تحدث موقع ديلي بيست الأمريكي عن تفاصيل المواجهة الجوية التي وصفها بـ”السلمية” والتي دارت رحاها بين طائرات حربية روسية من جهة وأمريكية من ناحية ثانية، في سماء سوريا في الـ 16 من الشهر الجاري.
واعتبر الكاتب دايفيد آكس أن هذه المواجهة الجوية الوشيكة تؤكد أنّ الفوضى تعم سماء سوريا، حيث إنّ الأهداف التي تعمل الطائرات الروسية من أجلها تعاكس أهداف الطائرات الأمريكية، وتسلّط الضوء على التهديد المتزايد بأن تصطدم موسكو بواشنطن فوق سوريا، ما من شأنّه أن يشعل فتيل صراع أوسع بين أكبر قوتين نوويتين في العالم.
ويقول الكاتب إنّ طائرتي “سوخوي” على الأقل من طراز “سو-34″، قصفتا 200 مقاتل للمعارضة السورية مدعومين أمريكياً، وصفهم البنتاغون بـ”محصني الحدود”، في منطقة التنف على الجانب السوري من الحدود السورية الأردنية، فيما كانوا ينفذون عملية ضد مقاتلي تنظيم “داعش” في المنطقة بحسب ما أوردت الأنباء في الـ18 الجاري.
وأشار آكس إلى إنّ الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتوقعوا حصول الضربة الجوية التي أصابت عدداً من مقاتلي المعارضة بجروح والتي يُحتمل أن تكون قد أودت بحياة آخرين، ناقلاً عن صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” تأكيدها أنّه لم يسبق للمقاتلات الروسية أنّ حلّقت فوق التنف وأنّ القوات البحرية الأمريكية أطلقت طائرتان من طراز “F/A-18” بعد الغارة الأولى لاعتراض طريق المقاتلات الروسية، وأنّه مع اقتراب الطائرتين الأمريكيتين من الروسية، اتصل ضباط من مركز القيادة الأمريكية بنظرائهم الروس على الخط الساخن، الذي وضع بموجب اتفاقية تفاهم بين الاثنين، وتحدّثوا معهم مباشرة.
ومع تحليق الطيارتين الأمريكيتين بالقرب من طائرات السوخوي لتحديد موقعها، غادرت الأخيرة مجال التنف الجوي، وبعد مرور فترة من الوقت، نفذ وقود المقاتلتين الأمريكيتين فغادرتا بدورهما للتزود به. عندها عادت المقاتلات الروسية إلى التنف وقصفت مقاتلي المعارضة مجدداً، وهكذا أسفرت الغارة الثانية عن مقتل المسعفين الذين هرعوا لإنقاذ المصابين بالغارة الأولى، بحسب ذات الصحيفة.
يُشار إلى أنّ مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية عقدوا اجتماعاً استثنائياً تواصلوا خلاله عبر الفيديو مع نظرائهم الروس لمناقشة الحادثة، من دون أن يتم الإفصاح عن نتائج ما تم التوصل إليه.
فيما أكد رئيس هيئة أركان القوات الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، أن موسكو تلتزم باتفاقات دعم الهدنة والمصالحة في سوريا، قائلا: “نحن من نفد صبرنا حيال الوضع في سوريا وليس الأمريكيين”.
وشدد غيراسيموف، في بيان صحافي على أن روسيا تنفذ تعهداتها في إطار ضمان نظام وقف الأعمال القتالية في سوريا، مشيرا إلى أن “الجانب الأمريكي يواجه صعوبات مع المعارضة التي تقع تحت سيطرته”.
وأضاف غيراسيموف “برأيهم يجب اعتبار عمليات قصف المسلحين للقوات السورية والبلدات باستخدام راجمات الصواريخ المتعددة (انتهاكات غير ملموسة) لنظام وقف إطلاق النار، فيما يقال على الفور عن جميع العمليات الجوابية المتوازية على أعمال المسلحين، من قبل العسكريين السوريين، إنها ضربات غير متكافئة على المعارضة”.
ولفت الى أن مهمة حل جميع المسائل العالقة حول سوريا يقوم بها “مركز الرد السريع على انتهاكات نظام وقف الأعمال القتالية” العامل في جنيف، والذي شكلته موسكو وواشنطن، مضيفا أن ممثلين عن البنتاغون ومخابرات الولايات المتحدة والخارجية الأمريكية متواجدون في المركز مع ضباط روس يوميا على مدى 24 ساعة.
وأكد أن هناك قناة التواصل المباشر التي تعمل بشكل دائم وتخص منع وقوع حوادث في المجال الجوي السوري بين قاعدة “حميميم” الجوية الروسية ومركز تخطيط العمليات الجوية في قاعدة “العديد” الأمريكية.
وأضاف غيراسيموف: “ولهذا السبب، عندما نتلقى من إدارة البنتاغون اتهامات بأننا نستخدم قنوات التواصل بصورة غير مهنية، من الممكن أن نستنتج أنها إما لا تعلم عن قنوات التعاون العاملة أو تحصل على معلومات غير مؤكدة”.
وأشار غيراسيموف في الوقت ذاته إلى أن وزارة الدفاع الروسية ترسل إلى الولايات المتحدة معطيات حول أماكن وجود مواقع لتنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، لكن الجانب الأمريكي لا يستطيع حتى الآن الفصل بين المعارضين والإرهابيين، الأمر الذي يسمح للأخيرين باستعادة قوتهما، ما يؤدي بدوره إلى تصعيد التوتر في سوريا.
وأكد غيراسيموف أنه “ليس من الممكن أن يستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية”.