اعتبر المتحدث الرسمي باسم تيار الغد السوري، منذر آقبيق، أن تشكيل اللجنة الدستورية المخولة بكتابة الدستور السوري، والتي تم الاتفاق عليها في مؤتمر سوتشي مطلع العام الجاري، مازال أمرا معقدا وصعبا للغاية.
وقال آقبيق خلال تصريح لموقع تيار الغد إن النظام كان يرفض اللجنة الدستورية كما رفض البيان الرسمي الذي صدر عن مؤتمر سوتشي معتبرا نفسه منتصرا على الشعب السوري وبالتالي يرفض تقديم أي تنازلات سياسية، والمفارقة هنا أن النظام لم ينتصر بل روسيا هي التي انتصرت وهي من تضع الشروط وتفرضها على باقي الأطراف.
ولفت المتحدث الرسمي باسم تيار الغد السوري إلى أن هناك تفاهمات عريضة بين روسيا والولايات المتحدة والدول الغربية تتلخص ببيان جنيف والقرار 2254 والتنسيق العسكري في الأجواء السورية وتفاهم خفض التصعيد في الجنوب السوري.. كما أن كل اتفاقات المصالحة واتفاقات خروج فصائل المعارضة من مناطقها في دمشق وحمص وحماة وغيرها أبرمتها روسيا وليس النظام، وبالتالي فإن روسيا تتحكم بالملف السوري بشكل شبه كامل، والمشروع الروسي أصبح واضحا وقد عبر عنه الرئيس فلاديمير بوتين خلال لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا في سان بطرسبورغ أن المرحلة المقبلة هي مرحلة تشكيل اللجنة الدستورية وتفعيل نتائج مؤتمر سوتشي، وواضح أن الفرنسيين موافقون على هذه الرؤية.
كما أشار آقبيق إلى أن العقدة الآن تكمن في تشكيل اللجنة الدستورية.. كان النظام يرفض تقاسم اللجنة بنسبة الثلث مع المعارضة والمستقلين الذين سيعينهم المبعوث الأممي استيفان دي ميستورا، وهذا الرفض لا معنى له مع تحكم روسيا بقرار النظام، و طالما أراد الروس المضي قدما في هذا الملف فإن الاسد سوف يرضخ له، و ظهر ذلك جليا بعد لقاءه الأخير مع بوتين “، ولكن على العموم يبقى تشكيل اللجنة الدستورية أمرا معقدا جدا ويخضع لاعتبارات دقيقة ليس من السهل على المبعوث الأممي المضي فيها دون دعم من روسيا والأطراف الدولية الأخرى المتدخلة بالشأن السوري، فدي ميستورا مطلوب منه عند تشكيل هذه اللجنة إرضاء كل من روسيا وتركيا وإيران والمعارضة بأطيافها المختلفة والنظام، والغرب أيضا..
واعتبر آقبيق أن مهمة دي ميستورا في إرضاء كل هذه الأطراف تبدو مهمة صعبة للغاية، لكنه قال “أعتقد أنه في النهاية سيتم تدوير الزوايا وتجاوز الصعوبات وستتشكل اللجنة الدستورية، وتشكيل هذه اللجنة وتنفيذ مخرجات مؤتمر سوتشي يعتبر المحطة الأولى لتحقيق التغيير الديمقراطي في سوريا، والدستور الجديد يجب أن يكون لدولة ديمقراطية وليس لدولة استبدادية كما الدساتير السابقة منذ عام 1963 وحتى الآن”.
ونوّه آقبيق بأن بيان مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي انعقد في سوتشي بحد ذاته فيه إيجابيات كثيرة مثل إقرار المبادئ فوق الدستورية والمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان وتداول السلطة والحريات السياسية والحريات العامة وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية بما يتوافق مع حقوق الإنسان وإعادة تشكيل الجيش على أسس وطنية، ومع أن النظام رفضه في البداية إلا أنه اليوم لا يملك الكثير من الخيارات، وعليه الرضوخ لإملاءات الدول الضامنة المتحكمة بالملف السوري، وعليه اليوم القبول بمخرجات سوتشي، وأن يشارك في العملية التفاوضية والسياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
وعن الخطوات الأخرى اللاحقة كالانتخابات التي سيشارك فيها جميع السوريين داخل البلاد وخارجها ووجود بيئة آمنة ومستقرة ومناسبة لأن يدلي السوريون بأصواتهم بمطلق الحرية.. قال آقبيق إن هذه الأمور “غير متوفرة حاليا، وهي خطوة لاحقة يجب العمل عليها والإعداد لها والخطوة الحالية هي تشكيل اللجنة الدستورية التي ستعمل على إصلاحات دستورية. والإصلاحات الدستورية لها مفهوم واسع قد تشمل واحد بالمئة وقد تشمل 99 % من الدستور، وسوف نعمل على أن تكون الإصلاحات الدستورية أوسع ما يمكن، والأفضل دستور جديد بالكامل، والقرار 2254 يذكر ويتحدث عن دستور جديد بالكامل وهذا هو الأفضل”.
وأكد آقبيق أن تيار الغد السوري سيشارك في اللجنة الدستورية إلى جانب أطياف أخرى من المعارضة السورية، وأن التيار شارك في سوتشي وسيعمل بشكل إيجابي ضمن هذه الجهود التي ستكون الخطوة أو المحطة الأولى في مشوار التغيير السياسي الذي يتبناه التيار، لافتا إلى أن موضوع التغيير العسكري أصبح “وراءنا تماما”، وأن الحل السياسي هو حل تدريجي يأتي على مراحل وعبر خطوات ويجب أن يعمل الوطنيون الديمقراطيون السوريون بالسياسة التدريجية باتجاه تحقيق الأهداف المنشودة، وهي التغيير الديمقراطي وإعادة توحيد البلاد وخروج الجيوش والمليشيات الأجنبية.. كما أشار آقبيق إلى التحديات الأمنية وأنه ستكون هناك مقاومة شرسة من قبل النظام تجاه أي إنقاص لسلطته وسيطرته على البلاد والحد من صلاحياته لصالح صلاحيات المؤسسات الدستورية ومؤسسات إنفاذ القانون. مؤكدا أن النظام لا يملك أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء وأن التغيير السياسي في سوريا قادم.
كما أكد آقبيق أن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين توضح أن هناك تحركا جديا للغاية، وأن روسيا جادة في تفعيل هذا المسار “مسار سوتشي”، وقال “أتصور أنه خلال الفترة القادمة سيتم تفعيل مسار سوتشي واللجنة الدستورية وسيكون هناك بعض الحراك على الساحة السياسية في مقابل توقعات بتجميد مسار جنيف حاليا وخلال الفترة المقبلة، وسيكون الحراك محصورا في اللجنة الدستورية على أن يتم العودة إلى مسار جنيف عقب الاتفاق على الإصلاحات الدستورية”.
27 مايو، 2018 4802 مشاهدات