تفاجئنا الأحداث دائماً بالمزيد من الألم والحسرة، وفي ذات الوقت الذي تنهمر فيه الصواريخ على إدلب ضمن هجمة لئيمة من قبل النظام، وما تخلفه هذه الحملة من قتل وتهجير وألم، نجد أنفسنا أمام ألم من نوع مختلف حيث يعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام من العوز ونقص المشتقات النفطية والمواد الغذائية الأساسية فضلاً عن غير الأساسية، بالإضافة إلى قلة السيولة النقدية وتأثيرات انهيار قيمة الليرة السورية مقابل العملة الصعبة.

أحمد شبيب عضو المكتب السياسي بتيار الغد السوري
ولهذا العوز أثر نفسي ومعنوي، حيث بات اليأس يتحكم بتصرفات الناس وردات فعلهم، وصار عندهم رغبة بالخروج إلى الساحات والمطالبة بحقوقهم ووضع حد للمنتفعين وتجار الأزمة، وكذلك وضع حد لكذب وعود الحكومة والتي ما زالت سياساتها تتسم بالسلبية والعجز وتصدير خطابات الصمود، منفصلةً تماماً عن الواقع، وآخرها تصريح مستشارة رئيس الجمهورية، بثينة شعبان، التي وصفت وضع الاقتصاد في سوريا بأنه أفضل مقارنة مع ما قبل 2011.
ويقابَل الغليان الشعبي بنصح يحمل الوعيد من قبل أدوات النظام على اعتبار أن الصبر هو أحد أهم خصال الوطنية، وأن الخروج إلى الشارع سيكون ذريعة لدخول المندسين والإرهابيين لحرف أي حراك محتمل، وبالتالي لن تختلف ردة فعل السلطة عن ردة فعلها التي قابلت به الحراك في بداية الثورة.
كان المفترض بالنظام المشغول بحربه على المدنيين في إدلب أن يوقف هذه الحملة فوراً، ويعلن عن استجابة سريعة وجدية لمتطلبات الحل السياسي وإعلانه الاستعداد الفوري لبدء المفاوضات السياسية وإعادة تفعيل اللجنة الدستورية وتغليب المصلحة الوطنية ولو مرة واحدة على شبقه للسلطة، وهذا ما لم يفعله منذ عام 2011.
ما يدعو للسرور والفخر هو إرسال العديد من التيارات السياسية والسياسيين والنشطاء الثوريين وحاضنة الثورة بشكل عام إشارات تعاطف ودق لجرس الإنذار من حصول كارثة إنسانية سيدفع ثمنها أهلنا في الداخل بغض النظر عن موقفهم السياسي من الثورة، ويتعاطف هؤلاء النبلاء مع الداخل انطلاقًا من وعيهم لأساس المأساة السورية ومن أخلاقياتهم ووطنيتهم التي كانت المحرك لهم لمعارضة النظام بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعونه.
إنّ الحقيقة والفضيلة والوطنية تفرض علينا اليوم التحرك بكل الاتجاهات من أجل التفكير برفع الضيم عن أهلنا المدنيين في الداخل سواء في إدلب أو في مناطق سيطرة النظام، ومن المؤكد أننا لا نملك ترف العتب أو الانتظار، ولا بدّ من أن نتحمل جميعنا المسؤولية تجاه خلاص وطننا ووحدة أرضه وشعبه، حيث يتحتم علينا إدراك حقيقة ثابتة وهي أننا سننجو معاً أو نغرق معاً.
أحمد شبيب
عضو المكتب السياسي في تيار الغد السوري