أعلنت الأمم المتحدة أن عدد المدنيين الفارين من الغوطة الشرقية منذ 11 آذار/مارس الجاري، بلغ أكثر من 45 ألفا، مع تواصل الحملة العسكرية التي تشنها قوات النظام وحلفائه على المنطقة والتي أدت إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين بينهم نساء وأطفال، كما أكدت المنظمة أن “الوضع مأسوي” في مراكز الإيواء التي خصصت للنازحين.
وأكد المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، استيفان دوغريك، على ضرورة حماية “النازحين الجدد ومئات الآلاف من المدنيين الذين ما يزالون محاصرين في مناطق القتال”.
وأضاف أن وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “منزعجة للغاية من تزايد حدة الأزمة الإنسانية في سوريا، مع تصاعد القتال العنيف في الغوطة الشرقية وريف دمشق وعفرين، ما يتسبب في موجات نزوح جديدة واسعة النطاق”.
وتابع أن جميع الملاجئ التابعة للوكالة، والمعدة لاستقبال الفارين من الغوطة الشرقية، باتت مزدحمة للغاية، وتفتقر إلى المرافق الصحية الأساسية.
وتتعرض مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي يقطن فيها نحو 400 ألف مدني منذ أسابيع لحملة عسكرية من قبل قوات النظام، أدت إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال.
من جهته أيضا، أكد الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا، علي الزعتري، خلال مقابلة خاصة مع وكالة فرانس برس في دمشق أن “الوضع مأسوي” في مراكز الإيواء التي خصصتها الحكومة السورية للفارين من الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية.
وقال الزعتري غداة جولته على عدد من مراكز الايواء في ريف دمشق “لو كنت مواطنا لما قبلت بأن أبقى في مركز إيواء عدرا لخمس دقائق بسبب الوضع المأسوي”، مضيفا “صحيح أن الناس هربوا من قتال وخوف وعدم أمن، لكنهم ألقوا بأنفسهم في مكان لا يجدون فيه مكانا للاستحمام”.
وأضاف “هي غير مهيأة لاستقبال المدنيين”، مشددا على وجوب “معالجة هذه الأزمة بطريقة مختلفة”.
وتكتظ مراكز الايواء التي حددتها قوات الأسد في ريف دمشق بآلاف المدنيين الذين يواصلون الفرار من القصف والمعارك في الغوطة الشرقية، عبر معابر حددها الجيش العربي السوري باتجاه مناطق سيطرته.
وقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان نزوح أكثر من 70 ألف مدني خلال نحو أسبوع من الغوطة الشرقية الى مناطق سيطرة النظام.
ورأى الزعتري أن “الحل هو بتفريغ هذه الملاجئ من السكان بأسرع وقت ممكن وبابقاء السكان داخل الغوطة الشرقية”، لافتا الى أن ايصال المساعدات للمدنيين في منازلهم “أسهل من الاتيان بهم الى هذه الأماكن العامة”.
وأضاف “هناك ادارة تفكر بطريقة معينة، تذهب بهم الى الملجأ على اعتبار انه أول مكان لحمايتهم”، مشيرا إلى انه طلب عقد اجتماع مع المسؤولين السوريين “لوضع النقاط على الحروف، لأنه إن لم يتم اعادة الناس إلى منازلهم في الغوطة فالوضع قد يستمر بهذا الشكل”. وشدد على أن “الأزمة أكبر من الجميع”.
ومنذ بدء التصعيد في الغوطة الشرقية، أدخلت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الأحمر العربي السوري قافلتي مساعدات، واحدة منهما على دفعتين، إلى مدينة دوما المعزولة في شمال الغوطة. وأكد الزعتري دعم الأمم المتحدة لاتفاقات بين طرفي النزاع في الغوطة الشرقية.
وقال في تصريحاته “نحن مع الوصول الى اتفاقيات وحلول توقف الاقتتال سواء في الغوطة الشرقية أو في أي مكان آخر في سوريا”.
وتتكرر مأساة النزوح أيضا في شمال سوريا، حيث سيطرت فصائل المعارضة السورية والقوات التركية على مدينة عفرين، ما دفع بعشرات الآلاف للفرار منها إلى مناطق محاذية غالبيتها تحت سيطرة قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية.
وقال الزعتري في ما يتعلق بعفرين إن مناطق النزوح مثل بلدات نبل والزهراء وتل رفعت “باتت تحت ضغط مضاعف”. وقدّر عدد النازحين من عفرين الى تلك المناطق بـ”أكثر من مئة ألف شخص”، مشيرا إلى أن “إحتواءهم في أماكن أخرى الآن غير متاح”.
ووصف الزعتري أزمة النزوح من الغوطة الشرقية وعفرين بـ”الفوضى الشاملة”. وقال “ما يُقدم هو كثير لكن في ظل فوضى شاملة لا يمكن السيطرة عليها”، داعيا إلى “تنسيق أقوى” بين المؤسسات الدولية وحكومة الأسد “في شكل يضمن مساعدة الناس بطريقة أكثر فاعلية من تلك الراهنة”.