شيع حزب الله اللبناني بعد ظهر اليوم في بلدة القصيبة وبلدة جبشيت بقضاء النبطية اثنين من قادته قتلا في سوريا، دون تأكيدات عن تاريخ وسبب مقتلهما، فيما أشارت مصادر صحفية إلى أربعة احتمالات هي تعرض سيارة كانت تقلاهما لحادث سير أو لغم زرعه تنظيم داعش في البادية السورية أو غارة للتحالف الدولي أو غارة إسرائيلية.
حيث شيع حزب الله المدعو محمد سعيد سعيد الملقب بسمير أحمد ومحمد محمود زيدان الملقب بمرتضى، ولم يذكر الحزب مكان مصرع القياديين أو سبب مقتلهما في سوريا، فيما نشر بعض المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي صورة لسيارة مدمرة في منطقة السخنة قرب مدينة تدمر من دون ذكر تفاصيل.
وكانت دراسة أعدها علي آلفونة، الباحث في “معهد دول الخليج العربية” في واشنطن قد تناولت الخسائر التي تكبدتها مليشيا حزب الله اللبنانية نتيجة تورطها بتدخل عسكري إلى جانب قوات نظام الأسد في سوريا بأوامر وتوجيهات إيرانية صدرت عن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
وأظهر المسح الذي قام به الباحث، بناء على الأسماء المعلنة لقتلى الحزب إلى وجود ما لا يقل عن 1,233 قتيلا سقطوا خلال المعارك الدائرة في سوريا (أي ما يعادل 40% من إجمالي عدد خسائر المليشيات الشيعية الأجنبية التي قاتلت إلى جانب النظام والتي يبلغ عدد قتلاها 2,972 قتيلا).
ويشير الباحث إلى أن عدد قتلى المليشيات الشيعية هذا، يعتبر الحد الأدنى، حيث تميل الميليشيات إلى تقليل عدد الخسائر البشرية، لذا من المتوقع أن يكون عدد القتلى الفعلي أعلى من ذلك بكثير.
وبينت الدراسة، بالإضافة إلى الخسائر البشرية التقريبية، العديد من الملامح البارزة لبنية المليشيات الشيعية في سوريا، والتي وتختلف طريقة الإعلان عن مقتل عناصرها، بناء على رتبته العسكرية، حيث يتم وصف المقاتلين الذين سقطوا في سوريا بـ”الشهيد” بينما يتم إضافة صفة “القائد/القائد الشهيد” أو “القائد الميداني/القائد” إلى بعض الأسماء الأخرى في إشارة على ما يبدو إلى الضباط. وإذا كان الأمر كذلك، هذا يعني أن حزب الله قد خسر 77 ضابطا، من أصل 1,233 قتيلا تم إحصاؤهم.
ومن بين السمات البارزة الأخرى التي تم التعرف عليها، هي مكان ولادة قتلى الحزب حيث تتصدر محافظة النبطية القائمة بـ385 قتيلا، يليها بعلبك الهرمل بـ 288 قتيلا، ومن ثم محافظة جنوب لبنان بـ 271 قتيلا و72 قتيلا من سكان البقاع.
كما قدمت الأرقام نظرة أكبر عن تاريخ مقتل عناصر الحزب، حيث تشير الأرقام إلى الذروة التي تسببت بمقتل عدد كبير يقدر بــ 93 قتيلا في أيار 2013. وفي ذلك الوقت تحديدا، لم يظهر أي قتيل تابع لمليشيات أجنبية أخرى، الأمر الذي يعني أن إيران لم تكن ترغب بنشر قواتها والمليشيات الشيعية الموالية لها في سوريا، وأنها فضلت تأمين نظام الأسد من خلال الزج بعناصر حزب الله. ونتيجة للخسائر الفادحة التي تكبدها الحزب اضطرت إيران فيما بعد لجلب الأفغان والإيرانيين والعراقيين والباكستانيين وتشكيل مليشيات قوامها عشرات الآلاف من المقاتلين المرتزقة لمساعدة حزب الله وللحد من خسائره.
وبحسب الدراسة، فإنه وعلى الرغم من أن حزب الله ينسق مع الحرس الثوري الإيراني والمقاتلين الأجانب الشيعة والقوات الجوية الروسية؛ إلا أنه في الوقت نفسه لا يخضع لقيادة عسكرية مباشرة من الضباط الإيرانيين، وهذا يتضح من خلال ارتفاع خسائر الحزب في وقت مختلف عن بداية إعلان الخسائر في صفوف الحرس الثوري.
وأشار الباحث إلى الخسائر الهائلة في صفوف حزب الله وأنها أضعفته إلى حد كبير؛ إلا أن الاستقرار الواضح لنظام الأسد بعد التدخل الروسي الصريح منذ أيلول/سبتمبر 2015 قد عزز الروح المعنوية داخل الحزب، كما أن التجربة القتالية في سوريا أضافت خبرات جديدة اكتسبها مقاتلو الحزب نتيجة لقتاله مع المليشيات الشيعية التي استجلبتها إيران وقوات النظام والحرس الثوري والقوات الجوية الروسية.