إثر إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة الذي استنكره الشعب السوري جملة وتفصيلا، ثارت العديد من ردود الفعل العربية والدولية الرافضة للإعلان.
حيث أعلنت المملكة العربية السعودية “رفضها التام واستنكارها” لاعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، مؤكدة أنها “أرض عربية سورية محتلة”، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية “واس”.
وأكدت السعودية، خلال البيان، أن قرار ترامب “هو مخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي” محذرا من “آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط”، مشددة على أن هضبة الجولان “أرض عربية سورية محتلة وفق القرارات الدولية ذات الصلة، وأن محاولات فرض الأمر الواقع لا تغير في الحقائق شيئاً”.
ودعت المملكة “كافة الأطراف إلى احترام مقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة”.
ومن جهتها أيضا، أعربت دولة الكويت، على لسان نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجارالله، عن أسفها من القرار الأمريكي المتعلق بالجولان، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع اتخاذ إجراءات من شأنها “احتواء الاحتقان في المنطقة”.
حيث أكد الجارالله أن قرار ترامب سيؤدي إلى “مزيد من التوتر وتدهور عملية السلام المتعثرة أصلا”، مشددا على موقف بلاده الثابت من أن الجولان أرض سورية محتلة، كما أشار إلى أن قرار ترامب يخالف القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي والقرار 497 الذي يدعو إسرائيل إلى عدم ضم الجولان.
وطالبت الكويت عبر هذا البيان من وصفتهم بـ”الأصدقاء” الأمريكيين بالتراجع عن هذا القرار لما سيثيره من ردود فعل وتداعيات سلبية.
أيضا، أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن موقف بلاده “ثابت وواضح في رفض ضم إسرائيل الجولان المحتل وفي رفض أي قرار يعترف بهذا الضم قرارا أحاديا سيزيد التوتر في المنطقة، ولا يغير حقيقة أن الجولان المحتل أرض سورية، يتطلب تحقيق السلام الشامل والدائم إنهاء احتلالها وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”.
وأضاف الصفدي أن موقف المجتمع الدولي إزاء الجولان واضح يجسده قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 للعام 1981 الذي رفض قرار إسرائيل ضم الجولان المحتل وأكد عدم شرعية فرض إسرائيل قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل واعتبر القرار الإسرائيلي باطلا ولاغيا.
وأعربت مملكة البحرين عن أسفها لإعلان الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، حيث أكدت وزارة الخارجية البحرينية على موقفها الثابت باعتبار هضبة الجولان أراض عربية سورية محتلة من قبل إسرائيل في حزيران/يونيو 1967، بحسب قرارات مجلس الأمن الدولي.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قد انتقد بأشد العبارات قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، معتبرا إياه “قرارا باطلا شكلا وموضوعا”.
وشدد أبو الغيط، في بيان صادر عنه على أن إعلان ترامب يعكس “حالة من الخروج على القانون الدولي روحا ونصا تقلل من مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، بل وفي العالم”.
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن الإعلان الأمريكي لا يغير شيئا في وضعية الجولان القانونية، مؤكدا أن الجولان أرض سورية محتلة لا تعترف أية دولة بسيادة إسرائيل عليها.
ودوليا، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها ترى هضبة الجولان السورية أرضا محتلة، معربة عن رفضها الاعتراف بضم إسرائيل للجولان عام 1981 وأن بريطانيا لا تخطط للاعتراف بذلك، ولفتت إلى أن “القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة يحظر ضم الأراضي باستخدام القوة”.
كما أعلنت كندا رفضها دعم قرار ترامب، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة، مؤكدة أن الهضبة أرض محتلة وفقا للقانون الدولي.
وقالت الخارجية الكندية في بيان رسمي “إن كندا وبالتوافق مع القانون الدولي لا تعترف بالسيطرة الإسرائيلية الدائمة على مرتفعات الجولان. ولا يزال موقف كندا، الذي تتمسك به منذ زمن بعيد، دون تغيير”.
وأضافت الوزارة: “إن ضم الأراضي باستخدام القوة أمر يحظره القانون الدولي. وأي إعلان عن تغيير أحادي الجانب للحدود يتناقض مع النظام الدولي القائم على القواعد”، ولكنها لفتت إلى أن كندا “صديق ثابت لإسرائيل”، وقالت “إننا نقف مع إسرائيل ونؤيد حقها بالعيش في السلام والأمن مع جيرانها”.
هذا فيما اكتفت روسيا بالإعراب عن أسفها إزاء قرار ترامب محذرا من تداعيات سلبية سيجلبها هذا القرار إلى المنطقة، حيث أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن الإعلان خطوة جديدة تتخذها واشنطن في مخالفة واضحة للقانون الدولي، لافتا إلى أن “هذا القرار ستكون له تداعيات سلبية بالنسبة للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية، وبالنسبة للمزاج العام للتسوية السياسية في سوريا، وهذا لا يثير شكوكا لدى أحد”.
كما أشار بيسكوف إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبحث بعد ساعات في الكرملين مع نظيره اللبناني ميشيل عون مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط في ضوء القرار الأمريكي حول الجولان.
ومن جانبه انتقد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي، مايك بومبيو، عزم الولايات المتحدة على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وقال لافروف إن توجه واشنطن إلى الاعتراف بإسرائيلية الجولان “يقود إلى انتهاك سافر للقانون الدولي ويعرقل تسوية الأزمة السورية ويزيد الوضع في الشرق الأوسط تأزما”.
كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن خطوة ترامب من شأنها أن تقود إلى تصعيد جديد للتوتر في منطقة الشرق الأوسط، وأوضحت أن خطورة خطوات كهذه تنبع من كونها تتخذ خارج “الحق القانوني” وتتجاهل كل الأعراف الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي”.
وأكد نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، أن توقيع ترامب مرسومه بشأن الجولان لا يغير موقف موسكو المنطلق من أن الجولان جزء لا يتجزأ من أراضي سوريا.
أما وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، فأكد أنه “يستحيل لتركيا قبول القرار الأميركي بشأن الجولان، وأنها ستتخذ إجراءات ضده، بما في ذلك في الأمم المتحدة.
وأضاف جاويش أوغلو أن “توقيع ترامب هو فعليا هدية انتخابية لنتانياهو الذي يواجه صعوبة في الانتخابات”، وقال أيضا “مهما فعلت لنتنياهو، الذي قسم شعبه ويقصف غزة اليوم كما ترون، لهذا الطاغية لن يكون لذلك فائدة. جهود أمريكا ستذهب سدى”.
وأعلنت الأمم المتحدة، ردا على الاعتراف الأمريكي، أن “الوضع القانوني للجولان لم يتغير”، في تأكيد على أن القرار الأمريكي لن يؤثر على الاعتراف الدولي بأن الجولان هي أرض سورية محتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد وقع يوم أمس الاثنين، في البيت الأبيض وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على مرسوم ينص على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتلة.
وقال ترامب، قبل لحظات من التوقيع على المرسوم، خلال مؤتمر صحفي “إنني أتخذ اليوم خطوة تاريخية لدعم قدرات إسرائيل في الدفاع عن ذاتها والتمتع بمستوى عال من الأمن الذي تستحقه. إسرائيل سيطرت على مرتفعات الجولان عام 1967 لحماية نفسها من التهديدات المقبلة”.
وأضاف ترامب: “اليوم عليها أن تدافع عن نفسها من إيران والتهديدات الإرهابية في سوريا، بما في ذلك حزب الله، الذي قد يشن هجمات محتملة على إسرائيل”، واعتبر أن هذا الإجراء كان يجب اتخاذه منذ عدة عقود، مضيفا أن أي صفقة تخص السلام في الشرق الأوسط يجب أن تعتمد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وتعهد الرئيس الأمريكي بأن “الولايات المتحدة ستقف إلى الأبد جنبا إلى جنب مع إسرائيل”، كما أهدى ترامب نتنياهو القلم الذي استخدمه في التوقيع على مرسوم الاعتراف كتذكار رمزي.