رغم ما مني به تنظيم داعش الإرهابي من هزيمة كبرى في سوريا؛ نجح العشرات وربما المئات من مقاتليه بمحاولة تسجيل عودة ميدانية من بوابة إدلب، مستفيدا من المواجهات العنيفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة المختلفة، وسط اتهامات بـ”تسهيلات” قدمها النظام وغض نظر “مؤقت” من بعض حلفائه.
ويسعى التنظيم إلى الاستفادة من الهجوم الذي يقوده النظام السوري في المحافظة لاستعادة بريقه بعد سقوط معاقله الرئيسية في سوريا والعراق، واستخدم التنظيم خلال الأيام الأخيرة مواقع التواصل الاجتماعي لإعلان شن هجمات وخطف جنود تابعين لقوات النظام كي يظهر أنه اكتسب موطئ قدم في محافظة إدلب التي لا تخضع لسيطرة الأسد، فيما يؤكد خبراء ومحللون أن هذه العودة مجرد “سحابة صيف” أو فقاعة لن تلبث أن تنفجر وتختفي إلى غير رجعة.
واعتبر تنظيم داعش في 12 الشهر الجاري أن إدلب “ولاية”، علما بأن هذه المنطقة تقع في الواقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام التي تشكل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة مكوّنها الأساسي.
وأوضح المتخصص بالحركات المتشددة أيمن جواد التميمي لوكالة “فرانس برس” أن عدد مقاتلي التنظيم المتطرف في إدلب “قد لا يتجاوز مئات وربما ألف مقاتل على الأكثر”.
ولفت التميمي إلى أن هذا “الجيب نشأ من وصول مقاتلين من التنظيم فروا من مناطق أخرى، ما ينطبق أيضا على وجودهم في محافظة حماة المجاورة”. وتقتصر سيطرة تنظيم داعش في محافظة إدلب على خمس قرى، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقد سيطر على هذه البلدات جنوب شرقي إدلب، مستغلا المعارك المستمرة بين قوات النظام وجبهة النصرة.
وذكر التنظيم أنه قتل حوالي 20 جنديا من قوات النظام وأسر عشرين آخرين قرب مطار أبو الظهور العسكري الذي يشكل الهدف الرئيسي للعمليات العسكرية القائمة. وأكد المرصد السوري أسر 31 جنديا من النظام، لكنه رجح أن غالبية هؤلاء محتجزون لدى جماعات أخرى.
وكان مقاتلو داعش قد شنوا في كانون الأول/ديسمبر الماضي هجومهم الأول في محافظة إدلب التي طردوا منها عام 2014 على أيدي فصائل أخرى. وقال الخبير في معهد سياسة الشرق الأوسط في واشنطن حسن حسن: “ظهروا فجأة، لكن كان يشتبه بوجود خلايا نائمة للتنظيم في إدلب”. وأضاف: “أشك في أن يكتسب تنظيم داعش أهمية أكبر في هذا القطاع”، مع إقراره بأنه التقط لحظة مناسبة “لتوسيع نفوذه وتنشيط خلاياه”.
واعتبر حسن أن “هذه اللحظة مثالية بالنسبة للتنظيم لإحداث جلبة”، مشيرا إلى أنه “يعوّل على تغطية إعلامية كثيفة للمبالغة في إظهار الوقائع” المتصلة بالمواجهات.
وكانت قوات النظام بدعم من الطيران الروسي قد بدأت عملية عسكرية في 25 كانون الأول/ديسمبر الماضي لاستعادة جنوب شرقي إدلب، وتمكنت من السيطرة على قرى وبلدات عدة في المنطقة.
ويسعى النظام إلى تأمين طريق يربط حلب بالعاصمة دمشق عبر السيطرة على مطار أبو الظهور ليصبح القاعدة العسكرية الأولى التي يستعيدها في إدلب بعد أن انسحب منها قبل عامين لصالح جبهة النصرة.
وشدد حسن على أن إدلب “قضية مهمة بالنسبة إلى مقاتلي المعارضة. فالجميع يحاولون اكتساب شعبية من خلال تسليط الضوء على دورهم في الدفاع عن المنطقة”.
إلى ذلك، يعمل تنظيم داعش على الاستفادة من الصراعات الداخلية بين مختلف الجماعات لجذب مقاتلين يشاركونه أيديولوجيته.
واعتبر المحلل تشارلي وينتر أن “من السابق لأوانه التكهن بما إذا كان في إمكان التنظيم العودة إلى سوريا”، التي تشهد ثورة شعبية منذ عام 2011 أدى إلى تشرذم البلاد ومقتل أكثر من نصف مليون شخص. وأضاف وينتر أن التنظيم “لم يعد يملك المقاتلين والموارد والأسلحة ليتمكن من شن هجمات استراتيجية”.
17 يناير، 2018 3496 مشاهدات
أقسام
من الانترنت