عودة آلاف النازحين إلى قراهم في درعا عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الحر وروسيا

بدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في قرى محافظة درعا عقب توقف القصف على مناطقهم الذي نتج عن التوصل إلى اتفاق بين الجيش السوري الحر وروسيا نتج عنه أيضا...
مواطنون نازحون من محافظة درعا قرب الحدود السورية الأردنية

بدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في قرى محافظة درعا عقب توقف القصف على مناطقهم الذي نتج عن التوصل إلى اتفاق بين الجيش السوري الحر وروسيا نتج عنه أيضا توقف القتال والسماح للنظام بالسيطرة على بعض المناطق في المحافظة.

وإثر ضغط عسكري كبير ثم مفاوضات تعثرت مرارا بين الجيش الحر وروسيا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يوم أمس الجمعة، تضمن إجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية إلى شمال البلاد.

ودفعت العملية العسكرية التي شنتها قوات النظام بدعم روسي وإيراني في درعا منذ 19 حزيران/يونيو بأكثر من 320 ألف مدني للنزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة، وتوجه عدد كبير منهم إلى الحدود مع الأردن والجولان المحتل.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس اليوم السبت “بدأ آلاف النازحين بالعودة منذ عصر الجمعة من المنطقة الحدودية مع الأردن إلى قرى وبلدات في ريف درعا الجنوبي الشرقي”، مستفيدين من الهدوء الذي أتاحه وقف إطلاق النار.

وأكد المرصد السوري أنه ومنذ عصر أمس الجمعة عاد “أكثر من 20 ألف نازح إلى 13 قرية وبلدة”، مشيرا إلى أن حركة العودة مستمرة باتجاه المناطق التي يشملها الاتفاق.

وبالإضافة إلى عملية إجلاء غير الراغبين بالتسوية التي لم يحدد موعدها حتى الآن، يتضمن الاتفاق وفق وكالة “سانا” عودة النازحين إلى بلداتهم ومؤسسات الدولة إلى ممارسة عملها. ويخشى نازحون في المقابل، وفق المرصد، “العودة إلى مناطق دخلتها قوات النظام خوفا من الاعتقالات”.

وأعرب النازح أسامة الحمصي البالغ من العمر 26 عاما لوكالة فرانس برس عن تأييده للاتفاق ولكن أيضا خشيته من الاعتقالات. وقال “أؤيد الاتفاق لوقف القتال والدم، يكفينا قتلا وتهجيرا، أطفالنا ونساؤنا تشردوا عند الحدود لكن الروس والنظام السوري ليس لهم أمان”.

وأضاف “حين نتأكد من صحة وقف إطلاق النار، وإذا ضمنا أن أحدا لن يلاحقنا وحصلنا على ضمان حتى لو بسيط، نريد ان نعود إلى بيوتنا بدلا من البقاء مشردين في المزارع”.

وخلال العامين الأخيرين، شهدت مناطق سورية عدة اتفاقات مماثلة يسميها النظام “مصالحات”، آخرها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وتم بموجبها إجلاء عشرات آلاف المقاتلين والمدنيين إلى إدلب وحلب شمالي البلاد.

ويتضمن اتفاق درعا، وفق سانا، “استلام الدولة السورية كل نقاط المراقبة على طول الحدود السورية الأردنية”.

وتزامنا مع جلسة التفاوض الأخيرة، أمس الجمعة، استكملت قوات النظام سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع الأردن ووصلت إلى معبر نصيب الحدودي الذي سيطر عليه الجيش السوري الحر في نيسان/أبريل 2015.

ومن المفترض أن يتم تنفيذ الاتفاق في درعا على ثلاث مراحل بدءا من ريف المحافظة الشرقي إلى مدينة درعا وصولا إلى ريفها الغربي، وفق ما قال حسين أبازيد مدير المكتب الإعلامي في “غرفة العمليات المركزية في الجنوب” التابعة للجيش الحر لوكالة فرانس برس.

وأوضح المسؤول أن “العمل بدأ في المرحلة الأولى مع دخول الجيش العربي السوري إلى معبر نصيب وبدء تسليم الدبابات إلى القوات الروسية”، مشيرا إلى أن المرحلة الثانية ستتضمن إجلاء رافضي الاتفاق من دون أن يحدد موعد تنفيذها.

ولفتت فرانس برس إلى رفع علم النظام عند معبر نصيب فضلا عن انتشار لمقاتلين تابعين للجيش العربي السوري، وأفاد المرصد السوري أن “قوات النظام أرسلت اليوم السبت المزيد من التعزيزات العسكرية إلى معبر نصيب”، الذي كان يعد ممرا تجاريا حيويا بين سوريا والأردن قبل اندلاع الثورة السورية.

إلى ذلك، قال الباحث في المعهد الأمريكي للأمن نيك هاريس لوكالة فرانس برس “حصل الأسد على ما يريده من الاتفاق وهو السيطرة على المنطقة الحدودية بين سوريا والأردن في درعا، ونزع السلاح الثقيل تدريجيا من الفصائل، وإعادة نفوذ حكومته في الجنوب السوري”.

وتكتسب درعا خصوصيتها من ناحية موقعها الجغرافي على الحدود مع كل من الأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة. كما أن لها أهمية رمزية للمعارضة، حيث إنها مهد الاحتجاجات الشعبية والثورة التي اندلعت ضد النظام في آذار/مارس 2011، قبل تحولها إلى حرب دولية تدخلت فيها إيران وروسيا والعديد من الدول الأخرى وتسببت بمقتل أكثر من نصف مليون مواطن سوري وتشريد الملايين.

ومنذ بدء التدخل الروسي في سوريا في العام 2015، حققت قوات النظام السوري مكاسب متلاحقة على حساب المعارضة، وبعد سيطرتها العام الحالي على الغوطة الشرقية وكامل العاصمة، حددت قوات النظام منطقة الجنوب وجهة لعملياتها العسكرية. واعتمدت في محافظة درعا الاستراتيجية ذاتها، عبر القصف العنيف ثم التقدم ميدانيا وفصل المناطق المحررة إلى أقسام ثم إجبار مقاتلي المعارضة على التفاوض والرضوخ للتسويات.

وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لفرانس برس إنها “هزيمة جديدة كبيرة” للفصائل المعارضة في سوريا. أما عن وجهة قوات النظام المقبلة، أوضح هيلر “يبدو أن الحكومة السورية ستتجه لاحقا إلى القنيطرة وهو أمر معقد كون عليها أن تجد طريقة للتقدم من دون إثارة الإسرائيليين والتسبب بتحرك إسرائيلي عسكري مدمر”.

وأكد مسؤولون إسرائيليون مرارا أن أكثر ما يثير خشيتهم هو تواجد مقاتلين إيرانيين أو من حزب الله اللبناني قرب حدودهم.

ومن غير المتوقع أن يخوض الجيش العربي السوري عملية عسكرية ضد الجيب الصغير الذي يسيطر عليه تنظيم داعش في وادي اليرموك جنوب غرب درعا في المدى القريب، رغم أن الأمين العام لمليشيا حزب الله حسن نصر الله كان قد قال الأسبوع الماضي إن مصير هذا الجيب “واضح و محسوم”.

أقسام
من سوريا

أخبار متعلقة