سوريا.. الدولة التي لم تعد كما كانت

يبدو أن الأمور في سوريا بدأت تتجه فعلياً باتجاه أن تتحول البلد بشكل فعلي نحو السيناريو الألماني ما بعد الحرب العالمية الثانية التي قُسِّمت فيها إلى مناطق نفوذ دولية...
مواطنون في الغوطة الشرقية بانتظار قافلة جديدة تخرجهم من المنطقة إلى إدلب - ضياء الدين سموت

يبدو أن الأمور في سوريا بدأت تتجه فعلياً باتجاه أن تتحول البلد بشكل فعلي نحو السيناريو الألماني ما بعد الحرب العالمية الثانية التي قُسِّمت فيها إلى مناطق نفوذ دولية أربعة بين دول الحلفاء بين روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

نعم الواقع اليوم يقول إن البلاد باتت مقسمة عملياً إلى مناطق نفوذ دولية، حيث تقع المنطقة الجنوبية تحت السلطة الأمريكية المباشرة، في حين تسيطر روسيا على العاصمة دمشق والمنطقة الوسطى والساحلية، ويبدو أن تركيا تمضي باتجاه السيطرة على مناطق واسعة من الشمال السوري خاصة في ظل التصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي أكد فيها نية بلاده التوسع باتجاه منبج ومناطق ريف حلب الشمالي وصولاً إلى حدود القامشلي.

المشهد الميداني السوري يكشف إلى حد كبير شكل الفيدرالية السورية المفترضة ويقسم سوريا إلى أربع مناطق نفوذ “روسية – أمريكية – فرنسية – بريطانية” ضمن فيدرالية إدارية تخضع كل منها لإدارة تابعة لكل من الدول الثلاث الفاعلة في الملف السوري، فيما ستبقى ايران تحوم في الفلك الروسي وتعمل ضمن الخطوط المسموح بها روسياً.

ما يزيد فرضية الفيدرالية السورية كخيار للمرحلة المستقبلية أكثر من أي وقت مضى هو سيطرة كل طرف دولي على المناطق التي تخدم مصالحه، وصعوبة قبول أي طرف منها التنازل عن مناطق النفوذ تلك لصالح أي حل سياسي يحفظ وحدة البلاد سياسياً وإدارياً. فالسيطرة على المناطق الشمالية بالنسبة للأتراك وقيام قوة موالية لأنقرة تمثل مسألة أمن قومي، في حين تضمن السيطرة الأمريكية على المنطقة الجنوبية مسألة أمن إسرائيل، كما تضمن لها السيطرة على المنطقة الشمالية الشرقية في الوقت ذاته ربط القواعد الأمريكية في تركيا بنظيراتها في العراق إلى جانب السيطرة على حقول النفط السورية، في حين تشكل السيطرة الروسية على العاصمة دمشق والمنطقة الوسطى والساحلية لب المصالح الروسية بالوصول إلى مياه المتوسط.

خلاصة القول، فإن سوريا اليوم أمام المشهد الميداني الحالي تقف على مفرق طرق أمام خيارين، الأول تقسيمها إلى مناطق نفوذ على مبدأ السيناريو السابق، والثاني أن تشهد الفترة المقبلة تجدد المعارك من جديد في البلاد في خطوة ستسعى من خلالها أمريكا وروسيا تحديداً لتغيير المشهد الميداني الحالي ومحاولة فرض النفس على الأرض.
حسام يوسف

أقسام
مقالات

أخبار متعلقة