نص كلمة السيد أحمد الجربا خلال أعمال الاجتماع التأسيسي لجبهة السلام والحرية

بسم الله الرحمن الرحيم بعد كل الخراب والدمار الذي لحق بالبنية الاجتماعية والثقافية والروابط الأخوية التي جمعت الشعب السوري منذ مئات السنين؛ ما زال ما يجمعنا أكبر من كل...
السيد أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري
السيد أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد كل الخراب والدمار الذي لحق بالبنية الاجتماعية والثقافية والروابط الأخوية التي جمعت الشعب السوري منذ مئات السنين؛ ما زال ما يجمعنا أكبر من كل المحاولات التي سعت إلى ضرب بنية بلدنا، ومازلنا أقوى من المؤامرات التي حيكت فوق بحرٍ من دماء شعبنا. وما زالت يدنا أعلى من كل أيادي العبث الخارجية التي سعت إلى جعل سوريا مجرد صندوق بريد للرسائل الدولية والأقليمية… ولم ولن تنجح.

إن ما تشهده المنطقة من مآسي وما تواجهه سوريا من أزمات متتالية، يدفعنا إلى مزيد من اليقظة للتنبه لما يُحاك لنا في الأروقة الأقليمية والدولية.

وإني أرى في ما يحصل مؤخراً جرس إنذار كبير لنا جميعاً لكي نقف وقفة تأمل بكل ما حصل في العقد الأخير وما يحصل اليوم، وهو الأخطر على الإطلاق، فانظروا حولنا وستجدون السعي الحثيث الى تمزيق العراق، وعودة لغة التقسيم الطائفي البشعة إلى لبنان، والعمل الحثيث لتدمير الدولة الليبية وتوزيعها بين القبائل، والتفتيت الطائفي والتقسيم الممنهج لليمن، وتحريك أيادي الإرهاب الخبيثة في سيناء، إضافة إلى السعي المتواصل واليومي لتحويل سوريا إلى كانتونات متناحرة، وجعل الفوضى نمط حياة يومي، وتكريس الفرقة كجزء من الحياة السياسية للسوريين، وإعادتنا بالتالي إلى حقبات تخطيناها وطويناها ونسيناها.

وفي ظل هذا المشهد الذي يعصف بسوريا والمنطقة، نلاحظ حالة من الجمود السياسي ومن الاستسلام، (تلف حالة أهلنا في سوريا)، حتى وصل الياس إلى آوجّه، وداهم الكثير من قوانا وأحزابنا وفعالياتنا.

ونحن اليوم وفي إعلاننا هذا نخرق جدار اليأس ونعلنها مدوية بالأفعال، لا الأقوال، إن سياسة الكانتونات المتناحرة ليست قدراً، والفتنة ليست قضاءً محتوماً، وتمزيق سوريا لن يمر، وإذا كان البعض أراد أن يكون تفتيت نسيج الشعب السوري مدخلاً لتقسيم دول المنطقة، فها نحن نُسقط رهاناتهم من قلب سوريا وباجتماعنا هذا.

نقف اليوم باختلاف ألواننا كرد وآشوريين وعرب،  وعلى تنوع مشاربنا ومذاهبنا، لنعلن إن وحدة الشعب السوري تعلو ولا يُعلى عليها، وإن الرهان على استفرادنا لإسقاطنا وإخضاعنا، قد سقط إلى غير رجعة.

إن فعل الايمان الذي نسطره اليوم هو تجسيد حي لكل سوري، ليتأكد أن وحدتنا هي قدرنا ومسارنا الذي يرسم مصيرنا المشترك.

إنه فعل إيمان وبارقة أمل لكل إخواننا في المنطقة لرفض كل أشكال التناحر التي تهدف إلى إستضعافنا للسيطرة على مقدراتنا وترك بلادنا نهباً لمشاريع التخريب والاستيلاء الخارجية، إضافة إلى مشاريع الإرهاب المعلب والمحمول بايدٍ  مضللة، أو مستتبعة وأجيرة.

نقف اليوم لنقول لأهلنا الكرد في سوريا، إن مصيرنا مشترك وتاريخنا يشهد وحاضرنا يؤكد الشهادة ويسجلها على جبين التاريخ.. نعم التاريخ، الذي نكتب اليوم باجتماعنا هذا واحدة من أنصع صفحاته وأكثرها نبلاً وشجاعة واستبصاراً للمستقبل.

كما إننا نقول من خلال صوت أهلنا الآشوريين، للعالم كله إننا شعب الإنفتاح والتعدد الذي أغنى الثقافة البشرية من عهد الملك شلمنصر الأول وسرجون الثاني وحضارة آشور ونينوى وتل ليلان وما زال، وإن صفحة الإرهاب التكفيري هي عارض زائف ودخيل على ثقافتنا المبنية على التسامح منذ فجر تاريخ هذه المنطقة، والدليل إننا نقف اليوم مع إخوتنا الكرد والآشوريين بعد عيش واحد موحد استمر الآف السنين، ولم يعكر صفوه أي فِكر إلغائي، ما يؤكد إن التكفير هو الدخيل وهو البدعة، وهو اللقيط الذي لوث عيشنا. وسنطرده كما طردنا الاحتلالات التي اعتدت على أرضنا، لنطهر هذه الأرض بوعي أهلها ووحدة كلمتهم.. وستبقى كلمتنا هي العليا ولو كرِه الطامعون ولو كرِه الارهابيون..

لأن سوريا الحضارة والعيش الواحد باقية مهما كادوا ومهما حاكوا.

أيتها السيدات أيها السادة إن إنطلاق عجلة هذه الجبهة هي ليست بين حلفاء الضرورة بل بين حلفاء الطبيعة، إن تشكيل جبهة السلام والحرية  بين المجلس الوطني الكردي والمنظمة الآثورية والمجلس العربي للجزيرة والفرات وتيار الغد السوري بما تُمثل هذه المجاميع والأحزاب من قاعدة جماهيرية ووجود مجتمعي داخل سوريا وقوى سياسية مشاركة في كل أطر المعارضة الرسمية ولما لها من بُعد إقليمي هم في الواقع حلفاء طبيعيين لدرء المخاطر والفتن المحيطة بسوريا والمنطقة والحِفاظ على السلم الأهلي ففي تعاضدنا قوة وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا خاصةً أن الحل الأمني الذي مارسه النظام منذ عقدٍ من الزمان  أثبت فشلاً ذريعاً وإن الإصرار عليه  سيحول سوريا الوطن إلى دولة فاشلة وبائسة وجميعنا مؤمنون بأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لحل المسألة و المقتلة السورية وأن القرار الأممي رقم 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة وكتابة دستور جديد يكون عماده مساواة جميع المواطنين والمكونات والقوميات في الحقوق والواجبات يقبل به الشعب السوري في استفتاء عام هو النهج الأفضل لقيام سوريا من جديد.

فما دبروه لنا في ليل مظلم ها نحن نمحوه اليوم في وضح هذا النهار الذي يُبشر بشروقٍ جديد،  وما النصر إلا من عند الله الذي قدّر لنا أن نعيش معاً ونعمل معاً.. لننتصر معاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

28/تموز/2020

أقسام
الأخبار المميزةرئيس التيارنشاطات التيار

أخبار متعلقة