آفاق دعم الفصائل الكردية

كانت الحرب على تنظيم داعش بارقة الأمل للفصائل الكردية السورية، طلباً للدعم العسكري والحصول على مساعدات غربية كانوا يأملونها سابقاً، خاصةً أن التحالف الدولي لم يحقق ثماراً من ضرباته الجوية؛ وهو ما دفع قيادته إلى الاستعانة بشريك بري يحصل على الإسناد والمعدات.

وتخوض مجموعات كردية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، المعروف اختصاراً باسم “بي واي دي” معارك شمالي سوريا ضد تنظيم داعش، وأطلقت الأسبوع الفائت معركة للاستيلاء على مدينة منبج شرقي حلب، بإشراف التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وحزب “بي واي دي” هو الفرع السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني الانفصالي، الذي يخوض تمرداً مسلحاً في تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتصنفه تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على قوائم الإرهاب.

ولم يكن التعاون الغربي مع الحزب الكردي السوري وليد اللحظة، بل كان مخططاً له منذ فترة باتفاق قوى التحالف الدولي، حتى وإن اختلفت رؤية كل دولة من أعضاء التحالف حول طبيعة التعاون معه وكيفية منحه الأموال والأسلحة.

وترى صحيفة لوموند الفرنسية أن الضربات الجوية ضد “داعش” “لن تقضي عليه، ومن ثم فإن التحدي الذي يواجهه كل من الرئيسين الأمريكي والفرنسي هو التحضير لخطوة قادمة، غير أن باريس ترى أن الاعتماد على وحدات حماية الشعب الكردي، التي تتمركز الآن شمالي الرقة، أمر ضروري”، حسبما نشرته في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وأشارت لوموند، في ذلك التوقيت، إلى أن “وحدات حماية الشعب أصبحت الآن الحليف الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي في حربه لتنظيم داعش”، مشيرةً إلى قول الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند: “كما أحرز الأكراد تقدماً في العراق؛ فإنه يمكنهم أن يحرزوا تقدماً في سوريا أيضاً”.

– تعاون خفي ثم علني

الخبيرة في الشؤون العراقية بمجموعة الأزمات الدولية، ماريا فانتابييه، قالت إن الولايات المتحدة “راهنت على أكراد العراق لأنهم شركاؤها الاستراتيجيون منذ غزو العراق في عام 2003، فهم في نظرها أكثر موثوقية”.

تصريح فانتابييه يؤكد الدعم الأمريكي للأكراد، وهو ما شددت عليه صحيفة لوموند الفرنسية أيضاً حينما قالت إن النفي الأمريكي بعدم التعاون مع الأكراد لم يكن سوى تأجيل وقت إعلان الدعم ليس أكثر، إلا أنه في حقيقة الأمر فالتعاون بين الأكراد وواشنطن تواصل في كامل الشمال الشرقي السوري، بل إن الأكراد تقدموا على الأرض بغطاء جوي أمريكي.

الدعم والإسناد للفصائل الكردية السورية لم يعد خفياً، فصحيفة ديلي بيست الأمريكية أشارت إلى أن البنتاغون يقوم حالياً بتقديم دعمه لتلك الفصائل، مشيرةً إلى وجود نحو 250 مستشاراً عسكرياً لتقديم الدعم المطلوب.

ولم يقتصر التعاون على واشنطن فحسب، فقد كشفت وكالة فرانس برس، الخميس، الماضي عن مشاركة جنود فرنسيين، نحو 150 جندياً، في تقديم المشورة العسكرية لقوات سوريا الكردية، وهي الواجهة التي يعمل تنظيم “بي واي دي” الكردي تحتها، حيث قال مصدر قريب الصلة بوزير الدفاع الفرنسي: إن “هجوم منبج كان مدعوماً بشكل واضح من بعض الدول، بينها فرنسا، الدعم هو نفسه بتقديم المشورة”، دون أن يضيف أي تفاصيل عن عدد الجنود.

– دعم الأكراد يدفع إلى تكوين دولتهم

وتقول فانتابيه إن توسع الدعم والإسناد الأمريكي للأكراد، خاصةً وحدات حماية الشعب، وهو اسم المليشيات المسلحة التابعة لحزب “بي واي دي”، يدفعها إلى العمل خارج المناطق الكردية، وهو ما تحقق بالفعل حيث شاركت الوحدات في هجمات ضد الرقة، ذات الأغلبية العربية، حيث تضيف فانتابيه أن المليشيات الكردية تستغل حربها مع “داعش” لانتزاع شرعية واعتراف دولي بوجودها.

وتشير الخبيرة في الشؤون العراقية في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، وهي المظلة التي تعمل المجموعات الكردية تحتها وتضم كتائب عربية، لا تستفيد من التحالف الدولي بشيء، وأن وحدات حماية الشعب هي المستفيد الوحيد من كل الأموال والأسلحة الغربية، محذرةً من خطورة هذا التوجه الذي يدفع بقوة نحو “رسم حدود جديدة لهذه الدول، وأن يمهد الطريق أمام صراعات وتوترات مستقبلية بين الأكراد وجيرانهم”.

الديلي بيست الأمريكية كشفت عن قرار أصدره البنتاغون، الخميس، يقضي بعدم التعامل مع فصائل المعارضة السورية في حلب، مستندةً إلى أن تلك الفصائل باتت تابعة، بشكل أو بآخر، لتنظيم القاعدة ممثلاً بجبهة النصرة، أو تابعة لتنظيم داعش.

– الدعاية الروسية تنتصر

مراقبون أشاروا إلى أن القرار الأمريكي بعدم التعامل مع فصائل المعارضة السورية جاء متأثراً بحجم الدعاية الروسية التي ركزت على أن هذه الجماعات إرهابية، ويجب التصدي لها واقتلاعها، وهذا ما أشار إليه أحد مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية الذي انتقد القرار، متحدثاً للديلي بيست بأنه “غريب، وهو إعادة للثرثرة الروسية”.

تصريح المسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أكد بكل وضوح عدم وجود دور أمريكي في حلب في دعمها للجماعات المعارضة، قائلاً: “بصراحة نحن أصلاً لم يكن لنا أي دور في حلب من ناحية دعم الجماعات السورية المعارضة”.

الخليج أونلاين

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق