يستمر الجدال العقيم في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بين مندوبي الدول الأعضاء حول سوريا وما يجري فيها من قصف للمدن والبلدات وما ينتج عنه من ضحايا ومصابين وما يجري حاليا من موجة تهجير قسري لعشرات الآلاف من المدنيين في الغوطة الشرقية من قبل قوات النظام السوري وحلفائه.
حيث وجهت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي انتقادات شديدة إلى المجلس على خلفية فشل تنفيذ قرار الهدنة السورية بعد مرور شهر عليه، متهمة روسيا وإيران بانتهاج استراتيجية الحصار ثم التجويع ثم التهجير، وهو ما اعتبرته عارا على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يقف صامتا وعاجزا عن فعل شيء حيال هذه الجرائم.
وشددت نيكي هيلي خلال جلسة شهرية لمجلس الأمن الدولي عن سوريا عقدت يوم أمس على أنه “يجب أن يكون هذا يوم عار على جميع أعضاء هذا المجلس”.
وأضافت أن أكثر من 1600 شخص “قتلوا تحت أنظارنا” في الغوطة الشرقية منذ أن تبنى المجلس القرار 2401 لوقف النار في 24 شباط/فبراير الماضي. وتابعت المندوبة الأمريكية “بعد سنوات من تحمل الحصار والتجويع، يسلم المدنيون الغوطة الشرقية”.
وتعليقا على عمليات التهجير، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبيزيا، إن “عمليات المغادرة طوعية، وإن القوات الروسية توفر الغذاء والمأوى والدواء للمحتاجين”.
أما مندوب فرنسا، فرانسوا ديلاتر، فقد قال إن نظام الأسد وحلفاءه انتهكوا القرار الأممي رقم 2401 وكذلك القانون الإنساني الدولي في الغوطة الشرقية، مضيفا أن المدنيين يتعرضون لعمليات إجلاء قسري تُمثل جرائم حرب.
وأعرب ديلاتر عن قلق بلاده حيال مصير 55 ألف مدني يحتجزون في تسعة مخيمات تديرها مليشيات تابعة للنظام بالقرب من الغوطة الشرقية من دون توافر الماء والكهرباء. لافتا إلى أن “مصيرهم لم يتحسن، فقد انتقل جحيمهم كيلومترات قليلة”.
ومن جهته أيضا، دعا وزير خارجية هولندا مجلس الأمن الدولي إلى سرعة التحرك لحماية المدنيين في الغوطة الشرقية والوصول الإنساني إليهم.
كما أشار مندوبا دولتي السويد والكويت، اللتان طرحتا مشروع قرار وقف إطلاق النار والهدنة في سوريا رقم 2401، إلى أن “القرار لا يزال ساريا”، ودعتا إلى التحرك لضمان تنفيذ الهدنة في أرجاء البلاد.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثقت مقتل 871 مدنيا في الغوطة الشرقية بريف دمشق على يد قوات النظام وحلفائها، وذلك بعد مرور شهر على صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401 بشأن وقف الأعمال القتالية، فيما قالت منظمات أخرى إن عدد الضحايا يقارب الألفين.
وأوضحت الشبكة في تقرير لها صدر يوم الأحد الماضي أن صدور القرار رقم 2401 في 24 شباط/فبراير الماضي لم يمنع وقوع أي نوع من الانتهاكات التي ارتكبها التحالف الروسي الإيراني السوري.
وقال التقرير إن قوات النظام وحلفاءها قتلوا 871 مدنيا بينهم 179 طفلا و123 سيدة و4 إعلاميين و7 من الكوادر الطبية و12 من كوادر الدفاع المدني، وارتكبوا 34 مجزرة، ونفذوا ما لا يقل عن 19 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية بينها 8 مراكز وآليات للدفاع المدني و4 منشآت طبية و4 مساجد و2 سوقا شعبيا.
وأضاف التقرير أن طيران النظام المروحي ألقى قرابة 732 برميلا متفجرا، مشيرا إلى أن قوات الأسد نفذت هجوما واحدا بأسلحة كيميائية، وثلاث هجمات بأسلحة حارقة، بالإضافة إلى وقوع ثلاث هجمات بذخائر عنقودية من قبل روسيا وقوات النظام.
كما أشار التقرير إلى أن القصف على مدن وبلدات الغوطة الشرقية تسبب باجتياح بري لقوات سورية وأخرى إيرانية وعراقية، ليسيطرا على قرابة 80 بالمئة من مساحة الغوطة الشرقية المحاصرة في غضون ثلاثة أسابيع بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي.
وأوضح التقرير أن هذا الاجتياح تزامن مع حركة نزوح داخلية كثيفة للأهالي إلى المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الثوار، منوها إلى أنه مع استمرار القصف وتقلُص تلك المناطق شرع الأهالي بالخروج من الغوطة عبر مخيم الوافدين الذي أعلنت عن فتحه قوات النظام والقوات الروسية في 27 شباط/فبراير.
وأكد التقرير أن ما قام به نظام الأسد وحلفاؤه في الغوطة الشرقية في سياق هجوم منظم مدروس واسع النطاق عبر استراتيجيات مخطط لها، يُشكل جريمة ضد الإنسانية ارتكبت في سياق نزاع مسلح داخلي، وتشكل جريمة حرب.

مجلس الأمن الدولي
28 مارس، 2018
1380 مشاهدات
أقسام
أخبار