غداة إعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مقتل خمسة مواطنين روس خلال ضربات جوية شنها التحالف الدولي على قوات موالية للنظام السوري في دير الزور يوم السابع من الشهر الجاري؛ أفادت مصادر مطّلعة بأن حوالي 300 شخص يعملون لمصلحة شركة عسكرية روسية خاصة إما قتلوا أو أصيبوا في سوريا الأسبوع الماضي، ما يزيد من مخاوف وقوع مواجهة مباشرة مع قوات الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
حيث أعلن طبيب عسكري روسي أن نحو 100 شخص قتلوا، فيما أكد مصدر يعرف العديد من المقاتلين الروس في سوريا أن عدد القتلى يتجاوز 80، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وتزامن توقيت سقوط القتلى مع احتدام المواجهات في دير الزور، وفي ظل تأكيد مسؤولين أمريكيين وزملاء لمقاتلين شاركوا في العملية أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة هاجمت قوات متحالفة مع النظام السوري.
وتظهر التقارير الواردة عن الاشتباكات التي تقع بين الحين والآخر بين التحالف الداعم لنظام الأسد والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش أن مشاركة روسيا عسكريا في سوريا أكبر مما تعلنه، وأن موسكو تجازف باستدراجها إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة هناك، على رغم أنها أشارت إلى أن “لا علاقة للقتلى بالقوات الروسية النظامية”. وذكرت مصادر مطلعة أن المصابين الذين جرى إجلاؤهم من سوريا خلال الأيام القليلة الماضية نقلوا إلى أربع مستشفيات عسكرية روسية.
وقال طبيب عسكري، يعمل في مستشفى عسكري في موسكو وشارك في علاج المصابين القادمين من سوريا، إن المستشفى استقبل حتى مساء السبت (العاشر من شباط/فبراير الجاري) أكثر من 50 من هؤلاء المصابين، 30 في المئة منهم إصاباتهم خطيرة.
وكشف الطبيب أن زميلا له كان قد توجه إلى سوريا في إحدى رحلات الإجلاء الطبي في الآونة الأخيرة أبلغه بأن قرابة 100 شخص من الروس قتلوا حتى نهاية الأسبوع الماضي وأن 200 أصيبوا. وأوضح أن معظم الضحايا متعاقدون عسكريون روس من القطاع الخاص.
وأكد رئيس الفرع المحلي لمنظمة “كوساك” شبه العسكرية، يفغيني شاباييف، الذي تربطه علاقات بالمتعاقدين العسكريين الروس، إنه زار معارف له أصيبوا في سوريا في المستشفى المركزي التابع لوزارة الدفاع في ضاحية خيمكي القريبة من العاصمة موسكو.
وكشف أن المصابين أبلغوه أن وحدتي المتعاقدين الروس المشاركتين في المعركة قرب مدينة دير الزور تتألفان من 550 رجلا، وأن حوالي 200 شخص لم يصابوا بأي أذى.
وقال في تصريحات إلى وكالة رويترز: “إذا كنت تفهم أي شيء عن العمل العسكري وإصابات القتال فسيكون بوسعك ساعتها تخيل ماذا يجري هناك، صراخ وصيحات مستمرة.. إنه مشهد صعب”.
وقال شاباييف إن عدد الضحايا كان مرتفعا لعدم وجود غطاء جوي لهذه القوة التي تعمل على الأرض، ولأن من هاجمها ليس فصائل المعارضة بتسليحها الضعيف بل قوة جيدة التسليح استطاعت شن ضربات جوية دقيقة. ونقل شاباييف عن مصابين زارهم في المستشفى قولهم إن الهجوم بدأته القاذفات ثم استخدمت طائرات الأباتشي في قصف المنطقة التي كانوا يتواجدون فيها. وذكر إنه فور بدء القصف لم يرد المتعاقدون على مصدر النيران لأنهم خشوا أن يدفع ذلك قوات التحالف والطائرات الأمريكية إلى توجيه مزيد من الضربات.
وكشف مصدر تحدث إلى أشخاص شاركوا في الاشتباكات أن أشخاصا على صلة به أبلغوه بأن أكثر من 80 متعاقدا روسيا قتلوا خلال الضربة الأمريكية.
ومع نفي المسؤولين الروس نشر متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص في سوريا، وتأكيدهم على أن الوجود العسكري الروسي يقتصر على حملة الضربات الجوية وقاعدة بحرية ومستشارين عسكريين يدربون القوات السورية، إضافة إلى عدد محدود من جنود القوات الخاصة؛ إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن نظام الأسد تعاقد مع عدد من الشركات الروسية التي أرسلت عددا كبيرا من متعاقدين إلى سوريا. وقال محللون استراتيجيون إن ذلك سمح لموسكو بنشر مزيد من القوات على الأرض من دون المجازفة بالجنود النظاميين الذين يتعين الإعلان عن مقتلهم.
وكان الكرملين قد ألمح في وقت سابق إلى أنه لا يملك معلومات جديدة عن متعاقدين مع الجيش الروسي قتلوا في سوريا. وقال الناطق باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، “ليس لدينا أي معلومات جديدة، قلنا كل ما علينا قوله في هذا الشأن”.
ومن جهتها، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن خمسة مواطنين روس على الأقل لقوا حتفهم في سوريا خلال اشتباكات مع قوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في محافظة دير الزور هذا الشهر.
وأوضحت زاخاروفا في إفادة صحفية أنه “استنادا إلى معلومات أولية فإننا ربما نتحدث عن وفاة خمسة أشخاص نتيجة مواجهة مسلحة يجري الآن التحقيق في أسبابها”. وأضافت أن “الافتراض هو أن هؤلاء مواطنون روس. لكن يتعين التحقق من كل ذلك ولا سيما بالطبع من جنسياتهم. هل هم فعلا مواطنون من روسيا أم من دول أخرى؟”. وتابعت أن “هؤلاء ليسوا أفرادا في الجيش الروسي” وإنما متعاقدون تابعون لشركات خاصة.
وقالت زاخاروفا إن التقارير الإعلامية في شأن سقوط عشرات أو مئات القتلى من الروس في سوريا “مضللة”. لافتة إلى أن أفعال الولايات المتحدة في سوريا تهدف، على الأرجح، لتقويض وحدة الأراضي السورية وتهدد بتقسيمها.
هذا فيما نفت مصادر صحفية روسية ما ورد تقرير رويترز وفندت شهادات الشهود خلال تقرير للكاتب الصحفي أليكسندر روجرز اعتبر أن ما صرح به هؤلاء الشهود والمصادر هو محض “تضليل إعلامي” لا يعكس الواقع عن حقيقة تواجد الشركات الروسية شبه العسكرية التي ترسل عناصرها إلى سوريا لدعم قوات النظام السوري.