نفى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، خلال مؤتمر صحفي استثنائي وصاخب، التقارير التي تحدثت عن فوضى ودسائس في إدارته، مؤكدا أن طاقمه يعمل كما تعمل الماكينة حسنة التزييت. كما حاول خلاله تقديم صورة جديدة لرئاسته التي تتوجه إليها سهام النقد من كل الجهات.
وخلال مؤتمر صحفي “صاخب”، نقلت تفاصيله صحف وشبكات إعلامية عالمية، وكان في أحيان كثيرة شديد الغرابة، حمل الرئيس الأمريكي مرات عديدة على الإعلام متنقلا من موضوع إلى آخر، في ما وصفه منتقدون بأنه محاولة لصرف الانتباه عن علاقاته المفترضة بروسيا.
وقال ترامب موبخاً الصحفيين والإعلاميين ومراسلي الوكالات الدولية إنه يفتح التلفزيون ويتصفح الجرائد فيرى قصصاً عن فوضى تضرب أطنابها في إدارته. مضيفا “أن العكس هو الصحيح تماماً. فهذه الإدارة تعمل كما تعمل الماكينة المنصوبة بدقة رغم الحقيقة الماثلة في أنني لا أستطيع نيل الموافقة على أعضاء إدارتي”.
ولكن سرعان ما وقعت هذه الإدارة في مزيد من التخبط خلال الساعات الأولى من يوم أمس الجمعة حين تأكد أن الأدميرال “روبرت هاورد”، مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي بدلا من فلين، رفض تولي المنصب.
المؤتمر الصحفي الذي عُقد في البيت الأبيض، مساء أول أمس الخميس، تحول بسرعة إلى حلبة واسعة جال فيها ترامب للدفاع عن الأسابيع الأربعة الأولى من رئاسته والهجوم بشدة على الصحافة.
وعلى امتداد 77 دقيقة، نفى ترامب أي علاقات بين إدارته وروسيا أو معرفته باتصالات التي أجراها فريقه خلال الحملة الانتخابية بمسؤولين روس. مؤكدا أن هذه القصص ملفقة. وهاجم ترامب الإعلام قائلا إنه “غير نزيه” لنشره ما سماها “أخبارا كاذبة”. وقال إنه أنجز في الأسابيع الأربعة الأولى أكثر من أي رئيس آخر.
كما نفى ترامب تعثر قراره منع دخول المسلمين محملا القضاء مسؤولية تعطيل تنفيذ القرار، وذهب ترامب إلى أنه ورث فوضى من إدارة سلفه أوباما “في الداخل والخارج”.
وحين أُبلغ ترامب أنه مخطئ في القول إنه حصل على أكبر عدد من أصوات المجمع الانتخابي منذ الرئيس الأسبق “رونالد ريغان” في الثمانينات ردّ بالقول “إن هذه المعلومة أُعطيت لي”.
واستعرض ترامب انجازاته خلال الأسابيع الأربعة الأولى من رئاسته قائلا إنه لا يعتقد أن رئيساً منتخباً من قبله أنجز ما أنجزه هو في مثل هذه الفترة القصيرة. ومن هذه الانجازات انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، وإلغاء الضوابط التي تعيق الصناعة التحويلية، وإعداد خطط لسحق عصابات المخدرات الدولية وتعزيز الحدود.
وانتقد ترامب إدارة سلفه أوباما التي قال إنه ورث منها فوضى عارمة. مشيرا إلى “تدفق فرص العمل خارج البلد.. وهبوط الأجور وانعدام الاستقرار بالجملة في الخارج، أينما تنظر”. وأضاف “أن الشرق الأوسط كارثة”. كما تناول كوريا الشمالية قائلا إنه سيتعامل مع ملفها وملف القضايا الأخرى أيضا بقرارات ثورية.
ولكن الإعلام نال نصيب الأسد من هجمات ترامب، حيث قال إن الإعلام لا يخدم الشعب بل يخدم “مصالح خاصة”. وأعلن “أن الصحافة أصبحت غير نزيهة بحيث إننا إذا لم نتحدث عن ذلك نلحق ضررا جسيماً بالشعب الأمريكي”.
وخصّ ترامب بانتقادات محددة قنوات بث وصحفيين منفردين قائلا إنهم فقدوا ثقة الجمهور. ووصف ترامب لهجة الإعلام بأنها “لهجة كراهية”. وأضاف أن تغطية المؤتمر الصحفي نفسه ستكون مشوهة متوقعاً أن تكون مانشيتات اليوم: “دونالد ترامب يهذر ويهذي”. وقال “أنا لا أهذر ولا أهذي”.
وكانت الاتهامات بشأن اتصالات مساعدي ترامب بروسيا حاضرة في المؤتمر الصحفي بأكمله. وفي هذا الشأن قال الرئيس الأمريكي “إن التسريبات حقيقية بالكامل والأخبار كاذبة لأن الكثير من الأخبار كذب”. وذهب إلى أن كل ما يُقال عن الاتصالات بروسيا هو “أخبار كاذبة”.
سُئل ترامب مراراً عمّا إذا كان مستشاروه قد أجروا اتصالات بمسؤولين روس خلال الحملة الانتخابية. وفي النهاية ردّ بالقول “لا أحد أعرفه اتصل بروسيا”. وأضاف “كم مرة يجب أن أُجيب عن هذا السؤال؟”.
وذهب ترامب إلى حد القول إن التقارير الإعلامية عن علاقة إدارته بروسيا قد تجعل من الصعب عليه التوصل إلى اتفاق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وسخر ترامب من وزيرة الخارجية السابقة ومنافسته في الانتخابات هيلاري كلنتون لمحاولتها إعادة بناء العلاقات مع روسيا. وتحدى الحاضرين في القاعة إن كان بينهم من يعتقد أن كلنتون ستكون أكثر تشددا منه في التعامل مع روسيا.
وكانت استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، يوم الاثنين الماضي، بسبب اتصاله بالسفير الروسي في واشنطن “سيرغي كيسلياك” قد أوقعت إدارة ترامب في حالة من الاضطراب. وأكد الرئيس الأمريكي أنه طلب من فلين الاستقالة، لكنه أشاد به قائلا إنه لم يرتكب جريمة بالتحادث مع السفير الروسي.
وقال ترامب إن “القصة الحقيقية” هي قيام الاستخبارات بتسريب معلومات عن أحاديث فلين مع الروس وتفاصيل التحقيق مع مستشاري حملته.
كما حمل ترامب على التسريبات المحرجة لاتصالاته الهاتفية مع زعماء العالم مشيرا إلى أن أشخاصاً في البيت الأبيض يمكن أن يهددوا أمن الولايات المتحدة بتسريب ما سيجري مستقبلا من محادثات سرية عن طريقة التعامل مع كوريا الشمالية.
ونفى ترامب أن تكون إدارته قد حرّضت على أعمال معادية للسامية بالارتباط مع تعيين قومي يميني أبيض هو “ستيف بانون” بمنصب كبير المخططين الاستراتيجيين في البيت الأبيض، وصرخ ترامب بالصحفي الذي سأله أن يجلس في مكانه. وقال مخاطباً الصحفي “أنا أقل الأشخاص الذين رأيتهم في حياتك كلها عداء للسامية. وثانيا، عن العنصرية، أنا أقل الأشخاص عنصرية”.