أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تشكيل اللجنة الدستورية السورية التي تضم ممثلين عن كل من المعارصة والمجتمع المدني والنظام بهدف مراجعة الدستور والتوصل لحل سياسي ينهي الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من ثمانية أعوام.
حيث قال غوتيريس للصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم أمس الاثنين “أعتقد بشدة أن تشكيل لجنة دستورية يتولى السوريون أنفسهم تنظيمها وقيادتها يمكن أن يشكل بداية طريق سياسي نحو حل” في هذا البلد الغارق في حرب أهلية منذ 2011.
لكن محللين أوصوا بتوخي الحذر، وتساءلوا كيف يمكن تحقيق أي انجاز في الوقت الذي يلقى نظام الأسد كل الدعم الدولي للسيطرة على مناطق جديدة في سوريا فيما تفقد المعارضة مناطق نوذها تدريجيا كما تفقد داعميها واحدا تلو الآخر.
وأضاف غوتيريس على هامش الاجتماع الرابع والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أن مبعوثه إلى سوريا، غير بيدرسون، سيجمع اللجنة الدستورية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وتضم اللجنة 150 عضوا، خمسون منهم اختارتهم المعارضة، وخمسون عينهم النظام وخمسون اختارهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة بهدف الأخذ في الاعتبار آراء خبراء وممثلين للمجتمع المدني.
وتعليقا على الخبر، قالت الخارجية الأمريكية في بيان رسمي “إنها خطوة مشجعة نحو التوصل الى حل سياسي للنزاع السوري”، لكنها أكدت أنه لا يزال هناك عمل يجب إنجازه، مطالبة الأسد “بقبول ارادة الشعب السوري للعيش بسلام”.
كما رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بالإعلان وقالت انه “يعطي الأمل مجددا للسوريين”. وقالت في بيان رسمي “نتطلع الى الاجتماع الأول للجنة الدستورية في أقرب فرصة ممكنة، ونتوقع أن تمثل انطلاقة عملية تؤدي في النهاية الى السلام الذي من الجلي أن السوريين يحتاجونه ويستحقونه”.
وتعثرت عملية تشكيل هذه اللجنة منذ الإعلان عنها في لقاء جمع بعض الأطراف السورية في منتجع سوتشي الروسي في كانون الثاني/يناير 2018، وقد جاء إعلان أمس الاثنين بعد تصريح غوتيريس الأسبوع الماضي بأنه قد تم التوصل إلى اتفاق بشأن “تكوين اللجنة”.
وقد أتى إعلان غوتيريس بعد ساعات على تصريح أدلى به بيدرسون من دمشق وقال فيه إنه أجرى مباحثات “ناجحة” مع وليد المعلم بشأن اللجنة الدستورية، وأنه أجرى أيضا محادثات جيدة مع هيئة التفاوض السورية.
وبالإضافة إلى تشكيلة اللجنة الدستورية، فإن الخلاف بين المعارضة والنظام تركز أيضا حول آلية عملها وتوزع المسؤوليات بين أعضائها. وفي حين طالبت المعارضة بصوغ دستور جديد لسوريا، أكدت دمشق أن أقصى ما تقبل به هو تعديل الدستور الحالي.
وتأمل الدول الغربية أن يمهد ذلك الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأن يسمح لملايين اللاجئين السوريين، والكثير منهم يعارضون للأسد، بالعودة إلى ديارهم، لكن محللين يقولون إنه من غير المرجح أن يوافق الاسد على أي شيء يهدد موقفه.
حيث قال جوليان بارنز-دايسي من مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي لوكالة فرانس برس إن هناك “الكثير من الأسئلة” تحيط باللجنة، وأضاف “الحكومة السورية ستواصل بلا شك إعاقة هذه العملية. يجب علينا ألا نتوقع تسوية سياسية عادلة أو اصلاحات جوهرية من جانبها”.