تعتبر حادثة إسقاط المروحية التركية سوبر كوبرا AH-1W في 13 مايو/أيار 2016 الحادثة الأولى من نوعها التي يستخدم فيها حزب العمال الكردستاني الجيل الثالث من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف. فبينما كانت قوات الأمن التركية تواجه هجمات صاروخية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية وهجمات إرهابية لحزب العمال الكردستاني في المناطق السكنية ومعارك محدودة ضد الحزب في جنوب تركيا، باتت اليوم تواجه خطر انتشار وتهريب أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، لتنتقل بذلك من خوض معارك محدودة إلى حرب هجينة، الأمر الذي يتطلب رد فعل سياسي وعسكري مختلف وتكيفاً مع الحالة الجديدة.
عسكريا، لعبت القدرات المتطورة لسلاح الجو التركي دوراً هاماً في حرب أنقرة الناجحة ضد حزب العمال الكردستاني في التسعينات، وما تزال أنقرة تقوم ببرامج تحديث وشراء في سلاح الجو حتى اليوم، كما لا تزال المروحيات الهجومية والهجمات من الجو تلعبان دورا كبيرا في حرب تركيا ضد الإرهاب، ويلاحظ أنه ومنذ انتقال حزب العمال الكردستاني إلى التكتيكات الإرهابية للحرب في مراكز المدن أصبح خطر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف من الجيل الثالث يشكل تحديا أكبر نتيجة سهولة إخفاء أماكن إطلاق الصواريخ، والأخطار الجانبية التي يمكن أن تحدث جراء الضربات الاستباقية للأهداف المحتملة والمؤكدة. أخيراً وليس آخراً فإن وجود أنظمة الدفاع الجوي هذه في مناطق عمل عالية المخاطر سيمثل أيضاً تهديداً كبيراً لعمليات البحث والإنقاذ الحربية من خلال زيادة الضغط على مروحيات المتابعة التي تقل قوات خاصة. كما أن هذه الأنظمة تؤثر على الحسابات الاقتصادية للاستراتيجيات الهجومية.
وتمثل أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف خطرا كبيرا على الطيران المدني وأمن المطارات كذلك، فأولا، تبين أن المطارات تمثل أهدافا مرغوبة للإرهابيين بسبب آثارها الإعلامية، وتأثيرها النفسي وآثارها المدمرة اقتصاديا، وثانيا تفتقر الطائرات المدنية للوسائل المضادة لصواريخ الأنظمة المحمولة على الكتف إلى جانب أن طياريها لا يملكون عادة التدريب والخبرة اللازمين لتجنب الصواريخ، وأخيرا فإن هذه الأنظمة تمثل تهديدا لأمن رحلات كبار الشخصيات في تركيا.
ويعد الهجوم الذي حدث في ديسمبر/كانون الأول 2015 بقذائف هاون على مطار صبيحة كوكجن الدولي في اسطنبول صيحة إنذار تنبه لهذا الخطر، وقد تمكن الإرهابيون من التسلل إلى مسافة كيلومترين من ثاني أكثر المطارات ازدحاماً في البلاد دون أن يواجهوا أي اعتراض، ثم غادروا المنطقة دون أن يتم كشفهم (لمدة أسبوعين) بعد شن الهجوم، وهو ما يشير إلى أن على الحكومة وأجهزة الأمن التركية أن تعيدا النظر في النموذج الأمني للنقل الجوي المدني، مع الأخذ بعين الاعتبار تزايد الهجمات الإرهابية وقدرة المجموعات الإرهابية على استهداف البلاد.
فلو قام الإرهابيون باستخدام أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف عوضا عن قذائف الهاون في هجومهم على مطار صبيحة لكانت النتائج كارثية.
ويعود انتشار أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف إلى ثلاثة أسباب: انهيار الأنظمة، كالنظامين الليبي والعراقي والغزو الروسي للقرم وما تبع ذلك من انتشار لهذا السلاح، وكون مخزونات هذا السلاح في السوق السوداء مما لا يترك إمكانية للسيطرة على مخزوناته، وأخيرا تزويد حزب العمال بهذا السلاح من الدول التي استخدمت الحزب في حربها بالوكالة، مثل النظام السوري.
التوصيات بشأن السياسات المطلوبة:
– على صناع السياسة في تركيا أن يزيدوا من يقظتهم ويدركوا خطر أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، ويوصي هذا التقرير بأن تدرج القضية في جدول الأعمال القادم لمجلس الأمن القومي التركي.
– تبادل المعلومات الاستخبارية بين أجهزة المخابرات ومع شركاء تركيا وحلفائها، فحالما يتم نصب هذا النوع من الأسلحة لا يمكن لأي وسيلة أن تؤمن حماية كاملة ضدها، وبالتالي فعلى أجهزة المخابرات التركية أن تركز على الحصول على المزيد من المعلومات حول النقل غير المشروع لهذه الأسلحة واستخدامها داخل الأراضي التركية. وعلى حلف الناتو والتحالفات الأخرى وضع جداول أعمال للتصدي لتهديد هذه الأسلحة.
– على أنقرة أن تزيد من ضغطها السياسي والدبلوماسي من تعزيز نظام سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية وزيادة الشفافية في عمليات نقل أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف.
– في ظل زيادة استخدام الجيلين الثالث والرابع لأنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف المنيعين غالباً ضد الوسائل التقليدية المضادة لهما، يجب أن تركز عمليات تطوير نظم الدفاع التركية على وسائل إيجابية وسلبية متطورة معاكسة لها، وعلى أنظمة إنذار الصواريخ في المنصات الجوية، والوسائل التوجيهية المضادة عبر الأشعة تحت الحمراء، وأنظمة تشويش التوجيه وأنظمة الليزر عالية الطاقة، وهذا التطوير يجب أن يؤخذ بالاعتبار أيضا لدى نقل كبار الشخصيات في القيادة التركية. وإزاء هذه القضية، تتمثل الوسيلة الأساسية للمضي قدما في دعم المشاورات متعددة الأطراف بين صناع القرار السياسي والعسكري والصناعات الدفاعية وأجهزة المخابرات ومراكز البحوث ومؤسسات البحوث الأكاديمية.
– إن استخدام أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف ضد الطيران المدني والمطارات قد يؤدي لضرر كارثي ولذلك فهناك ضرورة ملحة لإيجاد بروتوكولات جديدة لحماية أمن المطارات، وقد أظهرت حادثة مطار صبيحة نقاط الضعف في هذا المجال.
جان كاسابولو ودوروك إرغون. مركز دراسات الاقتصاد والسياسات الخارجية (إدام)