خلال ثلاثة أيام من المعارك العنيفة والغارات المكثفة، قتل 51 مدنيا، بينهم 19 طفلا، غالبيتهم أفراد من عائلات مقاتلين في تنظيم داعش بالإضافة إلى 61 عنصرا من التنظيم، بحسب بيانات رسمية من المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كما قتل 92 عنصرا من قوات سوريا الديموقراطية خلال نفس الفترة في هجومات عنيفة شنها تنظيم داعش ضد مواقعها في محافظة دير الزور حيث يتحصن عناصر التنظيم في جيب صغير بريف المحافظة.
ولم تنجح قوات سوريا الديموقراطية خلال الأشهر القليلة الماضية في تحقيق أي تقدم في هذه المنطقة نتيجة عوامل عدة بينها الطبيعة الصحراوية القاسية، وسوء الأحوال الجوية، فضلا عن وجود خلايا نائمة للتنظيم في محيط الجيب الذي يحاصره التحالف الدولي بالإضافة تسهيلات تقدمها قوات النظام السوري للتنظيم عبر إمداده بالعناصر الذين كانوا في تلول الصفا بريف دمشق وهم بكامل عتادهم العسكري بالإضافة إلى أموال طائلة جناها التنظيم من الفدى التي قبضها من النظام مقابل أسرى.
وكان تنظيم داعش قد شنّ هجوما واسعا يوم الجمعة الفائت ضد مواقع قوات التحالف الدولي في محيط مدينة هجين قرب الحدود السورية العراقية، وأسفر الهجوم عن مقتل 92 عنصرا من قوات سوريا الديموقراطية، حيث قال المرصد السوري “إنها الحصيلة الأكبر لقوات سوريا الديموقراطية في هجوم واحد للتنظيم منذ تأسيسها” في تشرين الأول/أكتوبر 2015.
وكشف المرصد أن “تنظيم داعش استفاد من الأجواء الضبابية في المنطقة ليشن هجومه الذي شارك فيه أكثر من 500 عنصر وتخلله تفجيرات انتحارية فضلا عن خلايا نائمة في مناطق سيطرة قوات التحالف”، مشيرا إلى اشتباكات استمرت حتى يوم الأحد قبل أن يتراجع عناصر التنظيم إلى مواقعهم.
وتدخلت طائرات التحالف الدولي، وفق المرصد، “بشكل محدود جراء الأجواء الضبابية”، وشنت غارات ضد المواقع التي تقدم إليها عناصر التنظيم فضلا عن قصف هجين والسوسة المعقل الرئيسي الحالي للتنظيم.
وكان المتحدث باسم التحالف الدولي، شون ريان، قد قال يوم السبت الماضي لوكالة فرانس برس إن الغارات التي يشنها التحالف “محدودة جراء الطقس”. وعادة ما يستغل تنظيم داعش سوء الأحوال الجوية في هذه المنطقة الصحراوية لشن هجماته ضد قوات التحالف.
وكان التنظيم قد استفاد الشهر الماضي أيضا من عاصفة ترابية ليشن هجمات واسعة تمكن خلالها من استعادة كافة المناطق التي تقدمت فيها قوات التحالف في الجيب الواقع تحت سيطرته في إطار عملية عسكرية أطلقتها في العاشر من أيلول/سبتمبر.
ومنذ بدء هجوم قوات التحالف الدولي في أيلول/سبتمبر الفائت، قتل 452 من عناصر قوات سوريا الديموقراطية و739 من تنظيم داعش، فضلا عن 284 مدنيا بينهم أكثر من مئة طفل، وفق حصيلة للمرصد.
وقال الخبير في شؤون الجهاديين في معهد الجامعة الأوروبية تور هامينغ إن “من الخطأ الظن أن طرد تنظيم داعش من آخر مواقعه في دير الزور سيكون سهلا”، موضحا أن المنطقة “عبارة عن خليط من صحراء وبلدات صغيرة ما يجعل من الصعب جدا عزلها” مقارنة بمدن أخرى مثل الرقة، معقل التنظيم سابقا في سوريا، حيث كان من السهل جدا محاصرة مقاتليه.
وأشار هامينغ إلى أن مقاتلي التنظيم “يعرفون المنطقة جيدا كونهم ينشطون فيها منذ أكثر من خمس سنوات”.
وقد مُني التنظيم المتطرف خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا، حيث لم يعد يسيطر سوى على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرقي حمص. ويبدو أن مقاتليه متمسكون بآخر الجيوب الواقعة تحت سيطرتهم، إذ يرى هامينع أن هؤلاء يعلمون “إنهم سيقتلون في غارة او يعتقلون ويلقى بهم في السجن”، مرجحا أن غالبيتهم من “قدامى مقاتلي تنظيم داعش الذي يحاربون معه منذ سنوات عدة ولديهم خبرة في هذا النوع من الحروب في منطقة صحراوية”.