمن العراقية، بما في ذلك المليشيات المتطرفة الموالية لإيران من الحشد الشعبي وعشرات المليشيات الأخرى التي يصعب حصر أسمائها. وقد تصل تكلفة ذلك ما يصل إلى بليون دولار سنويا منذ عام 2014، بحسب تقدير قدمه رجل دين إيراني كبير لصحيفة واشنطن بوست. ومن المفترض أن ييكون القضاء على دولة تنظيم داعش التي أنشأها في العراق وسوريا قد أدى إلى تقليل الحاجة إلى الدعم الإيراني، وهذا يعني على الأرجح أن تكلفة دعم المليشيات والأحزاب العراقية ستعود إلى مجمل ما كان يتم إنفاقه وهو ما يقدر بنحو 150 مليون دولار سنويا.
حزب الله اللبناني أيضا عميل آخر يضطر للموارد الإيرانية ليحافظ على بقائه واستمراره فاعلا على الساحة اللبنانية والعربية، وقد نشرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مؤخرا تقييما شاملا للدعم السنوي الذي يتلقاه الحزب وجناحه العسكري من إيران، والذي يعتقد أنه 700-800 مليون دولار، وهو رقم تحدث به رئيس الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، غادي إيزنكوت، الذي قدر الرقم أيضا بـ 800 مليون دولار.
كما أفاد إيزنكوت بأن إيران تنفق 100 مليون دولار سنويا لدعم حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وقد يمثل هذا الرقم انخفاضا كبيرا عما كان ينفق في السنوات السابقة، حيث قالت مصادر دبلوماسية لوكالة رويترز إن الدعم الإيراني لحركة حماس وحدها كان يقدر بـ250 مليون دولار سنويا.
يضاف إلى ذلك دعم إيران لمليشيا الحوثي في اليمن، ففي عام 2015، قال وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، إن إيران أرسلت عدة شحنات لوجستية على شكل مساعدات إلى الحوثيين كل أسبوع. وهذا العام، أكدت الولايات المتحدة أن الدعم الإيراني بات يشمل الصواريخ الباليستية، وبالتالي فقد وصل الدعم الإيراني لحلفائها في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة من عشرات الملايين من الدولارات سنويا إلى مئات ربما حاليا.
ولما كانت الشفافية ضئيلة جدا في طهران، فمن الصعب معرفة مدى انعكاس هذه التكاليف في أرقام الميزانية الرسمية، حيث تبلغ ميزانية الحرس الثوري الإسلامي وحده 8.2 مليار دولار، إلا أنه من المحتمل أن يحصل على عدة مليارات أخرى، عبر طرق أخرى، وخصوصا أنه منتشر في معظم قطاعات الإنتاج في البلاد ويدير امبراطوية اقتصادية هائلة، كما أن له مؤسسات عابرة للحدود وناشطة في العديد من دول العالم من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا وحتى في العديد من الدول العربية المجاورة.
كل هذا العبء الثقيل على بلد يبلغ اقتصاده “واحد في المائة” من حجم الاقتصاد الأمريكي، والذي لا يزال يعاني من مستويات عالية جدا من البطالة والتضخم، من شأنه حتما أن يوفر للشعب الإيراني كل الأسباب التي تدعو إلى الغضب والاحتجاج.
14 يناير، 2018 1355 مشاهدات
أقسام
من الانترنت