انقلبت حيوات الآلاف من المواطنين السوريين رأسا على عقب جراء الأخطار المحققة التي تترتب على الألغام المزروعة في مختلف مناطق سوريا خصوصا في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش في سوريا ما يشكّل هاجسا جديدا يطارد المدنيين السوريين العائدين إلى منازلهم وحقولهم.
وكانت أغنس مارشايلو، رئيسة دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (UNMAS)، قد حذرت العام الماضي من تعرض 8.2 مليون مواطن سوري لخطر الألغام، وقالت إن دائرتها ترجح وجود مخاطر محققة على حيوات ملايين السوريين جراء انفجارات متوقعة قد تسببها الألغام، وأنه مثل كل بلد معرضة للألغام أو غيرها من المتفجرات من بقايا الحرب، يعود الناس غالبا إلى منازلهم بصرف النظر عما إذا كانت تلك المنازل تم تنظيفها من المواد المتفجرة أو لا وهذا ما يجب العمل عليه من السلطات المحلية والجهات الدولية المعنية.
كما لفتت مارشايلو إلى أن الأمم المتحدة تعتبر بعض الدول مثل ألمانيا شريكا أساسيا في توفير الدعم المالي من أجل خطوات تقدم محسوسة في كل مناطق العالم ومنها سوريا، هو إسهام واضح من أجل إجراءات أكثر فعالية في السلام والأمن العالميين.
وقالت أيضا إن “إحدى الأولويات الملحة الآن في سوريا تكمن في تحديد عدد المناطق المتضررة ومقدار المخاطر التي تواجهها. وهذا سيساعد دائرة الألغام (UNMAS) في تحديد الموارد والوقت اللازم من أجل حماية سوريا من مخاطر المتفجرات”، وأن هناك صعوبة وإعاقة للوصول إلى كافة أرجاء سوريا من أجل المساعدة في إنقاذ الأرواح “ولذلك فإن الأمم المتحدة لا تستطيع القيام بتقديراتها وتقديم المساعدة في موضوع الألغام بالفعالية والسرعة التي تتمناها”.
وسبق أن وقعت وزارة الخارجية السورية مذكرة تفاهم والأمم المتحدة لإزالة الألغام، لمساعدة الجانب السوري في نزع الألغام للحفاظ على سلامة المدنيين ولكن لم يتم شيء بهذا الخصوص حتى الآن، فيما تقوم قوات التحالف الدولي بتنفيذ برنامج موسع لتنظيف الجزيرة السورية حيث مناطق سيطرة تنظيم داعش السابقة في سوريا من الألغام المزروعة في المنطقة.
هذا فيما تنفذ فرقة هندسية روسية بعض أعمال إزالة الألغام من بعض المناطق التي تسيطر عليها سواء في حلب أو دمشق، إلا أن كل هذه الجهود لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتطهير سوريا من الألغام المزروعة فيها على مدى السنوات القليلة الفائتة.
وتنبّه الجهات المعنية بإزالة الألغام من عدم وجود “مخططات للألغام” المزروعة في سوريا ما يجعل عملية إزالتها صعبة، وهذا تحد كبير وملف شائك لأن نزع الألغام المزروعة بدون مخططات يتطلب عشرات السنين بحسب الخبراء.
وزرع الألغام استراتيجية اتبعتها كل الأطراف المتقاتلة في سوريا، وأبرزها الجيش العربي السوري وتنظيم داعش وفصائل المعارضة، وقد قتل ثلاثون مدنيا على الأقل بينهم 15 طفلا خلال شهر تموز/يوليو الفائت في مناطق عدة جراء انفجار ألغام وعبوات ناسفة وقنابل يدوية بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كما سجلت حالات كثيرة من الوفيات، بين النساء والأطفال، خلال حصاد موسم الكمأة في أرياف حماة والحسكة ودير الزور، وفق وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.
هذا فيما ينفّذ مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الألغام، حملة توعية “للحدّ من مخاطر وتأثير” المواد المتفجرة في سوريا. حيث تلقى العديد من المواطنين السوريين على هواتفهم الخلوية في الأسابيع الماضية رسائل توعية قصيرة، جاء في إحداها “المخلفات المتفجرة خطرة لا تلمس، لا تقترب، إحم نفسك، بلغ فورا أقرب سلطة”.
ويعمل المكتب على “وضع الأسس اللازمة للتدخلات المستقبلية بما يتماشى مع خطة الاستجابة الإنسانية لجميع مناطق سوريا”، كما درّب المكتب سبعين شخصا وتم نشرهم في المناطق المتضررة لزيادة الوعي حول مخاطر المتفجرات في ريف دمشق وحماة، ومن المقرر أن تطال الأنشطة المقبلة المحافظات الجنوبية بينها محافظة درعا.