أعلنت العديد من المؤسسات الأوروبية الرسمية سواء التابعة للاتحاد أو المحلية عن استنفار لكل كواردها السياسية والأمنية لتفادي أزمة قد تتعرض لها القارة العجوز جراء تدفق عشرات الآلاف من طالبي اللجوء عبر تركيا واليونان سواء عبر البر أو البحر، فيما وصل الأمر بالسلطات اليونانية إلى استخدام الرصاص ضد اللاجئين وقتل بعضهم وتمزيق مراكبهم وإغراقهم في بحر إيجة.
حيث وصل إلى العاصمة التركية يوم أمس الثلاثاء وفد أوروبي على رأسه وزير خارجية الاتحاد الأوروبي “لبحث العلاقات التركية الأوروبية وأزمة اللاجئين”، فيما أعلنت باريس عبر وزير خارجيتها، جان إيف لودريان، إدانتها لهجوم قوات النظام السوري الذي قتل 34 جنديًا تركيًا، داعيًا إلى وقف دائم لإطلاق النار في إدلب، ومعبرًا عن تضامنه الكامل مع اليونان فيما يخص ملف الهجرة.
وأظهرت أثينا حزمها بعدم استقبال اللاجئين، واشتبكت قوات الأمن على الحدود اليونانية التركية مع آلاف المهاجرين العالقين على الحدود، واعتبر المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيستاس، أن اليونان حمت حدودها وحدود أوروبا.
وسبق أن أقامت السلطات اليونانية حواجز أمام معبر “كاستانيس” الحدودي، واستخدمت القنابل الصوتية والمسيلة للدموع والرصاص المطاطي وحتى الرصاص الحي في مواجهة اللاجئين.
كما دعت أثينا الاتحاد الأوروبي لدعمها بقوة خلال اجتماع قادة الاتحاد، كما علقت استقبال طلبات اللجوء، وهو ما انتقده وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، واصفًا القرار بالـ”المخجل” وغير القانوني.
وأضاف صويلو إنه “لا يمكن اتخاذ مثل هذا القرار، استنادًا إلى اتفاقية جنيف عام 1951 وإلى قانون اللاجئين في الاتحاد الأوروبي، وذلك وفقًا لبيان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
ومن جهته، أكد وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، دعم بلاده لليونان في المحافظة على “النظام على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”، مشيرًا إلى عدم فتح ألمانيا حدودها لاستقبال اللاجئين القادمين من تركيا.
وتتزامن التصريحات الحكومية، مع مقاطع مصورة نشرها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مواطنين يونانيين يضربون قوارب اللاجئين في البحر ويحاولون إغراقها، كما منعوا حافلات تقل اللاجئين إلى مخيم “موريا“.
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبل يومين، إنه “من غير المقبول” أن يعبر أردوغان عن استيائه وأن يطلب المزيد من الدعم على حساب اللاجئين، مؤكدة أهمية التفاوض مع أنقرة، وذلك ردًا على تصريحات الرئيس التركي، الذي طالب المستشارة الألمانية خلال اتصال هاتفي بينهما “بتقاسم عادل للمسؤولية”، فيما يتعلق بملف اللاجئين.
وقال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إنه “لا أحد يجبر تركيا على الاحتفاظ باللاجئين لديها، وليست في وضع يسمح لها بإيقاف تدفقهم إلى الحدود”، فيما قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن عدم تعاون أوروبا مع تركيا هو ما أوصل المنطقة إلى هذه الأزمة.
ويعيش ثلاثة ملايين و605 آلاف و615 سوريًا في تركيا، بحسب إحصائية أصدرتها وزارة الداخلية التركية في أيار/مايو 2019، يضاف إليهم ثلاثة ملايين لاجئ آخرين من جنسيات شتى كالإيرانية والأفغانية والمصرية.
وسبق أن وقعت تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 من آذار/مارس 2016، ثلاث اتفاقيات تقبل فيها تركيا اللاجئين من دول الاتحاد الأوروبي مقابل حرية التنقل للمواطنين الأتراك داخل الاتحاد الأوروبي.
وتنص الاتفاقية على إعادة كل لاجئ وصل إلى اليونان قبل 20 من آذار 2015 إلى تركيا، مقابل لاجئ ستستقبله دول الاتحاد الأوروبي بشكل قانوني.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، حينها، “لقد نجحنا من خلال هذه الاتفاقية في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال”.
وصباح اليوم، عرض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صورة تظهر سيدة سورية وهي تقدم الهدايا للاجئين يونانيين قادمين إلى سوريا هربًا من النازية في العام 1940، وقال “هل ترون هذه الصورة؟ هي لمجموعة من الأطفال اليونانيين وهم يتلقون المساعدات”.
وأضاف الرئيس التركي، “قد يكون أحد هؤلاء الأطفال من أجداد رئيس الوزراء اليوناني الحالي، كرياكوس ميتشوتاكيس، الذي يقتل اللاجئين السوريين ويغرق قواربهم على حدوده”.
والصورة التي عرضها أردوغان هي غلاف لصحيفة “هنا القدس”، التي نشرت عددها الأول في العام 1942، وتظهر فيها سيدة تقدم المساعدات للأطفال اليونانيين، وكُتب تحت الصورة، “توزيع الأطعمة والثياب في سوريا على اللاجئين من بلاد اليونان”.
واستقبلت دول عربية من بينها سوريا آلاف اللاجئين الأوروبيين عقب احتلال جنود ألمان وإيطاليين اليونان، ضمن الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939 و1945.