دمرت طائرات إسرائيلية الليلة الفائتة قواعد عسكرية عدة تابعة لإيران في غرب وشرق وجنوب سوريا، ما أسفر عن مقتل 17 مسلحًا سوريًا وأجنبيًا وسقوط عدد غير محدد من الجرحى غصت بهم مشافي محافظات دير الزور وحماة وحمص ودمشق والسويداء، وذلك في أحدث حلقة من سلسلة الغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والتي تستهدف عادة مواقع للقوات الإيرانية ولمليشيات المرتزقة التابعة لها.
فقد أعلن الجيش العربي السوري في بيان رسمي شن إسرائيل للغارات جوية، وقال إن “العدو الإسرائيلي نفذ عدواناً جوياً جديداً، استهدف فيه عدة مواقع لنا في السلمية والصبورة بريف حماة، وفور اكتشاف الصواريخ المعادية تعاملت وسائط دفاعنا الجوي معها وعملت على ملاحقتها واستهدافها وإسقاط عدد كبير منها قبل الوصول إلى أهدافها، حيث اقتصرت الأضرار على الماديات”.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن القصف قتل حنودًا سوريين، موضحاً أن الضربات استهدفت عدة مواقع لمليشيات موالية لإيران على طريق السخنة دير الزور، مضيفاً أن القصف “دمر مركزاً عسكريا للميليشيات، وقتل إثرها خمسة عناصر منهم، وسط معلومات عن جرحى بعضهم بحالات خطيرة”، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن ضابط سوري كبير منشق عن الجيش العربي السوري، ومصدر بأحد أجهزة المخابرات الإقليمية أن مستودع أسلحة إيرانياً قرب مدينة السلمية اشتعلت فيه النار، بعدما تردد عن تعرضه للقصف، في حين تعرض مركز قيادة في بلدة الصبورة تديره جماعات إيرانية مسلحة لأضرار شديدة أيضاً.
جاء ذلك بعد ساعات من استهداف صواريخ منشآت عسكرية أخرى بينها مخازن أسلحة ومرآب سيارات تابع لمليشيا زينيون في محافظة دير الزور على الحدود مع العراق، ومواقع أخرى تابعة لحزب الله اللبناني في جنوب سوريا قرب الحدود مع الأردن.
في هذا السياق، كان جيش النظام قد أصدر بياناً قال فيه إن عدة هجمات وقعت بشكل متزامن، إحداها على موقع عسكري في كباجب غربي دير الزور، وأخرى بالقرب من بلدة السخنة في الصحراء الشرقية القريبة.
كذلك استهدف هجوم ثالث موقعاً عسكرياً في صلخد قرب مدينة السويداء وأودى بحياة جنديين وأصاب أربعة.
والقواعد المستهدفة في مناطق بشرق وجنوب سوريا كانت إسرائيل قد هاجمتها في الشهور القليلة الماضية، ومن المعتقد أن بها وجوداً قوياً لجماعات مسلحة مدعومة من إيران.
وقالت مصادر مخابراتية إقليمية لوكالة رويترز إن الضربات الإسرائيلية على سوريا جزء من حرب خفية أقرتها واشنطن، وتأتي في إطار السياسة المناهضة لإيران التي قوضت خلال العامين الماضيين القوة العسكرية لطهران دون أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في الأعمال العدائية.
واعترفت إسرائيل بشن الكثير من الغارات داخل سوريا منذ عام 2011، إذ تعتبر الوجود الإيراني تهديداً استراتيجياً لها، وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون في الأسابيع القليلة الماضية إن إسرائيل ستكثف حملتها ضد الوجود الإيراني في سوريا، حيث وسَّعت طهران وجودها بمساعدة جماعات مسلحة تابعة لها.
كذلك فإن إسرائيل تؤكد أن غاراتها في سوريا الهدف منها التصدي لأسلحة متطورة ترسلها إيران إلى حليفها حزب الله في لبنان.
في المقابل، فإن الجيش العربي السوري يقف مكتوف اليدين في الدفاع عن سيادة سوريا وكف يد الجيش الإسرائيلي عن استهداف مواقعه بحجة تداخلها مع القواعد العسكرية الإيرانية، حيث تقضي الأوامر التي أصدرها بشار الأسد الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد ولم يحن وقته بعد وفق منظور الأسد، كما أن المضادات الجوية الروسية التي تم توريها لسوريا العام الماضي لم تدخل بعد حيز التنفيذ وهي مخصصة لحماية القواعد العسكرية الروسية في سوريا وليس لحماية القواعد الإيرانية.
ورغم أن إيران وعلى لسان كل قادتها العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين أعلنت مرارًا وتكرارًا أن تواجدها في سوريا لا يهدد إسرائيل، بل هو جزء من الحملة العالمية على الإرهاب المتمثل في الفصائل الإسلامية الموجودة في سوريا ولحماية النظام العلماني الحامي للأقليات في سوريا وأن إيران وإسرائيل في خندق واحد ضد الإرهاب، إلا أن هذه التصريحات والتأكيدات الإيرانية لا يبدو أنها مقنعة لقادة إسرائيل حتى الآن.