لاشك أن الانتصارات أو كما يرغب البعض في تسميتها “الفتوحات” كان محيرا ومربكا للنظام وأعوانه وداعميه، كما أفرز فرحة عارمة في الطرف الآخر، لا بل إن إصرار الثوار على تحرير حلب بعد فك الحصار عنها ما هو إلا دليل على أن زخم الثورة السورية ما زال في أوجه ولم ينطفئ هذا البريق في عيون الثوار والإقدام والإصرار على فك الحصار.
هكذا علق عبد القادر بكار مدير مكتب تيار الغد السوري في أنقرة على مجريات الأحداث في حلب وما حققه الثوار من تقدم كبير أدى إلى فك الحصار عن عشرات بل مئات الآلاف من السوريين الذين كانوا يعانون من القصف والغارات ثم أحكم النظام الحصار عليهم ليقتلهم جوعا وعطشا ونقص دواء وعلاج.
وأكد بكار، في تصريح للمكتب الإعلامي في تيار الغد السوري، أن التقدم السريع الذي حققه الثوار ومقاتلو الفصائل يؤكد أن تجربة السنوات الماضية التي خاضها الثوار في مقارعة النظام آتت ثمارها وزادت في إرادة الثوار وخبراتهم التكتيكية والعسكرية، وقد ظهر جليا التنظيم والتخطيط والانضباط والالتزام بالأوامر العسكرية ما أدى إلى تحقيق نصر كبير وبزمن قياسي غير متوقع بعد أن كانت حلب قاب قوسين أو أدنى من السقوط.
ولفت بكار إلى أن ما حدث في حلب ليس شأنا داخليا، بل إن له آثارا تتجاوز الحدود، وأضاف: نعتقد أن هناك ثلاثة أسباب للنجاح في الحملة العسكرية التي قادها الثوار لفك الحصار عن حلب: أولها المتغيرات الدولية، فليس خفيا على أحد أن التوافق غير المعلن بين روسيا وأمريكا جعل من القارة العجوز مغيبة تماما عن التأثير في الشأن السوري وانسحاب بريطانيا من منظومة اليورو ينبئ بظهور قوى عالمية جديدة، وما خروج بريطانيا إلا مقدمة لظهور هذه القوى وترؤس بريطانيا لها، وأعتقد أن هذا قد خدم المعركة بشكل غير مباشر، وأعتقد أن هناك ما تمت حياكته في الغرف المغلقة من قبل هذه القوة لدعم أو غض النظر عن معركة التحرير.
وثانيها “المتغيرات الإقليمية”، حيث يعتبر مدير مكتب تيار الغد السوري في العاصمة التركية أنقرة أن فشل الانقلاب في تركيا كان له الوقع الأبرز في هذه المعركة، حيث إن مشروع تقسيم سوريا لم يكن ليكلل بالنجاح دون دخول تركيا في حالة فوضى على الأقل، والبعد الجغرافي التركي لايمكن فصله عن البعد السوري، فدخول تركيا في حالة الفوضى ينتج التقسيم ويجعله بحكم المنتهي والأمر الواقع.
أما المتغيرات الداخلية بحسب بكار، فإن لها شقان، خارجي، تمثل بلجنة المفاوضات، حيث تم تجميدها والعمل على تمييع دورها وإفقادها الحاضنة الشعبية، ما ساعد على إيجاد شرخ بين العسكر ومن يمثلونهم في لجنة المفاوضات وصل في بعض الأحيان إلى التخوين، فأيقن العسكر أنهم عليهم الاعتماد على أنفسهم ونبذ خلافاتهم. وداخلي، تمثل بفك النصرة ارتباطها بالقاعدة وهذا الأمر أدى الى توافق كبير بين القوى العسكرية على الأرض ومهد لجلسات حوار كان نتاجها غرفة عمليات مشتركة ذات خبرات كما تكت الاستعانة بضباط من المشاة خططوا للمعركة وتمت قيادة المعركة بحرفية غير متوقعة.
وهذا أدى، بحسب ما يرى بكار، إلى عودة الحاضنة الشعبية للفصائل، فكانت اللحمة الكاملة بين المدنيين والعسكريين وهذا أهم ما ساعد على تحقيق هذه الانتصارات، ولاشك أن هذه الانتصارات لها انعكاساتها الداخلية والدولية، ففي الشأن الداخلي، عادت الثقة بين الثوار المسلحين والنشطاء المدنيين، أيضا ما جرى في حلب أصبح حافزا لباقي المدن أن تتحرك وتتوحد فصائلها فقد أيقن الثوار أن العمل الجماعي والثقة المتبادلة يمكن أن تحدث فرقا. أما في الشأن الدولي، فقد عادت الثقة للمعارضة السورية وأصبح موقفها أقوى، ولاشك أن جلسة المفاوضات القادمة لن تكون كما سابقاتها، ولكن على المعارضة أن تعيد انفتاحها وارتباطها مع الداخل والقاعدة الشعبية أولا وكسب ثقتهم لتستطيع تمثيلهم باقتدار بما ينهي المذبحة السورية وتبدأ مراحل الحل السياسي والفترة الانتقالية.
وعليه، أكد بكار إن على المعارضة السياسية عدم الخضوع لابتزاز الروس والأمريكان في تحديد هوية الفصائل المقاتلة سواء كانت معتدلة أم متطرفة، لأن هذا الموضوع المقصود به قتل الوقت لصالح النظام وعدم حسم الأمور وتركها معلقة وبقاء السوريين في نفس الحلقة المفرغة.
كما أكد على أنه يتعين على المعارضة التأكيد على أن الثورة السورية ليست لمعارضة النظام وفق المفهوم الغربي أو الشرقي المتداول حتى الآن، بل هي ثورة لاقتلاع النظام الفاشي الفاسد سواء بالحل السياسي أو العسكري وأن السوريين عازمون على إنهاء ثورتهم وتحقيق أهدافها بالتغيير والإصلاح وبناء غد سوري أفضل.