ملايين السوريين يواجهون مستقبلا مظلما مع اقتراب الموعد النهائي لتنفيذ القانون رقم 10

يتخوف ملايين النازحين واللاجئين السوريين من فقدان أملهم بالعودة إلى مدنهم وبلداتهم التي نزحوا عنها وهاجروا منها مع فقدانهم لممتلكاتهم العقارية في المناطق التي يسيطر عليها النظام بعد بدء...
سوريون لاجئون في لبنان

يتخوف ملايين النازحين واللاجئين السوريين من فقدان أملهم بالعودة إلى مدنهم وبلداتهم التي نزحوا عنها وهاجروا منها مع فقدانهم لممتلكاتهم العقارية في المناطق التي يسيطر عليها النظام بعد بدء سريان القانون رقم 10 الذي وقعه بشار الأسد مطلع الشهر الجاري، والذي قضى بضرورة أن يقوم المواطنون السوريون بإبراز سندات ملكياتهم العقارية قبل يوم العاشر من أيار/مايو المقبل، قبل الشروع بإحداث تنظيمات إدارية جديدة ضمن مخطط لتمليك العقارات التي لن يقدم ملاكها بوثائق الملكية قبل الموعد المذكور.
حيث لفتت صحيفة صوت أمريكا في تقرير لها إلى أنه بموجب القانون الذي صدر في 2 نيسان/أبريل الجاري، فإن الستة ملايين سوري الذين فروا من ديارهم هربا من “المذبحة” التي ارتكبتها قوات النظام السوري يضاف إليهم سبعة ملايين نازح إلى مناطق أخرى من البلد الذي مزقته الحرب؛ يمكنهم حتى 10 من شهر أيار المقبل تسجيل ممتلكاتهم أو أنهم سيفقدون منازلهم إلى الأبد، و”سيتم بيع القطع المتبقية في المزاد” وفقا للتشريع المعروف بالقانون رقم 10.
ومن المرجح، بحسب التقرير الذي كتبه جيمي ديتمير في الصحيفة الأمريكية، أن يجني المستثمرون المرتبطون بالنظام السوري من الطائفة العلوية التي ينتمي لها بشار الأسد أرباحا هائلة.
ووصف مسؤولون أوروبيون في مؤتمر للمانحين، الأسبوع الماضي، القانون بأنه “عقابي”، فيما أصدرت وزارة الخارجية الألمانية بيانا يوم الجمعة الفائت أدانت فيه القانون وحذرت من مغبة تطبيقه معتبرة أنه محاولة “غير معقولة” لتغيير الملكية العقارية في سوريا “لصالح النظام وأنصاره وعرقلة عودة عدد ضخم من السوريين اللاجئين والنازحين إلى مدنهم وقراهم”.
خلال مؤتمر عُقد مؤخرا في بروكسل، تعهد المانحون، ومعظمهم من الدول الأوروبية ودول الخليج العربي، بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 4.4 مليار دولار للنازحين السوريين داخل سوريا واللاجئين في دول الجوار كتركيا والأردن ولبنان، والتي تؤوي معظم السوريين الذين فروا عبر الحدود هربا من القتال العنيف.
إن التعهدات الجماعية تقصر كثيرا عن مبلغ السبعة مليارات دولار التي يقول مسؤولو الأمم المتحدة إنها ضرورية لمساعدة السوريين. ومع تزايد احتمال أن يخشى اللاجئون العودة، أو لن يعود لديهم شيء يعودون إليه بسبب القانون الجديد، فمن المرجح أن يحتاج المجتمع الدولي إلى المزيد من التمويل لتأمين الملايين من السوريين في المستقبل المنظور.
ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن جزءا صغيرا فقط من اللاجئين والمشردين سيحصلون على الوثائق اللازمة، كما أن العديد من سجلات الأراضي السورية قد دمرت، وغالبا ما يكون ذلك عن قصد للمساعدة على إفراغ السكان من المناطق السنّية ووضع عمليات نقل للسكان موضع التنفيذ.
خلال العام الماضي، كان العديد من السوريين يناقشون ما إذا كان بمقدورهم المخاطرة بالعودة إلى ديارهم. لقد سعوا إلى الأمان في الدول المجاورة وأوروبا، إما للحفاظ على المقاومة ضد الأسد أو الهروب من الضربات الجوية والبراميل المتفجرة، وكذلك القتال في بلادهم التي مزقتها الحرب.
ومع توازن ميزان القوى في ساحة المعركة لصالح نظام الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس، فإنهم يتساءلون عما يحمله لهم المستقبل.
يقول مقاتلو ونشطاء وسياسيو المعارضة إنهم يستطيعون فقط تصور مستقبل مظلم لعودتهم إلى سوريا، مشيرين إلى أنهم وعائلاتهم يواجهون احتمال بقائهم في منفى طويل الأمد، وربما دائم، لأنهم لن يتمكنوا أبدا من العودة إلى ديارهم في ظل بقاء الأسد في السلطة. وتقول منظمات غير حكومية سورية وعمال إغاثة أيضا إنه لا مستقبل لهم، بينما الأسد أو حزب البعث الذي يسيطر عليه في دمشق.
وقال محمد نور، الطالب السوري الذي يدرس في تركيا: “في حالتي، إذا ظل الأسد في السلطة، فسوف يُلقي بي في السجن لبقية حياتي أو سأصبح اسما آخر على اللوائح الدولية للضحايا والمختفين قسريا”.
خلال عشرات المقابلات التي أجرتها “صوت أمريكا” خلال الأسابيع القليلة الماضية مع السوريين المقيمين خارج بلدهم، فإن أولئك الذين ينشطون في فصائل المعارضة أو المعارضة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، أو الذين لديهم أقارب مرتبطون بمثل هذه الجماعات، هم الأكثر مصارحة في القول إنهم لن يستطيعوا العودة.
وبغض النظر عن المخاطر، يقول الكثيرون في المعارضة السورية إنهم لا يستطيعون التفكير في العيش في بلد يحكمه الأسد لأسباب أخلاقية، وهي قناعة تعمقت فقط مع مرور الوقت خلال صراع شهد قصف المدن والبلدات التي سيطرت عليها المعارضة وفق سياسة الأرض المحروقة واستخدام الأسلحة الكيميائية.
“كيف يمكن أن أعيش في بلد يحكمه بشار الأسد؟ إنه مسؤول عن تدمير أكثر من نصف حلب، مما أسفر عن مقتل نصف مليون سوري وإجبار الملايين الآخرين على الفرار من البلاد أو ترك منازلهم؟”، يتساءل أحد الناشطين الذي يستخدم اسم خضر، “لا أستطيع العودة والعيش في بلد يحكمه مجرم”.
غير أن سوريين آخرين غير مرتبطين بالنشاط السياسي أو العسكري، بدأوا في العودة، لكن بأعداد صغيرة، دفعوا للعودة بسبب ظروف قاسية يعيشونها في البلدان المجاورة، حسب المنظمات غير الحكومية العاملة مع اللاجئين. وأرجعت هذه المنظمات أسباب العودة إلى ظروف معيشية غير آمنة ومحفوفة بالمخاطر، وهي ليست دليلا على تحسن الوضع في سوريا، وفقا لمبدأ “الحلول الدائمة”، وهي مبادرة بحثية تقودها المنظمات غير الحكومية.
إن زيادة ضعف الدخل والوصول إلى مادون حافة الفقر واليأس تدفع “القلة التي تعود” إلى القيام بذلك، على الرغم من الخطر والمخاطر التي ستعاني منها في بلدها، كما حذرت ست منظمات غير حكومية في تقرير بعنوان “الأرض الخطرة” اللاجئين السوريون من مستقبل غير مضمون.
وتقول المنظمات غير الحكومية إن عوامل الضغط تتصاعد على السوريين ليعودوا على خلفية تزايد الخطاب والسياسات المناهضة للاجئين، حيث تفكر الحكومات علانية بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
وقد حذرت منظمات غير حكومية، بما في ذلك المجلس الدنماركي للاجئين ومنظمة أنقذوا الأطفال في تقرير نشر في شباط/فبراير الماضي من أن “الضغط السائد في وجوب عودة اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة يقوّض سلامتهم وكرامتهم، مما يخلق عوامل إرغام ويزيد من احتمال العودة القسرية في عام 2018، كما يهدد بالحد من الخيارات المتاحة لجعل الحياة خارج المنطقة من خلال إعادة التوطين أو “الطرق الآمنة والقانونية الأخرى”.
وكانت حكومات الدول المجاورة قد خططت، أو على الأقل تأمل، إزاء أزمة الحرب السورية واللاجئين السوريين، أن يعود معظم اللاجئين إلى ديارهم، ولم يبدأ الأتراك إلا في الأشهر الثمانية عشر الماضية في وضع خطط لما يجب عمله مع أكثر من ثلاثة ملايين سوري في تركيا.
وفي لبنان، وعد رئيس الوزراء، سعد الحريري، بأنه لن تكون هناك عودة قسرية للاجئين السوريين، لكن هناك ضغوط سياسية متزايدة من أجل حدوث ذلك من بقية الأطياف السياسية في لبنان.
وقد أصبح اللاجئون السوريون قضية أساسية في الحملة الانتخابية الحالية في لبنان، ويقول سياسيون مسيحيون وشيعة، بمن فيهم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، إن الوقت قد حان لإعادة جميع اللاجئين السوريين إلى ديارهم، معتبرين أن اللاجئين السوريين الذين يشكلون أغلبية ساحقة من اللاجئين يهددون الهوية الوطنية للبنان والمزيج الطائفي.
ويحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن اللاجئين السوريين يواجهون مضايقات وسوء معاملة متزايدة في محاولة للضغط عليهم للعودة إلى ديارهم. ووفقا لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فقد تم إجلاء 1300 عائلة سورية من مخيمات في سهل البقاع العام الماضي، حيث تمت معظم عمليات الإخلاء من قبل الاستخبارات العسكرية اللبنانية.
وينقسم الرأي حول ما إذا كان معظم اللاجئين السوريين سيعودون أو يحاولون البقاء في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق، أو في بلدان أبعد من ذلك. ويتوقع ناشطون سوريون أن السوريين “العاديين” في أوروبا أو الولايات المتحدة لن يعودوا، لكن أولئك الذين يعيشون في المخيمات واللاجئين في البلدان المحيطة بسوريا سيكونون أكثر رغبة في العودة بسبب نقص الخيارات المتاحة أمامهم إذا ما توقف القصف والغارات الجوية التي تنفذها قوات النظام وحلفاؤها.
وإذا تمت مصادرة منازل وممتلكات هؤلاء السوريين المقيمين في مخيمات النزوح واللجوء فسيتم القضاء على عامل العودة الرئيسي، ولن يعودوا ما لم تبدأ الدول المضيفة بترحيلهم قسريا، يتوقع الناشطون.
وبحسب دراسة صدرت الأسبوع الماضي عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط فإنه “في مواجهة الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، يشعر اللاجئون السوريون بأنهم محاصرون بين الدول المضيفة التي لا تريدهم وسوريا التي لا يستطيعون العودة إليها”.

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة