غضب عارم وأجواء محقونة تسود في محافظة درعا بسبب ممارسات قوات النظام القمعية وحالة الانفلات الأمني وانعدام الخدمات والظروف المعيشية القاسية التي يعاني منها أبناء المحافظة يضاف إليها حملات التجنيد الإجباري للشباب والرجال للزج بهم في “محرقة إدلب” حيث تتكبد قوات النظام خسائر يومية فادحة في الأرواح والعتاد وخصوصا أرواح الشباب الذين يتم إجبارهم على التجنيد ويساقون إلى حتفهم في مواجهة فصائل المعارضة في إدلب وحماة.
فقد بدأت منذ أيام دعوات جادة للعصيان المدني في محافظة درعا لمنع إرسال شباب المحافظة إلى جبهات القتال بالتزامن مع انتهاء مهلة التسوية المفروضة على المطلوبين منذ العام الماضي.
وتشير مصادر مدنية وحقوقية إلى أكثر من 670 معتقلا من أبناء محافظة درعا تم القبض عليهم وإيداعهم في سجون ومعتقلات تابعة للأجهزة الأمنية خلال أقل من عام بعد إجراء المصالحات.
وقد شوهدت اليوم الاثنين منشورات ورقية علقها ناشطون بكثافة على جدران بعض المؤسسات والمنازل الأحياء في ريف درعا تدعو الأهالي لعدم السماح بإرسال أبنائهم للمشاركة في المعارك الدائرة بين قوات النظام وفصائل المعارضة في إدلب.
وتضمنت المنشورات عبارات مثل “أهل إدلب ثاروا لأجلنا، فلنحرص ألا نرسل أبناءنا ليقاتلوهم”، و”مستمرون بإذن الله حتى نجتث هذا النظام المجرم وحتى نثأر لشهدائنا فهم أهل التضحيات”.
وقد تزامن انتهاء مهلة التسوية المفروضة من النظام على المنشقين والمتخلفين من محافظة درعا مع تكثيف ملحوظ لعمليات التفتيش على الحواجز وإيقاف المطلوبين وتبصيمهم على وثائق تفرض عليهم الالتحاق بقوات النظام تحت طائلة المحاكمة العسكرية.
وبعد يوم من إجبار حواجز قوات النظام المطلوبين بالتبصيم على تعهدات مكتوبة لمراجعة شعب التجنيد والالتحاق بصفوفها خلال مدة أقصاها سبعة أيام، هدد أدهم الكراد، القيادي السابق في فصائل المعارضة، بعدم سماح أهالي المحافظة لأبنائهم بالذهاب إلى إدلب للمشاركة في المعارك الدائرة هناك والتصعيد بعيان مدني حيث قال “لدينا ثلاث فئات شبابية متأثرة بما حصل، المنشقون، الاحتياط، والخدمة الإلزامية. وطالما أن هناك معارك قائمة في إدلب وحيث أنه قد تم غدر أبنائنا الذين صدقوا قرار العفو وتعجلوا بالالتحاق، فإن درعا لن تسلم فلذات أكبادها لتجعلوها حطبا لمشاريعكم، وهي قريبة من العصيان المدني، خيطوا بغير مسلة”.
وإثر ذلك بدأت الدعوات تترجم على الأرض بمنشورات ورقية في بعض بلدات ريف درعا، ودعوات من “تجمع أحرار حوران” وغيرها من التجمعات الحقوقية والمدنية، لمنع إرسال الشباب إلى جبهات القتال في إدلب.
وكان مكتب توثيق الشهداء في درعا قد وثق مقتل 15 شابا من أبناء المحافظة ضمن فصائل المعارضة، مقابل خمسة آخرين قتلوا في صفوف قوات النظام على جبهات ريف حماة منذ بدء المعارك الأخيرة في نيسان/أبريل الماضي، كما سبق أن وثق مقتل 16 آخرين خلال مشاركتهم في المعارك إلى جانب قوات النظام منذ مطلع العام الجاري حتى آذار/مارس على جبهات متفرقة.
وتؤكد بعض المصادر أن الشباب المجبرين على الالتحاق بقوات النظام بموجب قرارات التجنيد الإجباري يتعرضون للقتل خلال المعارك بسبب ضعف الخبرة وعدم الرغبة في المواجهة مع أبناء بلدهم، كما تؤكد مصادر أنهم يتعرضون لحالات قتل من قبل زملائهم لأسباب عدة بعضها طائفية.
إلى ذلك، قالت وكالة آكي الإيطالية في تقرير لها نشر مؤخرا إن القوات الروسية خفضت تواجدها العسكري في مدينة درعا وريفها، وأن التواجد الروسي العسكري “شبه معدوم”، وأكدت أنّه “يقتصر على حواجز ونقاط عبر ريف المحافظة، ولا يكاد يُرى”، وأن الأجواء العامة توحي باحتمال انفجار الوضع أمنيا وعسكريا من جديد، وأشار التقرير إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في المحافظة قد تساهم في عودة التوترات في المنطقة.