وساطة روسية بين قوات النظام وفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية

يجري مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم الجوية محادثات مع فصائل المعارضة السورية العاملة في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق بهدف التوصّل إلى “اتفاق مصالحة” يمهّد لقوات النظام تأمين المنطقة ومحيطها وطرد عناصر جبهة النصرة الموجودين فيها إلى إدلب والمقدر عددهم بمئتي مقاتل.
حيث قال المرصد السوري لحقوق الإنسان نقلا عن مصادره إن المحادثات تترافق مع حشد قوات النظام والمجموعات العسكرية المتحالفة معها واستقدامها تعزيزات إلى محيط الغوطة الشرقية المحاصرة.
ووفقا للمصادر فإن هذه القوات تتحضّر لتنفيذ عملية عسكرية واسعة بهدف السيطرة على المنطقة، بقيادة العميد سهيل الحسن، الذي قاد واجهات ناجحة ضد فصائل المعارضة في حلب وحماة وحمص، بعد فشل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والفيلق الخامس وحزب الله اللبناني ولواء فاطميون ولواء زينبيون ولواء الحسين على مدى أكثر من ست سنوات في اقتحام المنطقة.
ونقل المرصد السوري عن مصادر “ثقة” قولها إنه في حال فشلت المفاوضات في التوصل إلى “اتفاق مصالحة” في الغوطة الشرقية، فإن حوالي 9 آلاف جندي صيني سيتم استقدامهم إلى المنطقة للمشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب قوات النمر بهدف السيطرة على الغوطة الشرقية وتأمين محيط العاصمة دمشق.
ومن جهتها، لفتت وكالة قاسيون إلى أن العميد النمر اجتمع مؤخرا مع وفد عسكري روسي في مطار الضمير العسكري في ريف دمشق، ونقلت عن مصدر أن الاجتماع بحث التطورات العسكرية في الغوطة الشرقية، خصوصا عقب توقف العمليات العسكرية في ريف إدلب الشرقي عقب دخول الجيش التركي وإنشاء نقاط مراقبة لاتفاق خفض التصعيد، وتوجّه قوات النظام والمجموعات المسلحة الأجنبية المتحالفة معها في اتجاه الغوطة الشرقية.
ونشرت مواقع تابعة للنظام وحزب الله اللبناني تسجيلات، قالت إنها تظهر توجّه رتل عسكري من قوات النمر إلى الغوطة الشرقية. وظهرت في التسجيلات عشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود والمسلحين.
وتُعتبر قوات النمر من أبرز المجموعات المقاتلة في صفوف قوات النظام، ولعبت دورا أساسيا في السيطرة على أحياء حلب المحاصرة وريفها قبل عامين، إلى جانب مشاركتها في عمليات بريف دير الزور الغربي وريف الرقة الجنوبي. كما شاركت بقوّة في المعارك الأخيرة في ريفي حماة الشرقي وإدلب الجنوبي ضد مقاتلي جبهة النصرة حيث سيطرت على مطار أبو الظهور العسكري.
وقال أليكسندر إيفانوف، الناطق باسم القوات الروسية في قاعدة حميميم، إن قوات روسية ستدعم “تحركات القوات الحكومية البرية في منطقة خفض التصعيد في الغوطة الشرقية”، لافتا إلى أن الهدف من العملية هو “القضاء على تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في حال لم تفلح الوسائل السلمية في تحقيق ذلك”.
وتشكل الغوطة الشرقية إحدى مناطق خفض التوتر التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات أستانة بضمانة كل من روسيا وتركيا وإيران، وتم التوقيع عليه في كل من القاهرة وجنيف، وتحاصر قوات النظام المنطقة بشكل محكم منذ عام 2012 وارتكبت فيها مئات المجازر راح ضحينها آلاف من المدنيين دون أن تتمكن من دخولها والسيطرة عليها كما فعلت في الغوطة الغربية.
وقد فشلت قوات النظام والمليشيات التابعة والمتحالفة معها على مدى أكثر من خمس سنوات من تحقيق أي تقدّم ملحوظ على حساب فصائل المعارضة في المنطقة، وتعرّضت قوات النظام لخسائر كبيرة في المعارك على محيط مبنى إدارة المركبات على أطراف مدينة حرستا مؤخرا، فيما تعرّضت الغوطة الشرقية خلال الأسبوع الماضي لأعنف موجة قصف جوي وبري شنتها قوات النظام، ما تسبب بمقتل 250 مدنيا وإصابة مئات آخرين بجروح وتهدم العشرات من المنازل والمشافي والمدارس فيها.
وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخرا أن القوات النظامية السورية والروسية مسؤولة عن 40 مجزرة في غوطة دمشق الشرقية منذ 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ووثقت الشبكة مقتل 729 مدنيا خلال هذه الفترة.
ووفقا للتقرير، فإن القوات النظامية ارتكبت 37 مجزرة وقتلت 697 مدنيا بينهم 96 امرأة و177 طفلا، فيما حمّل القوات الروسية مسؤولية مقتل 32 مدنيا بينهم 13 امرأة وثمانية أطفال في ثلاث هجمات دامية. كما قضى أكثر من ثمانية مدنيين بسبب نقص الطعام والدواء نتيجة الحصار، بينهم امرأة وطفلان.
ولفتت الشبكة إلى أن الهجمات السورية والروسية أدّت إلى مقتل سبعة من عناصر الدفاع المدني وعشرة عناصر من الكوادر الطبية، إضافة إلى إعلامي واحد. كما وثّقت استخدام قوات النظام أسلحة كيميائية ثلاث مرات على الأقل، إضافة إلى استخدام القذائف العنقودية أربع مرات، وقصف بمواد حارقة مرّة واحدة على الأقل.
وأوضح التقرير أن القصف السوري طال أكثر من 108 مراكز حيوية مدنية، من ضمنها 32 سوقا شعبية و28 مسجدا و11 مدرسة منها ثلاث رياض أطفال ودار أيتام واحدة، إضافة إلى عشر منشآت طبية ومركزين للهلال الأحمر، و14 سيارة إسعاف وأربع مقرات خدمية وكنيسة وجامعة ومعهد تعليمي.