إيران تصعد حملات تجنيد المرتزقة إلى سوريا

افتتحت إيران مركز تجنيد جديد في هرات بأفغانستان الخريف الماضي، وقد أقنعت –وأحيانا بالإكراه– الآلاف من الشبان الأفغان بالذهاب للقتال في سوريا.

– هرات، أفغانستان

يبدو الشاب الأفغاني بالشعر المصفف والمكسو بالجل، والذي يرتدي قمصان دولتشي وغابانا، يبدو كمصمم أزياء أكثر منه محارباً دينياً يستعد لتقديم حياته للجهاد في سوريا.

الرجل يريد ترك أفغانستان لأسباب شخصية، ولكن الأفغانيين والإيرانيين سهلوا رحلته إلى إيران، واستضافوه في طهران، رأى فرصة التجنيد لشهرين ونصف، زاره المطوع الإيراني في كل يوم تقريبا لإقناعه للقتال في خطوط المواجهة السورية مع وحدة مؤلفة جميعها من الأفغانيين مقابل وعود بحياة أفضل، حيث شعر بالضغط يزداد عليه إلى أن أذعن في النهاية.

“سوف نرسلك إلى سوريا؛ وعندما تعود سنقدم لك جواز سفر إيراني، منزلا، ومالا”، هكذا وُعد الشاب الأفغاني ذو 21 عاما عندما وصل إلى طهران. قيل له إنه سيقاتل في “حرب دينية” في سوريا.

قصته واحدة من عديد القصص التي سمعت هنا في هرات، مدينة قديمة إلى حد ما، ذات أغلبية شيعية في شمال غرب أفغانستان، تعطي نظرة ثاقبة نادرة إلى أي مدى الجمهورية الإسلامية تمعن في نشر قوات الشيعة المرتزقة من الأفغان في سوريا جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة به، ومقاتلي حزب الله اللبناني، والشيعة الذين جنّدتهم إيران من العراق وباكستان.

وجودهم ساعد في تعزيز حليف إيران، الرئيس بشار الله الأسد، و –دعم ثمانية أشهر من الغارات الجوية الروسية– مكنته من تحدي التنبؤات الدولية بزوال نظامه.

لم يعد الاستخدام الإيراني للمقاتلين الأفغان لتعزيز الوحدات المؤيدة للحكومة في الحرب السورية سرا، وهو على نحو متزايد وعلني داخل إيران. التقى آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني، في مارس عائلات الأفغان الذين قتلوا في سوريا، وأشاد بتضحياتهم، وقال: “إنني فخور بكم”.

بعض الأفغان يقاتلون عن طيب خاطر لأسباب دينية، متحمسين لتولي سبب “الدفاع عن الأضرحة الشيعية في سوريا”. آخرون يقاتلون من أجل النقود، ابتداء من $ 700 شهريا، أو يختارون تحقيق وعود بالحصول على المواطنة الإيرانية، التعليم لأطفالهم، والوظائف، إذا بقوا على قيد الحياة في الخطوط الأمامية – وهي فوائد عادة ما تأتي بعد وصول المهاجرين الأفغان الى إيران.

لا يزال آخرون من الأفغان يقرون بالإكراه والترهيب، ويقولون إنهم مواطنون من الدرجة الثانية داخل إيران –من حوالي 3 مليون أفغاني، الثلث فقط مهاجرين قانونيين– وهؤلاء يتم الاستفادة منهم. الأفغان ذوو الموقف الضعيف قانونيا في إيران قد يسهم الخوف من الترحيل في قرارهم، [الانضمام إلى الميليشيات في سوريا]، مما يجعلهم أقل طوعية، قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرها لكانون الثاني.

“سوف تموت شهيدا”

الشاب من هرات يقول إنه لم يُهدد، لكنه طلب عدم الكشف عن اسمه، ويبدو عليه الخوف عندما يروي كيف فشل توظيفه من قبل الإيرانيين والذي يقول إنه يؤمن بقضيتهم، وكانوا بوضوح مكلفين بهذه المهمة.

اعتقد، “إذا لم أقبل، فإنهم سوف يخطفوني ويقتلوني” كان خطرا جدا، تذكر أنك من المجندين. “أمامهم قبلت بكل شيء، قلت، وأنا على استعداد للمغادرة إلى سوريا للمشاركة في الحرب”. لكنني فكرت، “ماذا علي أن أفعل؟ كيف أهرب؟”.

“يرتجف مع القلق والتعرق في البداية، يقول كيف أن خطته لمغادرة أفغانستان تم تحويلها من قبل المطوعين الإيرانيين؛ وكيف شعر أنه مضطر إلى الموافقة على الانضمام إلى الحرب؛ وكيف كذب ليهرب من إيران لتفادي هذا الالتزام؛ وكيف –الآن وبعد عدة أشهر، عاد الى أفغانستان– وهو يخشى العقاب ويغطي وجهه أمام العامة لتجنب التعرف عليه.

بينما في طهران، قال إنه جاء لزيارة عمة له في شمال إيران قبل إرساله إلى سوريا ولم يعد أبدا. يدعي أن الزميل الأفغاني في هرات الذي له علاقات مع مسؤولين وساعد الشاب بالوصول إلى طهران، كان عميلا لإيران وكان عمله “جمع الشباب” للحرب في سوريا.

الثناء الإيراني على اللواء الأفغاني

أنشأت إيران وحدة كاملة من الأفغان في سوريا تُعرف ب “لواء فاطميون”، سميت نسبة لابنة النبي محمد، فاطمة، ويقدر عدد الوحدة بعدة آلاف. وألفوا أيضا قصصا دينية للدفاع عن الأضرحة الشيعة لتشجيع وتبرير وجودها على ساحة المعركة.

لسنوات، أنكرت إيران وجودهم، أو أي دور في تأسيسهم. ومع ذلك ما بعد ثناء السيد خامنئي الأخير، فإن صورة الأفغان المقاتلين في سوريا قد ازدادت في التغطية الإعلامية الإيرانية منذ العام الماضي.

صحيفة كيهان المتشددة تصف كيف أن مقاتلي “فاطميون” يمضون من 25 الى 35 يوما في”قاعدة تدريب خاصة” داخل إيران قبل إرسالهم إلى سوريا، وهناك، على نحو متزايد ومتكرر الإعلان عن دفن الأفغان “الشهداء”، لا سيما في إيران في شمال شرق مزار مدينة مشهد.

لقطات الفيديو ومقابلات الأفغان الأسرى الذين أسرهم المتمردون السوريون في وسائل الإعلام الغربية تصور الأفغان التعساء العاملين بوصفهم بوجه المدفع، بعيونهم الواسعة والضائعة يخوضون في حرب أجنبية ولا يتحدثون العربية، على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام الإيرانية تنشر تصورات محددة لانتصارات بفضل الأفغان المحاربين.

صوت البرلمان الإيراني الشهر الماضي لتوفير المواطنة إلى عائلات الشهداء الأجانب الذين لقوا حتفهم نيابة عنهم من فترة الثمانينات فصاعدا قاعدة من شأنها أن تنطبق على الأفغان المقاتلين في سوريا.

بعض الأفغان في هرات يدعون أن “تسلل” إيران قد ازداد ويرجع ذلك جزئيا لجهود التجنيد المحلية، منذ أقل من ثلاث سنوات، عندما بدا أن إيران تقوم باستراتيجية تقدمية قليلا لتفوز بالقلوب والعقول، على الرغم من توفير المساعدات الخيرية الكبيرة من نقدية للمقبلين على الزواج إلى صفقة رعاية الطلاب، وخفض أسعار الكهرباء.

من الملحوظ أن ميليشيا الباسيج الإيرانيين المتطوعين –وهي قوة إيديولوجية متعصبة تعمل تحت قيادة الحرس الثوري– نشرت افتتاح “مقر” جديد في هرات على موقع أخبار الباسيج فى سبتمبر الماضي، منذ تنزيل الصور، لم يفصح عن مكان الموقع، ربما للإشارة إلى درجة من الحذر بشأن عملياتها في بلد مجاور، لكنهم يظهرون مراسم قطع الشرائط وبضعة ضباط إيرانيين مع حفنة من الأفغان، معظمهم من المراهقين.

ابن يقاتل من أجل النقود

روخيا، أم أفغانية ذات وجه حزين ترتدي حجابا محافظا جدا وجلبابا طويلا، غير واثقة من الوعود الإيرانية من أن الإعانة سوف تصل لها، على الرغم من أن ابنها رسول قد مات في سوريا.

”أنا فخورة بهذا، أن ابني أصبح شهيدا لأسباب دينية، وأنه شارك في هذه الحرب من أجل الله“ تقول روخيا، وهي أم شيعية فقيرة: تتكلم في الطابق العلوي في مطعم في هرات يرافقها قريب لها”. علم أنه يحاربحربا دينية.

“ولكن كيف وصل رسول إلى هناك كان لغزا بالنسبة لأمه. ابنها كان متزوجا لمدة عام، ثم ترك إيران للعثور على عمل. هذا كان منذ سبع سنوات. في وظيفة الإنشاءات الأخيرة لرسول، قال رئيس العمال الإيراني لعشرين عاملا أفغانيا إنه لن يدفع لهم أجورهم إلا إذا قاموا بجولة في منطقة الحرب في سوريا. ادعت أن الرجل كان من “استخبارات الحرس الثوري”.

لقد ضغط على رسول، “لا تقل أي شيء لأمك، لا يجب أن يعلم أحد بالأمر”، تذكر روخيا، تعيد سرد القصة التي علمتها من الأقارب داخل إيران.

في البداية عرفت أنه في سوريا كان عندما اتصل بالمنزل. قال رسول إنه “في موقف سيء للغاية” لكن “ليس لديه خيار، كان هناك الكثير من الضغط”.

آخر مرة اتصل رسول، تحدث إلى أمه لمدة ثماني دقائق. أخبرها أن تقترض المال؛ وأنه سرعان ما سيكون قادرا على رد المال. وعدها بالعودة إلى إيران، وأنه سيحضرها إلى هناك.

“سوف يدفعون ثمن منزل، ونحن سوف نعيش بشكل جيد، سيكون لدينا دعما ماديا وجنسية، “رسول أخبرها بالوعود الإيرانية. علم الأقارب عن زملاء شيعة أفغان قاتلوا في سوريا، وقد كوفئوا.

نحن في حرب ونقاتل. لدي بندقية، وهذا هو عملي هنا.

ليس لدي أي وسيلة أخرى لكسب المال، “رسول قال لوالدته، مضيفا أن إيمانه سيحميه. تقول ذلك في نهاية المحادثة” كان حزينا وخائفا حقا. وكانت المرة الأولى له في الحرب.

”بعد أسابيع، اتصل قريب هاتفيا لديه أخبار: “صلي من أجل ابنك، لقد مات، قيل لروخيا. لم يعد جثمانه للمنزل؛ ولم تسلم أي إعانات لحد الآن.

تجنيد سنيّ نادر

مقاتل أفغاني آخر ومفاجأة اسمه يوسف، وهو سنيّ. “نادرا ما تم تطويع السنة من عرق البشتون المعينين من قبل إيران للقتال”، وفقا لابن عمه حسن الذي لديه لحية كثيفة وقبعة مطرزة على شكل جمجمة.

حسن ويوسف عملا غالبا في إيران، وفي العام الماضي تمت زيارة مجموعتهم الأفغانية من عمال البناء من قبل المطوعين الإيرانيين. ما أن تحدث الإيراني مع يوسف على انفراد، حتى أخبر ابن عمه أنه أراد العمل “بعيدا” وسيغيب لمدة شهرين – دون ذكر الحرب السورية.

باب التجنيد مفتوح في إيران للشيعية الأفغان، للهزارا ومساعادات الحكومة الإيرانية كانت لهم، يقول حسن، لكن العثور على السنة البشتون المستعدين للقتال أقل شيوعا بكثير.

“البشتون لا يشاركون، لكنهم يذهبون فرادا مثل ابن عمي، من أجل المال، “يقول حسن”. معظم الذين تركوا أفغانستان هم من العمال، لذلك إذا كان الأجر أعلى في الحرب يذهبون”.

كلمة من أحد الأصدقاء الهزارا في الجبهة السورية كان يوسف معهم، وقتل.”لم يخبرنا أنه أراد الذهاب إلى سوريا، “يقول حسن”. ولم يعد أبدا”.

إنها ليست مفاجأة الشعر السبايكي، الاسم-ذو اللقب الأفغاني الذي وصل إلى طهران، رفض الذهاب إلى سوريا، والآن يخفي هويته في هرات، الذي يسميها “مركز تجنيد كبير” لحرب إيران في سوريا.

“هم يجمعون الشباب في هرات”، كما يقول، “دعونا نذهب لمشاهدة معالم المدينة في إيران”. يقول مصمم الأزياء الأفغاني. هل يصدق الوعود الإيرانية بالخدمات؟

ثم يتساءل: إذا ذهب الناس إلى سوريا، فإنهم لن يعودوا، حتى الآن من يصدر هذه الأشياء؟.

كريستيان ساينس مونيتور
ترجمة عبدالله ضباب – السوري الجديد

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق