خلافات أمريكية حول إنشاء “المنطقة الآمنة” في الجزيرة السورية

قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إن بلاده جاهزة لبدء تنفيذ بعض الآليات المتعلقة بإقامة “المنطقة الآمنة” في الجزيرة السورية، بعد الاتفاق مع تركيا، فيما عارض الرئيس السابق للقيادة...
تعزيزات عسكرية تركية جديدة وصلت إلى ولاية شانلي أورفة قرب الحدود مع سوريا - 31 تموز 2019

قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إن بلاده جاهزة لبدء تنفيذ بعض الآليات المتعلقة بإقامة “المنطقة الآمنة” في الجزيرة السورية، بعد الاتفاق مع تركيا، فيما عارض الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية سيطرة تركيا على منطقة كهذه.

حيث أعلن شون روبرتسون المتحدث باسم البنتاغون أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وتركيا على إقامة منطقة آمنة في شمال غرب سوريا سيتم تنفيذه بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن بعض العمليات المتعلقة بالاتفاق ستبدأ في وقت قريب.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية لوكالة فرانس برس: “نراجع في الوقت الحالي الخيارات حول مركز التنسيق المشترك مع نظرائنا العسكريين الأتراك”. وأضاف “آلية الأمن سيتم تنفيذها على مراحل. الولايات المتحدة جاهزة لبدء تنفيذ بعض الأنشطة بسرعة في الوقت الذي نتابع فيه المحادثات مع الأتراك”.

ووفقا لشروط الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين أنقرة وواشنطن، فإن السلطات ستستخدم مركز التنسيق الذي سيكون مقره في تركيا من أجل الإعداد لمنطقة آمنة في شمال سوريا. والهدف من وراء هذه المنطقة هو إنشاء منطقة عازلة بين الحدود التركية والمناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي قوات مدعومة من واشنطن لكن أنقرة تصنفها على أنها منظمة إرهابية.

من جهته عارض الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية حتى آذار/مارس الماضي، بشكل علني سيطرة تركيا على منطقة كهذه. وحذّر فوتيل في مقال نشرها موقع “ناشونال انترست” مؤخرا من أن منطقة آمنة سورية تسيطر عليها تركيا “ستخلق مشاكل أكثر لكل الأطراف هناك”.

وقال فوتيل في مقاله التي كتبها بالاشتراك مع الخبيرة في الشؤون التركية في جامعة جورج واشنطن، غونول طول، أن “فرض منطقة أمنية بعمق عشرين ميلا (30 كيلومترا) شرق الفرات ستكون له نتائج عكسية، منها على الأرجح التسبب بنزوح 90 بالمئة من سكان المنطقة، ومفاقمة الوضع الإنساني الذي يشكل حاليا تحديا بالغا، وخلق بيئة لمزيد من النزاعات”.

وقد كثر الحديث عن إقامة هذه المنطقة “الآمنة” مع انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش واحتمال انسحاب الجيش الأمريكي وهجوم تركي تلوح به أنقرة منذ فترة طويلة، حيث نفذت تركيا حتى الآن عمليتين عسكريتين عبر الحدود في سوريا عامي 2016 و2018، وشهدت العملية الثانية دخول القوات التركية ومقاتلين سوريين معارضين للنظام منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي.

هذا فيما يبقي اتفاق واشنطن وأنقرة على إقامة منطقة آمنة بشمال سوريا الكثير من الأسئلة دون إجابة. ففيما يتحدث مراقبون عن كونها فرصة “لتخلص” تركيا من لاجئيها السوريين، يُخشى من تواجد عسكري تركي في المنطقة طويل الأمد كالتواجد الروسي في الساحل السوري والتواجد الإيراني في دمشق وحلب ودير الزور.

تم تجنب المواجهة، حتى الآن على الأقل، فمنذ شهور ما انقطعت تهديدات الحكومة التركية بإرسال قوات عبر الحدود في الجزء الشرقي من شمال سوريا. وبعد سابقتين في عامي 2016 و2018 سيكون هذا هو الهجوم العسكري التركي الثالث في شمال سوريا على منطقة الجزيرة السورية. يأتي ذلك في وقت هددت فيه الولايات المتحدة بإجراءات انتقامية إذا ما أرادت الحكومة التركية القيام بخطوات أحادية الجانب.

في العاصمة أنقرة تمكن الممثلون الأتراك والأمريكيون من التوصل إلى توافق في الآراء الأسبوع الماضي، مفاده: إقامة “منطقة آمنة” تحت سيطرة الحكومة التركية على طول الحدود بين سوريا وتركيا. ومن أجل التنسيق لإقامة هذه المنطقة ينبغي إنشاء مركز للعمليات المشتركة بأسرع وقت ممكن بالقرب من مدينة سانليورفا التركية. ونقلت تقارير إعلامية عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قوله بأن المركز  سيباشر مهامه بالفعل خلال الأيام القليلة المقبلة.

بيد أن هذا الإعلان جاء غامضا للغاية، فقد بقيت الكثير من التفاصيل الأخرى طي الكتمان. فتركيا تسعى في المقام الأول إلى إقامة منطقة عازلة شرق نهر الفرات وإفراغها من عناصر الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. وفي هذا السياق قالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: “سيُشرع الآن في تنظيف هذا الشريط على طول الحدود التركية”.

ويبدو أن الجانبين الأمريكي والتركي لم يتفقا على مساحة المنطقة العازلة. فقد قال وزير الدفاع التركي أكار الأسبوع الفائت أن المنطقة يجب أن يتراوح عمقها بين 30 و40 كيلومترا، وهو ضعف ما أعلنت عنه واشنطن.

هذا فيما تقول المعطيات الرسمية عن الاتفاق إن هذه “المنطقة الآمنة” التي اتفقت عليها واشنطن وأنقرة، ستتيح إمكانية إعادة توطين اللاجئين السوريين في شمال سوريا. إذ قال بيان صدر بالاشتراك بين واشنطن وأنقرة: “يجب إنشاء ممر آمن حتى يتمكن اللاجئون المشردون من العودة إلى وطنهم”. العدد الأكبر من اللاجئين السوريين حول العالم يستقر في تركيا حاليا. بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية في تركيا الصيف الماضي وما يرتبط بها من ضغوط على سوق العمل التركي، يزداد رفض الأتراك لوجود اللاجئين السوريين من يوم إلى آخر. وبات عدد متزايد من المواطنين الأتراك يتمنون ترحيل اللاجئين السوريين البالغ عددهم نحو 3.6 مليون شخص، وبأسرع وقت ممكن.

بيد أن للأمريكيين مصالحهم الخاصة الواضحة أيضا، إذ لا ترغب واشنطن في أن تغرق سوريا في الفوضى مرة أخرى بعد انسحاب القوات الأمريكية ولا تريد أن يستعيد تنظيم داعش قوته في المنطقة مجددا. إذا قاتلت القوات التركية الفصائل الكردية المدعومة أمريكيا فقد تكون العواقب وخيمة على أنقرة نفسها. في 14 كانون الثاني/يناير الماضي هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال تغريدة كتب فيها: “سنبدأ انسحابنا المتأخر من سوريا وسندمر تركيا اقتصاديا إذا قامت بمهاجمة الكرد” وهو موقف أمريكي رسمي لم يصدر ما يوحي بتغيره حتى الآن ولن يصدر في المدى المنظور.

 

أقسام
من الانترنت

أخبار متعلقة