ارتكبت طائرات نظام الأسد مجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء خلال غارات شنتها على مدينة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية استخدمت فيها الأسلحة الكيميائية، بحسب ما أعلنت مصادر طبية والدفاع المدني السوري.
حيث شنت قوات النظام مدعومة بالقوات الحليفة المحلية ومتعددة الجنسيات هجوما عنيفا بالطائرات والمدفعية والصواريخ على مدينة دوما مساء أمس السبت أسفر عن مقتل أكثر من 180 مدنيا اختناقا بالغازات السامة وتحت أنقاض المباني المدمرة، وسط عجز كبير عن إسعاف المصابين وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض بسبب القصف الكثيف والتحليق المتواصل لطيران الاستطلاع الروسي في سماء المدينة واستهداف كل ما يتحرك على الأرض.
كما لفت المرصد السوري إلى أن هناك أكثر من 500 مصاب في مدينة دوما نتيجة القصف الجنوني وأكثر من 200 ضربة جوية استخدم فيها المواد السامة، وأن العديد من الشهداء قضوا داخل أقبية المنازل التي هربوا إليها خوفا من قصف الطائرات الحربية، مشيرا إلى أن الوضع كارثي حاليا في دوما بكل ما تعني الكلمة، محملا “الاحتلال الروسي” المسؤولية الأساسية عن جرائم الحرب التي ترتكب حاليا في سوريا والغوطة الشرقية تحديدا كون العسكريين الروس هم من يقودون العمليات العسكرية على الأرض في دوما وغيرها.
وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، خلال تصريحات إعلامية إلى أن “روسيا هي من هددت جيش الإسلام سابقا بأنها ستشن حملة عنيفة في حال لم يلتزم الجيش بشروطها، ونحن سمعنا الجرو سهيل الحسن المحمي من روسيا وهو يأمر بقصف دوما بكافة أنواع الأسلحة بعد أن أتته الأوامر من رؤسائه الروس”. كما أكد عبدالرحمن أن العمليات العسكرية في دوما تدار من قبل ضباط روس حصرا ولا سلطة أو كلمة لضباط النظام، وأن أي مجازر تحصل الآن في دوما تكون روسيا هي المسؤولة عنها بشكل أساسي.
وكانت مصادر متقاطعة قد أكدت أن جيش الإسلام كان قد توصل لإبرام اتفاق مع روسيا بخصوص وقف إطلاق النار في دوما، وأن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ صباح اليوم الأحد قبل أن يغدر النظام وحلفاؤه بالمدينة وأهلها ويعيد موضوع التفاوض إلى نقطة الصفر. حيث أعلن محمد علوش، رئيس المكتب السياسي في جيش الإسلام، أن الاتفاق تجمد إلى حين النظر في التطورات الأخيرة والجرائم التي ارتكبها النظام وحلفاؤه عشية تنفيذ الاتفاق.
وكانت اشتباكات عنيفة قد دارت خلال يوم أمس السبت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب، وجيش الإسلام من جانب آخر، على محاور في محيط منطقة دوما، بسبب محاولة قوات النظام تحقيق تقدم في المنطقة، بعد أن تمكنت في وقت سابق من التقدم في المزارع التابعة لدوما من جهة منطقة الريحان والسيطرة على نحو 50 مزرعة في المنطقة، بعد سلسلة عمليات قصف جوي وبري سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وإثر هجوم عنيف وموسع بدأته قوات النظام وحلفائها ممثلة بثمانية عشر فصيلا من جنسيات سورية وروسية وإيرانية وعراقية ولبنانية في 18 شباط/فبراير، أحكمت قوات النظام تدريجًا على فصائل المعارضة وقسّمت الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب سيطرت قبيل مطلع الشهر الجاري على اثنتين منها كانا تحت سطرة حركة أحرار الشام الإسلامية وفيلق الرحمن وتبقى الجيب المتمثل بمدينة دوما والذي يسطر عليه جيش الإسلام.
وخلال الأسابيع الفائتة، فرّ عشرات آلاف من المدنيين عبر معابر حددتها القوات الروسية إلى مناطق سيطرة قوات النظام في ريف دمشق، كما خرج نحو 46 ألف مدني إلى المناطق المحررة في محافظتي إدلب وحلب رافقهم ما يقارب الخمسة عشر ألف مقاتل من الحركة والفيلق.
ورغم فشل اتفاق مبدئي أبرم بين جيش الإسلام وروسيا الأسبوع الماضي، والذي أدّى إلى إجلاء أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل ومدني إلى مدينتي الباب وجرابلس بريف حلب الشمالي، استمرت المفاوضات في ظل انقسامات داخل جيش الإسلام، وفق بعض المصادر، بين جهة تؤيد الاتفاق على الرحيل وتسليم المدينة وأخرى مصرّة على البقاء والمقاومة.
وكان النظام السوري وروسيا قد هددا باستئناف الهجوم على مدينة دوما وتدميرها وإبادة أهلها في حال رفض جيش الاسلام الاستسلام والإجلاء القسري أو المصالحة وتسليم المدينة والانخراط في قوات النظام.
ولفت نوار أوليفر، الباحث في مركز عمران للدراسات، إلى أن جيش الإسلام يتعرض لـ”ضغوط قصوى”، وقال لوكالة فرانس برس إن “المفاوضات فشلت، والنظام يريد أن تنفذ شروطه. الغارات لمحة عما يمكن أن يحصل إذا لم تطبق هذه الشروط”.
ونشر المرصد السوري ورقة الرد الروسي على الطروحات التي قدمها جيش الإسلام، والتي جاء فيها ضرورة تسليم الأسلحة الثقيلة والخفيفة على مراحل وتسوية أوضاع المقاتلين ومن يرغب منهم بالتطوع في الشرطة يمكنه ذلك ويتم تشكيل كتيبة شرطة من مقاتلي جيش الإسلام بتسليح روسي لقتال داعش والنصرة.
أما جيش الإسلام فقدم طروحات أخرى رفضها الجانب الروسي، حيث جاء فيها: استكمال نقل من يرغب من المقاتلين والناشطين مع عائلاتهم إلى الشمال السوري، وتثبيت وقف إطلاق نار شامل ودائم بين كل الأطراف وتشكيل لجنة مشتركة من الشرطة العسكرية الروسية وجيش الإسلام مهمتها جرد كل السلاح مع تركه في الغوطة ليبت فيه خلال الحل السياسي الشامل في سوريا، وتفتتح الشرطة العسكرية الروسية نقاط مراقبة لها عند مداخل المعابر وبعض النقاط على الجبهات بين قوات النظام وجيش الإسلام لضمان عدم خرق وقف إطلاق النار، ودخول لجان من المؤسسات الخدمية لتنظيم الأعمال المدنية بما يتوافق مع قوانين الدولة، وتشكيل شرطة مدنية من عناصر الشرطة المدنية الموجودة حاليا بعد رفع أسمائهم إلى وزارة الداخلية في دمشق، وعددهم 1000 عنصر ويتبعون من حيث الرواتب والقوانين والخدمات إلى وزارة الداخلية، مع اعتماد محاكم دوما وتبعيتها إلى وزارة العدل، وضمان حق جيش الإسلام في العمل السياسي داخل سوريا وخارجها وضمان عودة من يرغب ممن تم ترحيله خارج المدينة.

متطوع في الدفاع المدني السوري في مدينة دوما المحاصرة يحمل طفلة قتلت بالغازات السامة السبت 7 نيسان 2018
8 أبريل، 2018
1275 مشاهدات
أقسام
من سوريا