عشرات الآلاف من أهالي مخيم اليرموك في انتظار تحقق أمل العودة

ينتظر عشرات الآلاف من قاطني مخيم اليرموك جنوبي دمشق الفرصة السانحة للعودة إلى منطقتهم التي هجروا منها إلى دول الجوار ونزحوا عنها إلى مخيمات النزوح في إدلب ودرعا ومناطق...
آثار الدمار في مخيم اليرموك - 19 أيار 2018

ينتظر عشرات الآلاف من قاطني مخيم اليرموك جنوبي دمشق الفرصة السانحة للعودة إلى منطقتهم التي هجروا منها إلى دول الجوار ونزحوا عنها إلى مخيمات النزوح في إدلب ودرعا ومناطق أخرى، بعد استقرار الوضع في المخيم دون أن تبدأ السلطات المحلية بأي مشروع لإعادة إعمار المكان أو حتى تأهيله نسبيا أو السماح للسكان بالعودة.

ومع تصريح مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية القيادة العامة، أنور رجا، اليوم لقناة الميادين أن النظام قرر السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك، وهو ما أكدته الجبهة عبر نشرها إبلاغها بالقرار من قبل فيصل مقداد نائب وزير الخارجية، إلا أن ذلك لا يعني شيئا مع وجود قائمة تضم آلاف المطلوبين للأجهزة الأمنية والمخابراتية فضلا عن دمار معظم مباني المخيم.

فرغم مرور ستة أشهر على خروج تنظيم داعش وجبهة النصرة من مخيم اليرموك، الذي يعتبر أكبر تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، لا تزال الأوضاع المعيشية على ما هي عليه من ندرة في المواد الغذائية والخدمات الطبية وسط غلاء فاحش وانعدام فرص العمل.

ويبدو الحي الكائن على هامش دمشق حاليا كومة هائلة من الركام ومكانا مقفرا لا يقطنه سوى عشرات الأسر التي رفضت الخروج أو لم تجد فرصة للمغادرة إلى مكان أكثر إنسانية في سوريا أو دول الجوار.

وكان المخيم قد تحرر من سيطرة قوات النظام في العام 2012 إلا أنه عانى منذ ذلك الحين وحتى حزيران/يونيو الماضي حصارا مطبقا، كما تسلل المئات من عناصر تنظيم داعش إليه في 2015 عبر مناطق النظام التي سهلت لهم الأمر لتختلق الذريعة بهدم ما تبقى منه فوق رؤوس من تبقى من قاطنيه.

ورغم خروج تنظيم داعش وجبهة النصرة إلى البادية السورية وإدلب من المخيم بحافلات مكيفة صحبة عتادهم وأموالهم، بقي اليرموك منطقة مغلقة يقتصر وجود المدنيين فيها على عشرات العائلات التي لم تغادر المخيم أو أفراد عادوا اليه مؤخرا في بضعة منازل لازالت صالحة نسبيا للعيش فيها.

ولم ينجُ مبنى في المخيم من القصف الجوي والصاروخي، فمعظم المباني سويت بالأرض وأصبحت أكواما من الركام فيما تصدع بعضها، وتكاد تنعدم مظاهر الحياة في الحي، باستثناء بضع شوارع وحارات حيّد قاطنوها الحاليين بعض الركام منها ليتمكنوا من السير فيها، فيما افتتح البعض “بسطات” لبيع الخضار وبعض المواد الغذائية معلقين عليها صور بشار الأسد والزعيم ياسر عرفات وخريطة فلسطين ورايات مليشيات المقاومة والممانعة كحزب الله والجبهة الشعبية وحزب البعث..

ويأمل قاطنوا المخيم الحاليين ومن يرغبون في العودة إليه أن تؤمّن الدول المانحة والأونروا وهيئة الأمم المتحدة الدعم لمساعدة المتضررين، بعد أن رفضت محافظة دمشق دفع أي تعويضات لهم أسوة بمناطق أخرى.

ومع وجود دعم هزيل من منظمة التحرير الفلسطينية للمساعدة في رفع الأنقاض إلا أن هذه الدعم غير موجود حتى للمنازل التي يمكن إعادة تأهيلها للسكن أو على الأقل ترميمها جزئيا لمواجهة الشتاء المقبل الذي بات على الأبواب، أما القرار بإعادة الإعمار فمازال ينتظر دوره في قائمة القرارات السيادة التي تتجاهل احتياجات المواطنين على حساب تلبية رغبات المستثمرين الكبار الذين يباشرون على بعد مئات الأمتار من المخيم مشاريعهم الاستثمارية لبناء مساكن فاخرة ومجمعات تجارية عالمية الطراز.

من جهتها، تترقب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” هذا القرار السيادي، حيث صرح مديرها العام في سوريا محمد آبدي آدار لوكالة فرانس برس: “القضية الأساسية بالنسبة لنا هي ما هو مستقبل المخيم؟ هل ستسمح الحكومة للناس بالعودة أم لا؟”. ويضيف “نطرح هذا السؤال منذ تموز/يوليو الفائت، وقبل أن نتمكن من فعل أي شيء، يجب أن نحصل على إجابة واضحة من الحكومة”.

وتواجه الأونروا، التي سُمح لها قبل أسبوعين فقط ببدء مسح أضرار منشآتها الـ23 في المخيم بينها 16 مدرسة وإزالة بعض الركام، من أزمة تمويل حادة، يضاف إليها إحجام العديد من الجهات المانحة عن تقديم أي دعم حالي لإعادة الإعمار في سوريا قبل التوصل لتسوية سياسية لا تبدو منظورة مع تمسك نظام الأسد بالحكم ووجود عقوبات دولية على كل أشخاصه ومؤسساته وبالتالي لا مجال للحديث عن أي دعم ممنوح أو قروض مقدمة طالما هؤلاء يسيطرون على بعض أجزاء سوريا ومنها بطبيعة الحال دمشق التي ينتمي إليها مخيم اليرموك وغيره من الأحياء المدمرة.

وتقدر الأمم المتحدة كلفة الدمار في سوريا بنحو 400 مليار دولار، ودعى حلفاء النظام ومنهم روسيا مرارا وتكرارا الدول الكبرى والدول العربية إلى المشاركة ماليا في إعادة الإعمار، ولكن دون جدوى حتى الآن، فلا أحد يريد تحمل مسؤولية مكافأة الأسد ونظامه وحلفائه على تدميرهم لسوريا.

ويؤكد مسؤولون محليون في المخيم أن إعادة الإعمار للحي تحتاج إلى ميزانية ورؤوس أموال كبيرة جدا، فضلا عن تحديين آخرين يسبقان إعادة الإعمار، الأول إعادة البنى التحتية الأساسية من شبكات صرف صحي ومياه وكهرباء واتصالات المتضررة كليا للعمل، والثاني سماح سلطات النظام للسكان بالعودة، وهذان الأمران مستبعدان حاليا وفي المدى المنظور لأن النظام يركز على مناطق أخرى يقطنها مؤيدوه، كما أنه يريد مواصلة العقاب لسكان المخيم الذين يؤيدون الشعب السوري ويحترمون خياره في تغيير النظام بل ضحوا من أجل ذلك بآلاف القتلى والمعتقلين والمختفين قسريا على مدى ثمان سنوات.

يضاف إلى ذلك الخوف الكبير مما قررته حكومة عماد خميس إنجاز مخططات تنظيمية جديدة لأحياء عدة في العاصمة بينها اليرموك، وبالتالي حرمان قاطنيه من العودة ومصادرة أملاكهم وعقاراتهم بموجب القانون رقم 10.

وتقول قيادات فلسطينية إن هناك مخططا تنظيميا لليرموك يعود الى العام 2004، ويفترض أن تحصل إعادة الإعمار على أساسه، ما يعني استبعاد تطبيق القانون رقم 10 المثير للجدل الذي يسمح لحكومة خميس بإقامة مشاريع عمرانية في منطقة ما، على أن يُعوَّض أصحاب الممتلكات بحصص اذا أثبتوا ملكياتهم خلال عام من إعلانها منطقة تنظيمية.

وبحسب مسؤول محلي سابق في المخيم، تمتلك الدولة السورية عشرين في المئة من مساحة المخيم مؤجرة لصالح الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب التي تُعنى بشؤون الفلسطينيين في سوريا. أما ملكية بقية الأراضي فهي مسجلة بموجب عقود بيع أو وكالات من كاتب عدل غير قابلة للعزل بأسماء أصحابها الفلسطينيين أو السوريين.

ويطالب المقيمون حاليا محافظة دمشق بالإسراع بعملية الترقيم التي تجرى في مناطق مجاورة كحي التضامن، وبإدخال الآليات وورش الصيانة مع استعدادهم للمشاركة التطوعية عند بدء عملية التنظيف، ويطالبون بعودة مؤسسات الدولة ومخفر الشرطة وتسيير دوريات أمنية للحد من عمليات الاعتداء والسرقة التي يقوم بها شبيحة يتسللون إلى الحي من مناطق أخرى.

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة