كما كان متوقعا، لم ينتج عن أعمال المجموعة الدولية لدعم سوريا في اجتماعها الأخير في فيينا أي جديد رغم تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنهم اتفقوا على زيادة المساعدات ووضع جدول زمني للانتقال السياسي في سوريا، وإشارته إلى وجود تعهد بالعمل على وقف شامل لإطلاق النار، وإلزام جميع الأطراف به، وهو الأمر الذي ركز عليه سيرغي لافروف، قائلاً إن على النظام السوري الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن.
لتظل هذه التصريحات والتعهدات والمطالبات بلا قيمة طالما لم تدعم بآليات تضمن التنفيذ والتطبيق على الأرض، حيث لم يتم تحديد موعد لاستئناف المحادثات بين المعارضة والنظام ولم يتم وضع آلية ضامنة لوقف الأعمال العدائية، وحتى بالنسبة لإيصال المساعدات اقترحوا إلقاءها من الجو بدلا من القوافل البرية لعدم قدرتهم على الضغط على النظام لضمان وصولها إلى المناطق المحاصرة.
وتعليقا على مخرجات مؤتمر فيينا قال قاسم الخطيب، عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري إن نتائج أعمال المجموعة الدولية لدعم سوريا تمثل خيبة جديدة لآمال الثورة السورية في الإطاحة بنظام بشار الأسد وبدء مرحلة انتقالية جديدة، مشيراً إلى أن نتائج الاجتماع لم تبتعد كثيراً عن قرارات جنيف ومجلس الأمن.
وأوضح الخطيب في تصريح لصحيفة المدينة أن الاتفاق الذي خرج به اجتماع فيينا تمثل في ضمان وحدة سوريا، وهو أمر من المسلمات ولا يحتاج أي اتفاقيات، وإدخال المساعدات والاتفاق على إطار سياسي يضمن وحدة سوريا وعدم طائفيتها، واختيار مستقبلها عن طريق هيئة حكم انتقالي، وكل هذه البنود سبق أن نص عليها قرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن وقرار جنيف1.
وأعرب الخطيب عن تخوفه من عدم جدية المجتمع الدولي في حل الأزمة، وذلك بالتزامن مع مواقف غامضة للولايات المتحدة الامريكية وروسيا، وقال: إن الموقف الروسي برغم سلبيته من الثورة السورية إلاّ أنه يدعم بشكل واضح نظام بشار الأسد والتمسك به في السلطة، حتى لو كان ذلك ثمنه عداء العالم بأكمله، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية اجتمعت منتصف الشهر في باريس ثم اجتمعت المجموعة الدولية في فيينا ولكن لم يخرجوا بأي نتائج يمكن أن تنعكس على الثورة بشكل ملموس.
من جانب آخر، وبحسب صحيفة “الوطن” الناطقة باسم النظام فإن اجتماع فيينا كان اجتماعاً للمجاملة فقط والتقاط الصور دون أي محتوى يذكر، ونوهت الصحيفة إلى رفض واشنطن الضغط على أنقرة والرياض لوقف تسليح وتدفق “الإرهابيين” والمال، متهمة واشنطن بالسعي لإنهاك روسيا واستمرار العمل على محاصرتها دولياً وفرض العقوبات عليها، إضافة إلى تحميلها والجيش السوري مسؤولية القضاء على الإرهاب الذي زرعته ومولته، دون أن تكلف نفسها عناء الحرب التي أعلنتها فقط على داعش دون أن تفرضها، في تمثيلية باتت معروفة لدى موسكو والجميع.
وزعمت الصحيفة، المملوكة لرامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، أن اجتماع فيينا كان لاختبار النوايا و”زراعة الأفخاخ”، فمن جهة، الجميع يريد هدنة شاملة، وفي ذات الوقت، يريدون لهذه الهدنة أن تكون مبرراً لمزيد من التسليح والدعم المالي والعسكري للإرهابيين وما يسمونهم “معارضة معتدلة”، ومن جهة ثانية بات من الواضح أن واشنطن لم تعد تريد وقف الحرب قبل انتهاء إدارة باراك أوباما، بل تفضل ترحيلها إلى الإدارة القادمة نزولاً ربما عند رغبة شركائها في سفك الدماء السورية تركيا والسعودية.