نجح المجتمع الدولي ممثلا بأكثر من ثلثي الدول المشاركة في اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي عقد اليوم في مقر المنظمة في لاهاي بمنح منظمة حظر الأسلحة الكيميائية صلاحيات جديدة بتحديد المسؤول عن الهجمات بالأسلحة الكيميائية مثل تلك التي وقعت في سوريا، فيما فشلت محاولات كل من روسيا والصين بمنع هذا القرار.
وبعد مشادات كلامية مريرة، صوتت الدول الأعضاء في المنظمة ضد مساعي موسكو وبكين الطعن في القرار الذي اتخذ في حزيران/يونيو الماضي بمنح المنظمة صلاحيات تمكنها من تحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية، كونه سيسمح بتحديد مرتكبي جرائم حرب بهذه الأسلحة وخصوصا في سوريا، ما يسمح مستقبلا بإدانة مسؤولي النظام السوري وعلى رأسهم بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب.
كما أفشلت تلك الدول اقتراحا تقدمت به روسيا والصين لتشكيل “مجموعة خبراء” بعد أن قال الغرب أنها ستعيق فعليا الصلاحيات الجديدة للمنظمة.
وفي حزيران الفائت اتخذت الدول الأعضاء في المنظمة قرارا مثيرا للجدل يسمح للمنظمة لأول مرة بتحديد المسؤولية عن الهجمات، بعد أن كانت قادرة في السابق على تأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية فقط.
وبعد التصويت اليوم بغالبية 82 مقابل 30 صوتا ضد المحاولات الروسية الصينية، كتب السفير البريطاني في المنظمة بيتر ويلسون على تويتر “أغلبية قوية ضد محاولات تخريب قرار حزيران التاريخي”. وأضاف “نتيجة ساحقة تقول بوضوح لا للأسلحة الكيميائية”.
ودوى التصفيق في قاعة الاجتماع في لاهاي بعد أن صوتت الدول الأعضاء بغالبية 99 مقابل 27 صوتا لصالح ميزانية 2019. وهذه أول مرة تصوت فيها المنظمة على الميزانية بعد أن أصرت روسيا وايران، اللتان تعارضان الصلاحيات الجديدة، على التصويت.
كما صوتت المنظمة بغالبية 82 إلى 30 صوتا ضد خطة مشتركة طرحتها روسيا والصين لتشكيل مجموعة “مفتوحة” لدراسة كيفية عمل الصلاحيات الجديدة.
وأيدت عدد من الدول الاقتراح الروسي الصيني بينها إيران والهند وباكستان وجنوب أفريقيا وفلسطين وكوبا إضافة إلى العديد من الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى وبالطبع مندوب النظام السوري.
وكانت عدد من الدول المحترمة قد اقترحت منح المنظمة صلاحيات جديدة بتحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية بعد سلسلة من الهجمات الكيميائية في سوريا إضافة إلى هجوم بغاز أعصاب على الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري البريطانية في آذار/مارس الماضي.
وسيسمح للفريق بتوجيه المسؤولية في الهجمات في مناطق أخرى في حال طلب منها البلد الذي وقع فيه الحادث ذلك. وتقول المنظمة إنها تهدف إلى تشكيل فريق مطلع العام المقبل يمكن أن يحدد الجهة المسؤولة عن جميع الهجمات الكيميائية في سوريا منذ 2013.
واتهمت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية روسيا وبكين بمحاولة إلغاء التغيير الذي طرأ على قوانين المنظمة في حزيران الماضي. وتبادلت روسيا والدول الغربية الاتهامات المريرة بالكذب والنفاق يوم أمس الاثنين عندما ناقشت المنظمة المسألة.
وقال المبعوث الروسي للمنظمة أليكسندر شولغن إن المزاعم الغربية باستخدام روسيا ونظام الأسد أسلحة كيميائية هي “محض أكاذيب” وقال إن الصلاحيات الجديدة “غير مشروعة”.
فيما قال السفير الأمريكي كينيث وورد إن المزاعم الروسية بأن الصلاحيات الجديدة الممنوحة للمنظمة غير مشروعة هي “نفاق بشع” محذرا من مغبة السماح ببداية “عهد جديد من استخدام الأسلحة الكيميائية”.
ويعد هذا الاجتماع الأول منذ طرد أربعة مواطنين روس اتهمتهم السلطات الهولندية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بمحاولة اختراق نظام حواسيب المنظمة باستخدام معدات الكترونية كانت مخبأة في سيارة مركونة خارج فندق قريب.
وكانت المنظمة في تلك الأثناء تحقق في هجوم بغاز للأعصاب استهدف سكريبال في مدينة سالزبري البريطانية وفي هجوم كيميائي وقع في سوريا.
وأشرفت المنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام في 2013على تدمير 96,5 بالمئة من المخزون العالمي للأسلحة الكيميائية، وهي مكلفة بالإشراف على تطبيق معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية التي دخلت حيز التنفيذ في 1997، وتمنع حيازة واستخدام كافة أنواع الأسلحة الكيميائية عبر المراقبة والتفتيش بموجب صلاحيات تمنح لها من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.