تحقيق رسمي في تورط شركات ألمانية وسويسرية بمساعدة النظام السوري في تصنيع أسلحة كيميائية

على خلفية اتهامات موجهة إلى شركات ألمانية توريد مواد كيميائية إلى سوريا تم استخدامها من قبل قوات النظام في ارتكاب جرائم حرب ومجازر ضد المدنيين وفتح تحقيق رسمي في...
مبنى لشركة نوفارتس التي ورد اسمها في تحقيق ألماني حول تزويد النظام السوري ببعض المواد التي تدخل في صناعة أسلحة كيميائية محرمة دوليا

على خلفية اتهامات موجهة إلى شركات ألمانية توريد مواد كيميائية إلى سوريا تم استخدامها من قبل قوات النظام في ارتكاب جرائم حرب ومجازر ضد المدنيين وفتح تحقيق رسمي في هذه القضية؛ صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الألمانية أن سلطات بلاده لم تمنح الإذن لأي شركة بتصدير مواد كيميائية إلى سوريا.

وقال المصدر، إن الادعاء العام في إيسن، فتح تحقيقا في الأمر ليحدد ما إذا كانت الشركات التي أرسلت تلك المواد إلى مقربين من النظام السوري، قد خرقت العقوبات الأوروبية أم لا. وأضاف أن السلطات الألمانية تبقى “متيقظة” لهذا النوع من الصادرات، وأنها “تعي جيدا المخاطر المرتبطة باستخدام السلاح الكيميائي في سوريا؛ ولهذا فإن تصدير مواد كيميائية قابلة للاستخدام المزدوج، خاضع للعقوبات الأوروبية”.

وكانت صحيفة سودويتشه تزايتوغ الألمانية قد كشفت في تحقيق لها عن أن شركات ألمانية متورطة بإرسال مواد كيميائية يمكن استخدامها لأغراض حربية، إلى مقربين من النظام السوري في ظل الحرب القائمة هناك. وسمّت الصحيفة شركة “برانتاغ”، وهي أكبر موزع أدوية كيميائية في العالم، ومقرها ألمانيا. وقالت إنها باعت عام 2014 عبر شركة فرعية في سويسرا، مادتي الـ”إيزوبروبانول” و”ديثيلامين” إلى شركة أدوية سورية تدعى “مديترانيان فارماسوتيكال اندستريز” بهدف تصنيع مسكنات. وذكرت الصحيفة، أن شركة الأدوية السورية هذه، تبين أنها مملوكة من قبل شخص مقرب من بشار الأسد.

ورغم أن هذه المواد يمكن استخدامها في تصنيع أدوية، فإنها تستخدم أيضا لتصنيع أسلحة كيميائية مثل غاز السارين الذي استخدمه طيران النظام السوري ضد أهالي مدينة خان شيخون بريف إدلب عام 2017، وأدى إلى مقتل العشرات. وإضافة إلى اعتداء خان شيخون، أحصت الأمم المتحدة 32 اعتداء كيميائيا نفذتها قوات النظام السوري ضد المدنيين في سوريا على مدى أكثر من سبع سنوات.

وفتح الادعاء العام في إيسن، حيث مقر شركة “برانتاغ”، تحقيقا أوليا لتحديد ما إذا كان هناك حاجة إلى فتح تحقيق رسمي. وفور انتشار خبر فتح تحقيق أولي بالشركة، انخفضت أسهمها بنسبة تقارب الـ6 في المائة. حيث يتخوف التجار من تبعات سياسية في الولايات المتحدة الأمريكية على الموزع الألماني الذي يضم قوة عاملة تصل إلى 16 ألف شخص.

وورطت شركة “برانتاغ” شركة أدوية سويسرية من دون أن تسمّها، عندما قالت في بيان إن الشركة السورية التي كانت تبيعها المواد الكيميائية تصنع مسكنات بمعرفة وترخيص “شركة أدوية سويسرية معروفة جدا”.

وتبين بأن شركة “نوفارتس” في سويسرا لتصنيع الأدوية، هي الشركة التي كانت منحت عقدا لشركة الأدوية السورية لتصنيع وتوزيع مسكنات مثل فوتارين. واعترفت شركة نوفارتس أنها زودت الشركة السورية بالمادة الأساسية لتصنيع الأدوية عام 2014، إلا أن المسؤولية كانت على الشركة السورية لتأمين المواد الأخرى مثل إيزوبروبانول وديثيلامين، وأنها لم تلعب أي دور بذلك.

وتحرك الادعاء العام في ألمانيا بعد أن تلقى شكاوى من ثلاث منظمات غير حكومية، بينها منظمة الأرشيف السوري التي تتخذ من برلين مقرا لها. وهي منظمة حقوقية تعمل على جمع الأدلة ضد الانتهاكات في سوريا، أسسها هادي الخطيب عام 2011. وكانت المنظمات الثلاث قد تقدمت بشكوى شبيهة لدى بلجيكا التي فتحت تحقيقا قبل أشهر ضد شركة مقرها في مدينة أنتويرب، متورطة بصنع أدوية كيميائية لصالح شركة أدوية ألمانية.

وأكدت شركة “برانتاغ” في بيان صحفي أنها أرسلت المواد الكيميائية إلى سوريا في ذلك الحين عبر شركتها الفرعية في سويسرا، وقالت إنها فعلت ذلك “وفقا للقوانين المعمول في ذلك الحين”.

إلا أن حظر تصدير مواد كيميائية إلى سوريا من دون إذن مسبق، أقرها الاتحاد الأوروبي على دفعتين، في عامي ٢٠١٢ و٢٠١٣، أي أن متطلبات الحصول على إذن مسبق كانت قائمة عندما صدرت الشركة المواد الكيميائية إلى سوريا. وتنطبق هذه القواعد على الصادرات غير المباشرة عبر دول مثل سويسرا.

وأكد المكتب الفيدرالي للاقتصاد والصادرات في ألمانيا، أنه لم يمنح أي تصريحات بتصدير المادتين الكيميائيتين المذكورتين منذ أن دخلت التوجيهات الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ.

وتتورط شركة ألمانية أخرى في الأمر، وهي شركة “ساسول ألمانيا” ومقرها هامبورغ. واعترفت بأن الشركة الشقيقة لها “ساسول سولفنت” قد أرسلت مواد كيميائية إلى سويسرا بشكل دوري وحتى نهاية عام 2014. ونقلت صحيفة “سودويتشه تزايتوغ” أن الشركة ليس لديها أي أدلة تشير إلى أن المواد التي أرسلتها لسويسرا سيتم شراؤها في سوريا. وقالت الصحيفة، إن الشركة لم ترسل المواد بشكل مباشر إلى سوريا، وإنها لم تكن تملك “أي معلومات” حول إلى من سيتم إرسال تلك المواد التي تم شراؤها منها.

أقسام
أخبار

أخبار متعلقة